الحَنِين» على معنى كُفِّي عن بعض الحَنِين فإِنَّ حَنِينَك إِلى وَطَنِك شائِقي لأَنَّه مُذَكِّر لي أَهْلِي ووَطَنِي.
والسَّجُورُ ، كصَبُور : ما يُسْجَرُ بِهِ التَّنُّور ، أَي يُوقَد ويُحْمَى ، فهو كالوَقُود لَفْظاً ومعنًى ، كالْمِسْجَر ، بالكَسْر ، والمِسْجَرة ، وهي الخَشَبَة التي يُسَاطُ بها السَّجُور في التَّنُّور ، قاله الصاغانيّ.
والمَسْجُورُ : المُوقَدُ.
والمَسْجُورُ : الفَارِغُ ، عن أَبي علِيّ.
والساجِرُ والمَسْجُور : السَّاكِنُ. وقال أَبُو عُبَيْدٍ.
المَسْجُور : الساكِن ، والمُمْتَلِىء ، معاً. وقال أَبو زَيْد : المَسْجورُ يكون المملوءَ ، ويكون الذي ليس فيه شيْءٌ ، ضِدّ.
وو المَسْجُورُ : البَحْرُ الذي ماؤُه أَكثرُ منه.
وقوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (١) فَسَّره ثَعْلب فقال : مُلِئتْ. قال ابنُ سِيدَه : ولا وَجْهَ له إِلَّا أَن تكون مُلِئَتْ نَاراً ، وجاءَ أَنَّ البحرَ يُسْجَر فيكُون نارَ جَهَنَّم ، وكان عليٌّ رضياللهعنه يقول : مَسْجُورٌ بالنَّار ، أَي مَمْلوءٌ.
قال : والمَسْجُور في كلام العرب : المَمْلُوءُ. وقد سَكَرْتُ الإِنَاءَ وسَجَرْتُه ، إِذا مَلأْتَه. قال لَبِيد :
مَسْجُورةً مُتَجاوِراً (٢) قُلَّامُها
وقال في قولِه تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (٣) أَفْضَى بعضُها إِلى بَعْض فصار بَحْراً واحِداً. وقال الرّبِيع : سُجِّرت ، أَي فاضَتْ. وقال قَتادَةُ : ذَهَبَ مَاؤُهَا. وقال كَعْب : البَحْرُ جَهَنَّم يُسْجَر. وقال الزَّجَّاج : جُعِلَت مَبانِيهَا نِيرانَها يُحَاطُ بِها أَهلُ النَّار (٤). وقال أَبو سَعِيد : بَحْرٌ مَسْجُورٌ ومَفْجورٌ. وقال الحَسَن البَصْريّ ، أَي أُضْرِمَت ناراً. وقيل : غِيضَت مِيَاهُها ، وإِنما يكون ذلِك لِتَسْجِير النار فيها ، وهذا الأَخِير من البصائر وقيل : لا يَبعُدُ الجميع ، تُخْلَط وتَفِيض وتَصِير ناراً ، قاله الأَبّيّ وغيرُه. قال شَيْخُنَا : وهذا مبنِيٌّ على جَوازِ استعمال المُشْتَرَك في معانِيه ، وهو مَذْهَب الجُمْهُور.
ثم إِنَّ قولَ المصنّف : البحرُ الذي ماؤُه أَكثرُ منه ، لم أَجِده في أُمَّهات الأُصولِ اللغَويَّة. وهُم صَرَّحُوا أَن المَسْجُورَ المملوءُ أَو المُوقَدُ أَو المفجورُ ، أَو غيرُ ذلِك ، وقد تقدَّم.
ولعلَّه أُخِذَ من قول الفَرَّاءِ ؛ فإِنّه قال في : «المَسْجُور» : اللّبَنُ الذي ماؤُه أَكثرُ من لَبَنِه ، وهو يُشِير إِلى مَعْنَى المُخَالَطَةِ ، فتَأَمَّل.
وفي الصّحاح : المَسْجُور : من اللُّؤْلُؤ : المَنْظُومُ المُسْتَرْسلُ. قال المُخَبَّل السَّعْدِيّ :
وإِذَا أَلَّمَ خَيَالُهَا طَرَفَتْ |
|
عَيْنِي فمَاءُ شُؤُونِهَا سَجْمُ |
كاللُّؤْلُؤِ المَسْجُورِ أُغْفِل في |
|
سِلْكِ النِّظَامِ فخَانَه النَّظْمُ |
ويُقال : مَرَرْنا بكُلِّ حاجِرٍ وسَاجِرٍ. الساجِرُ : المَوْضِعُ الَّذِي يأْتِي عَلَيْهِ السَّيْلُ ويَمُرّ به فيَمْلَؤُه ، على النَّسَبِ أَو يَكُونُ فاعِلاً بمعنَى مَفْعُول. قال الشَّمَّاخ :
وأَحمَى عليها ابْنَا يَزِيدَ بْنِ مُسْهِرٍ |
|
ببَطْنِ المَرَاضِ (٥) كُلَّ حِسْيٍ وساجِرِ |
وساجِرٌ : مَاءٌ باليَمَامَةِ لضَبَّةَ. قال ابنُ بَرِّيّ : يَجْتَمِع من السَّيْل ، وبه فُسِّرَ قولُ السَّفَّاح بنِ خالِدٍ التَّغْلبِيّ :
إِنَّ الكُلَاب ماؤُنا فخَلُّوهْ |
|
وساجِراً والله لَنْ تَحُلُّوهْ |
وساجِرٌ : ع آخَرُ. قال الرَّاعي :
ظَعَنَّ ووَدَّعْنَ الجَمَادَ مَلَامَةً |
|
جَمَادَ قَسَا لَمَّا دَعَاهُنَّ ساجِرُ (٦) |
وقال سَلَمَةُ بنُ الخُرْشُب :
وأَمْسَوْا حِلَالاً ما يُفرَّقُ جَمْعُهُمْ |
|
علَى كُلِّ ماءٍ بَينَ فَيْدَ وساجِرِ |
__________________
(١) سورة التكوير الآية ٦.
(٢) عن التهذيب ، وبالأصل «متحاوراً» وفي الديوان : «متجاوزاً». وصدره فيه :
فتوسطا عرض السّريّ وصدّعا
ويروى : أقلامها. والأقلام : قصب اليراع.
(٣) سورة التكوير الآية ٦.
(٤) في التهذيب : جعلت مياهها نيراناً بها يعذب أهل النار.
(٥) عن التهذيب والصحاح ، وبالأصل «المراد».
(٦) ديوانه ص ١١٤ وانظر فيه تخريجه.