غير قياسٍ ، كما في الصّحَاح. قال ابن بَرِّيّ : ويَقْتَضِي (١) قولُه أَنّ قياسَه باحِرِيّ وكان حَقُّه أَن يَذْكُرَه ؛ لأَنّه يقال : دَمٌ باحِريّ ، أَي خالِصُ الحُمْرَةِ ، ومنه قولُ المُثَقِّبِ العَبْدِيِّ :
باحِرِيُّ الدَّم مُرُّ لَحْمُه |
|
يُبْرِيُّ الكَلْبَ إِذا عَضَّ وهَرّ |
والبَحْرِيْنِ بالتَّحْتِيَّةِ ، كذا في أُصول القاموس والصّحاح وغيرِهما من الدَّواوِين ، وفي المِصباح واللِّسَان بالأَلِف على صِيغَةِ المثنَّى المرفوعِ (٢) : د بين البَصْرةِ وعُمَانَ ، وهو من بلاد نَجْدٍ ، ويُعرَبُ إِعراب المثنَّى ، ويجوزُ أَن تَجعلَ النُّونَ محلَّ الإِعراب مع لُزُوم الياءِ مطلقاً ، وهي لغةٌ مشهورةٌ ، واقتَصر عليها الأَزهريُّ ؛ لأَنه صار عَلَماً مُفْرَداً لدلالةٍ ، فأَشْبَه المُفْرَداتِ ، كذا في المِصْبَاح. والنِّسْبَةُ بَحْرِيُّ وبَحْرَانِيُّ ، أَو كُرِهَ بَحْرِيُّ لئلا يَشْتَبِهَ بالمَنْسوب إِلى البَحْر. وهذا رُوِيَ عن أَبي محمّد اليَزِيديِّ ، قال : سَأَلنِي المَهْدِيُّ وسأَلَ الكِسَائيَّ عن النِّسْبَة إِلى البَحْرَينِ وإِلى حِصْنَيْنِ : لِمَ قالُوا : حِصْنِيٌّ وبَحرَانِيٌّ. فقال الكِسَائيُّ : كَرِهُوا أَن يقولوا حِصْنانِيُّ ؛ لاجتماع النُّونَيْن ، قال : وقلتُ أَنا : كَرِهُوا أَن يقولوا : بَحْرِيٌّ فيُشْبِهَ النِّسْبَةَ إِلى البَحْر. قال الأَزهَرِيُّ : وإِنّمَا ثَنُّوا البَحْرَيْنِ ؛ لأَنَّ في ناحِيَةِ قُرَاهَا بُحَيْرَةٌ على باب الأَحساءِ وقُرَى هَجَرَ بينها وبين البَحْرِ الأَخضَرِ عشرةُ فراسِخَ ، وقُدِّرَت البُحَيْرَةُ ثلاثةَ أَميالٍ في مِثلها ، ولا يَغِيضُ ماؤُهَا ، وماؤُها راكِدٌ زُعَاقٌ (٣) ، وقد ذَكَرَها الفَرَزْدَقُ فقال :
كأَنَّ دِيَاراً بين أَسْمِنَة النَّقَا |
|
وبين هَذَا لِيلِ البُحَيْرَةِ مُصْحَفُ |
(٤) قال الصّاغانيُّ : هكذا أَنشدَه الأَزْهَريُّ. وفي النَّقائض : النَّحيزة.
