ثمّ إِن الذي رُوِيَ عن ثَعْلبٍ في مَعْنَى النَّبَات إِنما هو الزَّهْرَة بالفَتْح فقط. وأَمّا التَّحْرِيك ففي الذي بعده وهو النَّوْر ، ففي كلام المُصَنِّف نَظَرٌ ، وأَنكرَ شيخُنا ما صَدَّر به المُصنّف ، وادَّعَى أَنه لا قائِلَ به أَحدٌ مُطْلقاً ، ولا يُعرف في كَلامِهم. وهو موجود في المحْكَم ، ونَسَبه إِلى ثَعْلب ، وتَبِعه المُصَنِّف ، فتَأَمَّل.
أَو النَّوْرُ الأَبيضُ. والزَّهرُ : الأَصفَرُ مِنْه ، وذلك لأَنَّه يَبْيَضُّ ثمّ يَصْفَرُّ ، قاله ابنُ الأَعرابيّ ، ونقله ابن قُتَيْبَةَ في المَعَارِف : وقيل : لا يُسمَّى الزَّهرُ حتى يَتَفَتَّح ، وقَبْلَ التَّفْتِيحِ هو بُرْعومٌ ، كما في المِصْباح. وخصّ بعضهم به الأَبيضَ ، كما في المُحْكَم. ج زَهْرٌ ، بإِسقاط الهاءِ ، وأَزهَارٌ ، وجج ، أَي جمع الجمع أَزاهِيرُ.
والزَّهْرة من الدُّنْيا : بَهْجَتُها ونَضَارَتُها.
وفي المحكم : غَضَارَتُهَا ، بالغين ، وفي المصْباح : زَهْرَةُ الدُّنْيا ـ مثْل تَمْرَة لا غير ـ : مَتَاعُهَا أَو زينَتُها (١). واغْتَرَّ له شيخُنَا فأَنْكَرَ التَّحْرِيكَ فيها مُطْلقاً ، وعَزَاه لأَكثرِ أَئِمةِ الغَرِيب ، ولا أَدْرِي كيف ذلك. ففي المُحْكم : زَهْرَةُ الدُّنيا وزَهَرَتُها : حُسْنُها وبَهْجَتُها وغَضَارَتُها. وفي التَّنْزِيل العَزِيز (زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا) (٢) بالفتح ، وهي قِراءَة العَامة بالبَصْرة ، وقال : «وهي قِرَاءَة أَهْل الحَرَمَين ، وأَكثرُ الآثارِ على ذلِك.
فَفِي الحَدِيث : «إِنَّ أَخوفَ ما أَخاف عَلَيْكُم من زَهْرَةِ الدُّنْيَا وزِينَتِهَا» أَي حُسْنها وبَهْجَتِهَا وكَثْرَةِ خَيْرها.
والزُّهْرَة بالضَّمِّ : البَياضُ (٣) : عن يَعْقُوب ، وزَاد غَيْرُه : النَّيِّرُ ، وهو أَحْسَنُ الأَلوانِ.
وقد زَهِرَ ، كفَرِحَ ، زَهَراً ، وزَهُرَ ، مثْل كَرُمَ ، وهو أَزْهَرُ بَيِّنُ الزُّهْرَةِ ، وزَاهِرٌ. وهو بَياض عِتْق. ونَقَل السُّهَيْليّ في الرَّوْضِ عن أَبِي حَنِيفةَ : الزُّهْرَة : الإِشْراقُ في أَيِّ لَوْنٍ كان. وأَنشدَ في لَوْن الحَوْذَانِ وهو أَصْفَرُ :
تَرَى زَهَرَ الحَوْذَانِ حَوْلَ رِيَاضِه |
|
يُضِيءُ كلَوْنِ الأَتْحَمِي المُوَرَّسِ |
وزُهْرَة بنُ كِلَاب بن مُرَّةَ بن كَعْبِ بن لُؤَيِّ بنِ غَالِب : أَبو حيٍّ من قُرَيْش ، وهم أَخوالُ النَّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ومنهم أُمُّه ، وهي السَّيِّدةُ آمِنَةُ ابنَةُ وَهْبِ بنِ عَبْدِ منافِ بن زُهْرَةَ : واخْتُلِفَ في زُهْرةَ هل هو اسْم رَجُل أَو امرأَة. فالذِي ذَهَب إِليه الجَوْهَرِيّ في الصّحاح وابْنُ قُتَيْبَة في المَعَارف أَنَّه اسمُ امْرأَةٍ ، عُرِفَ بها بَنُو زُهْرةَ. قال السُّهَيْليّ : وهذا مَنْكَرٌ غَيْر مَعْرُوف ، إِنما هو اسْمُ جَدِّهم ، كما قاله ابنُ إِسحاقَ. قال هِشَامٌ الكَلْبِيّ واسمُ زُهْرَةُ المُغِيرَةُ.
