وفارس بنُ آقْ سُنْقُر المَقْدِسِيّ ، سَمِعُوا على أَبي المُنَجَّا بنِ اللَّتِّيّ البَغْدَادِيّ.
والأَتَابِكُ سَيْفُ الدّين سُنْقُرُ الأَيُّوبِيّ ، استولَى على اليَمَنِ بعدَ قَتْلِ الأَكْرَادِ ، وبَنَى مَدرسةً بزَبِيد ، وهي الدَّحْمَانِيَّة (١) ، وتُعْرَفُ أَيضاً بالعَاصِمِيَّة بمُدَرِّسِها الفقيه نجمِ الدّين عُمَر بن عاصِم الكِنانيّ ، ومَدرسة بَأَبْيَنَ ، والمُعِزِّيَّة بتَعِزّ ، والأَتابِكِيَّة بذِي هُزَيْم بتَعِزّ ، وبها دُفِن ، ودُفِن إِلى جَنْبه الملكُ المنصورُ عُمَرُ بنُ عليِّ بنِ رَسُول.
[سنمر] : السِّنِمَّارُ ، بكسر السِّينِ والنُّونِ ، وشَدّ المِيمِ : القَمَرُ عن أَبي عمرٍو ، وقال ابنُ سِيدَه : قَمَرٌ سِنِمّارٌ : مُضِىءٌ ، حُكِيَ عن ثعلب. وقال يونس : السِّنِمّارُ : رَجُلٌ لا يَنامُ باللَّيْلِ ، وهو اللِّصّ في كلام هُذَيْلٍ ؛ لِقلَّةِ نومِه ، وقد جَعله كُرَاعُ فِنِعْلالاً وهو اسم رُومِيّ ، وليس بعربِيّ ؛ لأَن سِيبَويْه نَفَى أَن يكونَ في الكلامِ سِفِرْجال ، فأَمَّا سِرِطْراطٌ عنده ففِعِلْعالٌ من السَّرَطِ الذي هو البَلْعُ ، ونَظيرُه من الرُّومِيّة سِجِلّاط ، وهو ضَرْبٌ من الثِّيابِ.
وسِنِمّار : اسمُ رجلٍ أَعجَمِيّ إِسْكاف ، وقيل : بَنّاءٌ مُجِيد رُومِيٌّ ، قاله أَبو عُبيد ، قال شَيْخُنَا : وكأَنّه جَرَى على إِطلاقِ الإِسْكاف على كُلِّ صانع ، وهو مشهور ، والأَكثرُ إِطلاقُه على من يَشْتغِلُ النِّعَالَ خاصّةً ، بَنَى قَصْراً لبعضِ المُلُوكِ ، قيل : للنُّعْمَانِ بنِ امْرِىءِ القَيْسِ ، كذا في الصّحاح ، أَي الأَكبر ، كذا في المُضافِ والمَنْسُوب للثعالِبِيّ ، وقيل : للنُّعْمَانِ بن امْرِىءِ القَيْسِ بنِ النُّعْمَانِ بنِ امرىءٍ القَيْسِ الثّاني ، ونَصُّ أَبي عُبَيْد : للنُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ ، وزاد : فبَنَى الخَوَرْنَقَ الذي بَظَهْرِ الكُوفَةِ ، فلما فَرَغَ منه ـ قيل : كانت مُدّةُ بنائِه له عشرين عاماً (٢) ـ أَلْقَاهُ من أَعْلاه فخَرَّ مَيتاً ؛ لِئَلّا (٣) يَبْنِيَ لغيرِه مِثْلَه ، وهو نَصّ الصّحاح.