وفي اللِّسَان : قال السُّهَيْليُّ في الرَّوْض : زَعَمَ ابنُ سِيدَه في كتاب المُحْكَم أَن العَرَب تَنْسَبُ إِلى البَحْر بَحْرَانِيّ ، على غير قياسٍ ، وأَنّه من شَواذِّ النَّسَب ، ونَسَبَ هذا القولَ إِلى سيبَوَيْه والخَليل ، رَحمَهما اللهُ تعالى ، وما قالَه سيبويه قَطُّ ، وإِنما قال في شواذِّ النَّسَب : تقولُ في بَهْرَاءَ بَهْرانيّ ، وفي صَنْعَاءَ صَنْعانيّ ، كما تقول : بَحْرَانيُّ في النَّسَب إِلى البَحْرين التي هي مدينةٌ. قال : وعلى هذا تَلَقَّاه جميعُ النُّحَاة وتَأَوَّلُوه من كلام سيبويه ، قال : وإِنّمَا شُبِّهَ على ابن سيدَه لقول الخليل في هذه المسأَلة ، أَعْني مسأَلَة النَّسَب إِلى البَحْرَيْن ؛ كأَنَّهم بَنَوُا البَحْرَ على بَحْرَان ، وإِنما أَرادَ لفظَ البَحْرَيْن ، أَلا تراه يقولُ في كتاب العَيْن : يقولُ (٥) : بَحْرَانيّ في النَّسَب إِلى البَحْرَيْن. ولم يَذكُر النَّسَبَ إِلى البَحْر أَصْلاً للعلْم به ، وأَنّه على قياسٍ جارٍ. قال : وفي الغَريب المصنَّف عن اليَزيديِّ أَنه قال : إِنّمَا قالوا : بَحْرَانيّ في النَّسَب إِلى البَحْرَيْن ولم يقولوا : بَحْريّ ، ليُفَرِّقُوا بينه وبين النَّسَب إِلى البَحْر ، قال : وما زَالَ ابنُ سيدَه يَعْثُرُ في هذا الكتاب وغيره عَثَراتٍ يَدْمَى منها الأَطَلُّ (٦) ، ويَدْحَضُ دَحَضَاتٍ تخْرِجُه إِلى سَبيل مَن ضلّ (٧). قال شيخُنَا : وذَكَرَ الصَّلاحُ الصَّفَديُّ في نَكْت الهيْمَان الإِمَامَ ابنَ سيدَه ، وذَكَرَ بحثَ السُّهَيْليِّ معه بما لا يَخْلُوا عن نَظَرٍ ، وما نَسَبَه لسيبَوَيْه والخَليل فقد صَرَّح به شُرّاحُ التَّسْهيل.
ومحمّدُ بنُ المُعْتَمر ، كذا في النُّسَخ ، وفي التَّبْصير : محمّدُ بنُ مَعْمَر بن رِبْعيّ القَيْسيُّ ، بَصْريّ ثِقَةٌ ، حدَّث عنه البُخَاريُّ والجماعةُ ، مات سنةَ ٣٥٠. والعبّاسُ بنُ يَزيدَ بن أَبي حَبيب ، ويُعْرَفُ بَعبّاسَوِيْه ، حدَّث عن خالد بن الحارث ، ويَزيدَ بن زُرَيْعٍ ، رَوَى عَنْه البَاغَنْديُّ وابنُ صاعد وابنُ مخلد ، وهو من الثِّقات ، البَحْرَانيّان (٨) : مُحَدِّثانِ.
__________________
(١) في اللسان : ونقيض قوله.
(٢) حكى الزمخشري أنه بلفظ التثنية فيقولون : هذه البحران وانتهينا إلى البحرين. وفي معجم البلدان : البحرين : هكذا يتلفظ بها في حال الرفع والنصب والجر ،. ولم يسمع على لفظ المرفوع من أحد منهم (إلا قول الزمخشري المتقدم).
(٣) وقد صوّب ياقوت رأي الأزهري قال : والصحيح عندنا ما ذكره أبو منصور الأزهري ، وكان قد ذكر أقوالاً في اشتقاق البحرين عقب عليها بقوله : هذا كله تعسف لا يشبه أن يكون اشتقاقاً للبحرين (انظر معجم البلدان : البحرين).
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : هذا ليل ، جمع هذلول وهو المكان الوطىء في الصحراء ، لا يشعر به الإنسان حتى يشرف عليه ، كذا في اللسان هذل ولكنه نسب البيت هناك إلى جرير» وأسنمة النقا بضم نون اسنمة موضع كما في شرح الديوان.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله يقول ، كذا بخطه والظاهر كما في اللسان».
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله الأطل ، كذا بخطه ، والذي في اللسان «الأظل بالمعجمة ، وهو بطن الأصبغ ، ومن الإبل : باطن المنسم».
(٧) عن اللسان ، وبالأصل «سبل من طل».
(٨) كذا بالأصل ، قال ابن الأَثير في اللباب : قد تعسف السمعاني في هذه