وزُهْرَة اسمُ أُمِّ الحَيَاءِ الأَنْبَارِيَّة المُحَدِّثَة.
وَبنُو زُهْرَةَ : شِيعَةٌ بحَلَبَ ، بل سادَةٌ نُقَباءُ عُلَمَاءُ فُقَهَاءُ مُحَدِّثون ، كَثَّرَ الله من أَمثالِهِم ، وهو أَكْبَرُ بَيْت من بُيُوت الحُسَيْن. وهم أَبو الحَسَن زُهْرَةُ بنُ أَبِي المَوَاهِب عَلِيِّ بن أَبِي سَالِم مُحَمَّد بن أَبِي إِبراهيمَ مُحَمَّدٍ الحَرَّانيّ ، وهو المُنْتَقِلُ إِلى حَلَبَ ، وهو ابنُ أَحمدَ الحِجَازِيّ بن مُحَمَّد بن الحُسَيْن ـ وهو الذي وَقَعَ إِلى حَرَّانَ ـ بن إِسحاقَ بن محمّدٍ المُؤْتَمن بن الإِمامِ جعْفرٍ الصادِقِ الحُسينيّ الجَعْفَرِيّ.
وجُمْهُورُ عَقِبِ إِسحاقَ بنِ جَعْفرٍ ينَتِهي إِلى أَبي إِبراهيمَ المذكور. قال العُمَرِيّ النَّسَّابة كان أَبو إِبراهِيمَ عالِماً فاضلاً لَبِيباً عاقلاً ، ولم تكن حالُه واسعةً ، فزَوَّجهُ أَبُو عَبْدِ الله الحَسَنِيّ الحَرَّانِيُّ بن عبدِ الله بن الحُسَيْن بنِ عبد الله بن عليّ الطَّبِيب العَلَوِيّ العُمَريّ بِنْتَه خَدِيجَةَ ، وكان الحُسَيْن العُمَرِيّ متقدِّماً بحَرَّانَ مُسْتَوْلِياً عَلَيْهَا ، وقَوِيَ أَمرُ أَوْلادِهِ حتَّى استَوْلَوْا على حَرَّانَ ومَلَكُوهَا على آلِ وَثّابٍ. قال : فأَمدَّ الحُسَيْنُ العُمَريّ أَبَا إِبرَاهِيمَ بمالِه وجاهِه ، وخَلَّف أَوْلَاداً سادَةً فُضَلاءَ. هذا كلامه. وقال الشَّرِيف النَّجَفِيّ في المُشَجَّر : وعَقِبُه من رَجُلَيْنِ : أَبِي عَبد الله جَعْفرٍ نقِيبِ حَلَب ، وأَبي سَالِمٍ محمَّد. قلْت : وأَعقبَ أَبُو سَالَمٍ من أَبِي المَوَاهِبِ عَلِيٍّ ، وهو من أَحْمَد وزُهْرَة. قال : أَحمَدُ هذا يَنْتَسِب إِليه الإِمَامُ الحَافِظُ شَرَف الدّين أَبُو الحُسَيْن عَلِيّ بن محمّد بن أَحمدَ بن عَبدِ الله ابن عيسى بن أَحمَدَ ، وآل بيته ، وأَعقَبَ زُهْرَةُ من أَبِي سالمٍ عليٍّ والحَسَنِ. فمِن وَلَدِ عليٍّ الشريفُ أَبو المكارم حَمْزَة بنُ عليٍّ المعروفُ بالشَّرِيف الطاهر. قال ابنُ العَدِيم في تاريخ حَلَب : كان فَقيهاً أُصُولِيًّا نَظَّاراً على مَذْهبِ الإِمامِيَّة. وقال ابن أَسْعَد الجوّانيّ : الشَّرِيفُ الطاهرُ عِزُّ الدِّينِ أَبو المكارمِ حَمْزَةُ ، وُلِدَ في
__________________
(١) في المصباح : وزينتها.
(٢) سورة طه الآية ١٣١.
(٣) في القاموس : «وبالضم : البياضُ والحسنُ» وفي اللسان : «الحسن والبياض» واقتصر في الصحاح على البياض كالأصل.