وقال أَبو عُبَيْد : فلمّا نَظَرَ إِليه النُّعْمَانُ كَرِهِ أَن يَعْمَل مثلَه لغيره ، وفي عبارةِ بعضهم : فلمّا أَتَمَّه أَشْرَفَ به على أَعلاه فَرَمَاه منه غَيْرَةً منه أَن يَبْنِيَ لغيره مثلَه ، أَو البانِي للقَصْرِ غُلَامٌ لأُحَيْحَةَ بنِ الجُلَاحِ ، وبه جَزَمَ ابنُ الأَعْرَابِيّ ، وصَحَّحه غيرُه ، قال أَبو سعيدٍ السُّكَّرِيّ : وكان قد بَنَى له أُطُمَهُ ، فلَمّا فَرَغَ من بنائِه قالَ لَهُ أُحَيْحَةُ : لقد أَحْكَمْتَهُ وأَتْقَنْتَ صَنْعَتَه قال : لا يَكُونُ شيءٌ أَوْثَقَ منه ، وإِنِّي لأَعْرِفُ حَجَراً فيه لو نُزعَ وسُلَّ من مَوْضعه لتَقَوَّضَ من عِنْدِ آخِرِه وانهدَمَ : فسأَلَهُ عن الحَجَرِ وقال : أَرِنِيهِ؟ فأَصْعَدَه فَأَراهُ مَوضِعَهُ ، فَدَفَعَهُ أُحَيْحَةُ مِن أَعلى الأُطُم فخَرّ مَيتاً ؛ لئلا يَعْلَم بذلك الحجرِ أَحَدٌ (٤).
فضُرِبَ بِهِ المَثَلُ لِمَنْ يَجْزِي الإِحْسَانَ بالإِساءَةِ.
وقال أَبو عُبَيْد : لكُلِّ من فعلَ خَيْراً فجُوزِيَ بضِدِّه.
وفي التهذيب : «جَزَاهُ جَزَاءَ سِنِمّار» في الذي يُجازِي المُحْسِنَ بالسُّوأَى ، وفي سِفْرِ السَّعَادَةِ للسَّخَاوِيّ : لمن يُكَافِىءُ بالشَّرّ على الإِحْسَانِ.
قلت : ومآلُ الكُلّ إِلى واحِدٍ ، قال الشاعر :
جَزَتْنَا بَنُو سَعْدٍ بِحُسْنِ فَعَالِنا |
|
جَزَاءَ سِنِمّار وما كانَ ذَا ذَنْبِ |
كذا في المُحْكَمِ والصّحاح.
قال شيخُنَا : وأَنشد الجاحظُ ـ في كتابِ الحَيَوَان ـ لبعْضِ العَرَبِ (٥) :
جَزانِي جَزَاهُ الله شَرَّ جَزائِه |
|
جَزاءَ سِنِمّارٍ وما كَانَ ذا ذَنْبِ |
بَنَى ذلك البُنْيَانَ عِشْرِينَ حِجَّةً (٦) |
|
تَعَالَى عليهِ بالقَرَامِيدِ والسَّكْب |
فلَمَّا انْتَهى البُنْيانُ يومَ تمَامِه |
|
وصارَ كمِثْلِ الطَّوْدِ والبَاذِخِ الصَّعْب |
رَمَى بسِنِمّار علَى أُمِّ رَأْسِه |
|
وذاكَ لعَمْرُ الله من أَعْظَمِ الخَطْبِ |
__________________
(١) عن المطبوعة الكويتية ، وبالأصل «الرحمانية».
(٢) في معجم البلدان (الخورنق) : «ستين سنة».
(٣) الصحاح : «كيلا يبني»
(٤) ورد هذا في معجم البلدان بين النعمان بن امرىء القيس وباني الخورنق سنمار.
(٥) في الحيوان للجاحظ ١ / ٢٣ : «فقال في ذلك الكلبي» وبهامشه : «نسب لشراحيل الكلبي» وفي أمالي ابن الشجري ١ / ١٠٢ عبد العزى بن امرىء القيس.
(٦) صدره في معجم البلدان الخورنق) :
سوى رمه البنيان ، ستين حجة
وفي الحيوان :
سوى رصه البنيان ، سبعين حجة
وفي ثمار القلوب فكالأصل «عشرين حجة». والقراميد عن الحيوان ومعجم البلدان ، وبالأصل «بالقلاميد» واحده قرمد كجعفر وهي الآجر ، والسكب : النحاس أو الرصاص.