قَبُوله ، وهو مِن قولك : بَطِرَ فلانٌ هِدَايَةَ (١) أَمْرِه ، إِذا لم يَهْتَدِ له وجَهِلَه ، ولم يَقْبَلْه ، وفي الأَساس : ومن المجاز : بَطِرَ فلانٌ النِّعْمةَ (٢) اسْتَخَفَّها فكَفَرها ، ولم يَسْتَرْجِحْها فيَشْكُرَها ، ومنه قولُه تعالَى : (وَكَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) (٣) قال أَبو إِسحاق : نَصَبَ (مَعِيشَتَها) بإِسقاط «في» وَعَمل الفِعْل ، وتأْويلُه : بَطِرَتْ في مَعِيشَتِهَا. وقال بعضُهُم : بَطِرْتَ عَيْشَكَ ليس على التَّعَدِّي ، ولكنْ على قوله : أَلِمْتَ بَطْنَكَ ورَشِدْتَ أَمْرَك وسَفِهْتَ نَفْسَكَ ، ونحوها ممّا لفظُه لفظُ الفاعِلِ ومعناه معنَى المفعول ، قال الكسائيُّ : وأَوْقَعَتِ العربُ هذه الأَفعالَ على هذه المَعَارِفِ التي خَرجتْ مفسِّرَةً لتحويلِ الفِعْل عنها وهُو لها.
وبطَره ، كنَصَرَه وضَرَبَه يبْطُرُه (٤) بَطْراً فهو مبْطُورٌ ، وبَطِيرٌ : شَقَّه.
والبَطِيرُ : المَشْقُوقُ كالمَبْذُورِ.
والبَطِيرُ : مُعَالِجُ الدَّوابِّ ، كالبَيْطَرِ كحَيْدَرٍ والبَيْطَارِ والبِيَطْرِ ـ كهزَبْرٍ ـ والمُبَيْطِرِ. ومِن أَمثالهم : «أَشْهَرُ مِن رايَةِ البَيْطَارِ». «والدُّنيا قَحْبَةٌ ؛ يوماً عند عَطّارٍ ، ويوماً عند بَيْطَارٍ» ، و «عَهْدِي بِه وهو لِدَوابِّنا مُبَيْطِرٌ ، فهو الآنَ (٥) علينا مُسَيْطِرٌ». وقال الطِّرِمّاح :
يُساقِطُها تَتْرَى بكلِّ خَمِيلَةٍ |
|
كبَزْغِ البِيَطْرِ الثَّقْفِ رَهْصَ الكَوادِنِ (٦) |
ويُرْوَى : «البَطِير» ، وقال النّابغة :
شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها |
|
طَعْنَ المُبَيْطِرِ إِذْ يَشْفِي مِن العَضَدِ (٧) |
قال شيخُنا : والمُبَيْطِرُ ممّا أَلْحَقُوه بالمُصَغَّرَاتِ وليس بمُصَغَّرٍ ، قال أَئِمَّةُ الصَّرْفِ : هو كأَنَّه مُصَغَّرٌ وليس فيه تَصْغِيرٌ ، ومثلُه المُهَيْنِمُ والمُبَيْقِرُ والمُسَيْطِرُ والمُهَيْمِنُ ، فقولُ ابنُ التِّلِمْسَانِيِّ في حواشِي الشِّفَاءِ تَبَعاً : للعَزِيزِ : وليس في الكلام اسمٌ على مُفَيْعِلٍ غيرُ مُصَغَّرٍ إِلا مُسَيْطِرٌ ومُبَيْطِرٌ ومُهَيْمِنٌ. قُصُورٌ ظاهِرٌ ، بل رُبَّمَا يُبْدِي الاستقراءُ غيرَ ما ذَكَرَ ، واللهُ أَعلَمُ.
قلتُ أَوْرَدَهم ابنُ دُرَيْدٍ في الجَمْهَرة هكذا ، وسيأْتي في ب ق ر.
وصَنْعَتُه البَيْطَرَةُ ، وهو يُبَيْطِرُ الدَّوابَّ ، أَي يُعَالِجُهَا.
ومن المجاز : البِيَطْرُ كهِزَبْرٍ : الخَيّاطُ ، رَواه شَمِرٌ عن سَلَمَةَ ، قال الراجز :
شَقَّ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمَامِ
وفي التَّهْذِيب :
باتَتْ تَجِيبُ أَدْعَجَ الظّلامِ |
|
جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمَامِ |
وفي التَّهْذِيب :
باتَتْ تَجِيبُ أَدْعَجَ الظّلامِ |
|
جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمَامِ |
قال شَمِرٌ : صَيَّرَ البَيْطَارَ خَيَّاطاً ، كما صَيَّرُوا (٨) الرَّجُلَ الحاذِقَ إِسْكَافاً.
والبَيْطَرَةُ : بهاءٍ : ثلاثةُ مواضعَ بالمَغْرِب (٩).
والبِطْرِيرُ ، كخِنْزِيرٍ ، ويُروَى بالظّاءِ أَيضاً وهو أَعلَى : الصَّخّابُ الطَويلُ اللِّسَانِ ، هكذا ضَبَطَه أَبو الدُّقَيْشِ بالطّاءِ المُهملَة.
والبِطْرِيرُ : المُتَمَادِي في الغَيِّ ، وهي بهاءٍ ، وأَكثرُ ما يُستَعْمَلُ في النِّسَاءِ ، قال أَبو الدُّقَيْش : إِذا بَطِرَتْ وتَمَادَتْ في الغَيِّ.
وبَطِرَ الرَّجلُ وبَهِتَ بمعنًى واحدٍ ، وذلك إِذا دَهِشَ فلم يَدْرِ ما يُقَدِّمُ ولا ما يُؤَخِّرُ.
وأَبْطَرَه حِلْمَه : أَدْهَشَه وَبَهَتَه عنه.
وأَبْطَرَه المالُ : جَعَلَه بَطِراً.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله هداية أمره كذا بخطه ، والذي في اللسان : هدية بكسر فسكون».
(٢) في الأساس : نعمة الله.
(٣) سورة القصص الآية ٥٨.
(٤) في اللسان : يبطُرُه ويبطِرُه.
(٥) الأساس : اليوم.
(٦) بالأصل «جميلة كنزع» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله جميلة ، الذي في اللسان هنا وفي مادة ب ز غ وفي الصحاح : خميلة وبزغ بالباء والغين ومنه المبزغ الذي يشرط به».
(٧) قوله المدرى هنا قرن الثور. والفريصة هي اللحمة التي تحت الكتف التي ترعد من الكلب ومن غيره.
(٨) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : كما صيروا ، في اللسان : صيِّر بالبناء للمجهول» وفي التهذيب فكالأصل.
(٩) في معجم البلدان : بالأندلس.