بَغَى بَعْضٌ على بَعْضٍ |
فلَمْ يُرْعُوا على بَعْضِ |
|
فقَدْ أَضْحَوْا أَحادِيثَ |
بِرَفْعِ القَوْلِ والخَفْضِ (١) |
يقول : هاتِ عُذْراً فيما فَعَلَ بعضُهُم ببعْضٍ من التّبَاغُضِ والقَتْلِ ، ولم يُرْعِ بعضُهم على بعْضٍ ، بعد ما كانوا حيَّةَ الأَرْضِ التي يَحْذَرُهَا كلُّ أَحَد ، وقيل : معناه هاتِ مَن يَعْذِرُنِي ، ومنه قولُ عليِّ بنِ أَبِي طالبٍ رضياللهعنه ، وهو يَنْظُرُ إِلى ابن مُلْجِم :
أُرِيدُ حَيَاتَه ويُريدُ قَتْلِي |
عَذِيرَكَ من خَلِيلِكَ من مُرَادِ (٢) |
يقال : عَذِيرَكَ من فُلانٍ ، بالنَّصْبِ ، أَي هَات مَنْ يَعْذِرُك ، فَعِيلٌ بمعنَى فاعل.
ويُقَال : لا يُعْذِرُك من هذا الرّجُلِ أَحدٌ ، معناه : لا يُلْزِمُه الذَّنبَ فيما تُضِيف إِليه ، وتَشْكُوه (٣) منه وفي حديثِ الإِفْكِ : «مَنْ يَعْذِرُنِي من رَجُل قد بَلَغَني عنه كذا وكذا؟ فقال سَعدٌ : أَنا أُعْذِرُكَ منه» أَي مَن يَقُومُ بعُذْري إِن كافَأْتُه على سُوءِ صَنِيعه فلا يَلُومُني ، وفي حديث أَبي الدَّرْدَاءِ : «مَنْ يَعْذِرُنِي من مُعَاويةَ؟ أَنا أُخْبِرُه عن رَسُولِ الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو يُخْبِرُنِي عن نَفْسِه (٤)» وفي حديث عليٍّ : «مَنْ يَعْذِرُنِي من هؤلاءِ الضَّيَاطِرَةِ».
وعَذيرُك : الحَالُ التي تُحَاولُهَا ، وتَرُومُها مما تُعْذَرُ عَلَيْهَا إِذَا فَعَلْتَ ، قال العَجّاجُ يُخاطِبُ امرأَتَه :
جَارِيَ لا تَسْتَنْكِرِي عَذِيرِي |
سَيْرِي وإِشْفاقي على البَعِيرِ |
يريد : يا جارِيَةُ ، فرَخّم ، وذلك أَنّه عَزَمَ عَلى السَّفَرِ ، فكان يَرُمُّ رَحْلَ ناقَتِه لسَفَرِه ، فقالت له امرأَتُه : ما هذا الذي تَرُمُّ؟ فخاطَبها بهذا الشعرِ ، أَي لا تُنكِرِي ما أُحَاوِلُ. وجَمْعُه عُذُرٌ ، مثْل : سَرِيرِ وسُرُر ، وإِنّمَا خُفِّف فقيل عُذْرٌ ، وقال حاتِمٌ :
أَمَاويَّ قد طَالَ التَّجَنُّبُ والهَجْرُ |
وقد عَذَرَتْنِي في طِلابِكُمُ العُذْرُ |
|
أَماوِيَّ إِنَّ المالَ غادٍ ورائِحٌ |
ويَبْقَى مِنَ المالِ الأَحادِيثُ والذِّكْرُ |
|
وقد عَلِمَ الأَقْوَامُ لو أَنّ حاتِماً |
أَرادَ ثراءَ المالِ كان له وَفْرُ |
والعَذِيرُ : النَّصِيرُ يقال : مَن عَذِيرِي من فُلانٍ؟ أَي مَنْ نَصِيرِي؟
والعِذَارُ من اللِّجامِ ، بالكسرِ : ما سَالَ على خَدِّ الفَرَسِ ، هو نَصُّ المُحْكَمِ. وفي التَّهْذِيبِ : وعِذَارُ اللِّجامِ : ما وَقَعَ منه على خَدَّيِ الدَّابَّةِ وقيل : عِذَارُ اللِّجَامِ : السَّيْرَانِ اللَّذَانِ يَجْتَمِعَانِ عند القَفَا ، يقال : عَذَرَ الفَرَسَ بهِ ، أَي بالعِذَارِ يَعْذِرُه ، بالكَسْر ، ويَعْذُرُهُ ، بالضّمّ شَدَّ عِذَارَهُ ، كأَعْذَرَهُ إِعْذاراً. وقيل : عَذَرَهُ ، وأَعْذَرَه ، وعَذَّرَه : أَلْجَمَهُ.
وقيل : عَذَّرَه : جَعَلَ له عِذَاراً لا غَيْر ، وأَعْذَرَ اللِّجَامَ : جَعَلَ له عِذَاراً ، وفي الحَدِيثِ : «لَلْفَقْرُ أَزْيَنُ للمُؤْمِنِ من عِذَارٍ حَسَنٍ على خَدِّ فَرَسٍ» قالوا : العِذَارَانِ من الفَرَسِ كالعَارِضَيْنِ مِنْ وَجْهِ الإِنْسَانِ ، ثمّ سُمِّيَ السَّيْرُ الذي يكونُ عليه من اللِّجامِ عِذَاراً ، باسم موضِعِه ، ج : عُذُرٌ ، ككِتَابٍ وكُتُب.
والعِذَارَانِ : جانِبَا اللِّحْيَةِ ، لأَنّ ذلك مَوضعُ العِذَارِ من الدَّابَّة ، قال رؤبةُ :
حَتّى رَأَيْنَ الشَّيْبَ ذَا التَّلَهْوُقِ |
يَغْشَى عِذَارَيْ لِحْيَتِي وَيَرْتَقِي |
وعِذَارُ الرَّجُلِ : شَعرُه النَّابِتُ في مَوْضِعِ العِذَار.
والعِذَارُ : استِوَاءُ شَعْرِ الغُلامِ ، يقال : ما أَحْسَنَ عِذَارَهُ : أَي خَطَّ لِحْيَتِه.
والعِذَارُ طَعَامُ البِنَاءِ.
والعِذَارُ : طَعَامُ الخِتَانِ.
والعِذَارُ : أَنْ تَسْتَفِيدَ شَيْئاً جَدِيداً ، فتَتَّخِذَ طَعَاماً تَدْعُو
__________________
(١) معنى يخفضونها : يسرونها ، أَي يُسِرون القول.
(٢) البيت في الكامل للمبرد ٣ / ١١١٨ ونسبه إلى عمرو بن معدي كرب قاله في قيس بن مكشوح المرادي ، وفيه : «حباءه» بدل «حياته».
(٣) بالأصل : «يضيف ... ويشكوه» وما أثبت عن اللسان.
(٤) في النهاية : رأيه.