وفَحْلٌ حَاسِرٌ وفَادِرٌ وجَافِر : أَلْقَحَ (١) شَوْلَه وعَدَلَ عنِ الضِّرابِ ، قاله أَبُو زَيْد ، ونَقَلهُ الأَزْهَرِيّ. قال : ورَوَى هذَا الحَرْفُ : فحْلٌ جَاسِرٌ ، بالجِيم ، أَي فادِر ، قال : وأَظُنُّه الصَّوابَ.
والتَّحْسِيرُ : الإِيقاعُ في الحَسْرَةِ والحَمْلُ عَلَيْها. وبه فُسِّرَ بعضُ حَدِيثِ أَمِيرِ العُصَبِ المُتَقَدِّم.
والتَّحْسِيرُ : سُقُوطُ رِيشِ الطَّائِرِ. وقد انْحَسَرَتِ الطَّيْرُ ، إِذَا خَرَجَتْ من الرِّيشِ العَتِيق إِلى الحَدِيثِ. وحَسَّرَهَا إِبَّانُ ذلك ثَقَّلَه لأَنَّه فُعِلَ في مُهْلَةٍ. قال الأَزْهَرِيّ : والبَازِيُّ يُكَرَّزُ للتَّحْسِيرِ (٢) وكذلك سَائِرُ الجوارحِ تتحسَّرُ.
والتَّحْسِيرُ التَّحْقِيرُ والإِيذَاءُ والطَّرْدُ ، وبه فُسِّرَ بعضُ حدِيثِ أَمِيرِ العُصَبِ ، وقد تَقَدَّم.
وبَطْنُ مُحَسِّرٍ ، بكسْر السِّين المُشَدَّدَة : وادٍ قُرْبَ المُزْدَلِفَةِ ، بين عرَفَات ومِنًى. وفي كُتُبِ المَنَاسِكِ : هو وادِي النَّار. قيل : إِنَّ رجُلاً اصْطادَ فيه فنَزَلَتْ نارٌ فَأَحْرَقَتْه ، نقَلَه الأَقْشَهْرِيُّ في تَذْكِرتِه. وقيلَ : لأَنَّه مَوْقِفُ النَّصَارى.
وأَنْشَدَ عُمَرُ رَضِيَ الله عنْهُ حين أَفَاضَ مِنْ عرفَةَ إِلى مُزْدَلِفَةَ وكَانَ في بَطْنِ مُحْسِّرً :
إِليكَ يَعْدُو قَلِقاً وَضِينَا |
|
مُخَالِفاً دِينَ النَّصَارَى دِينَا |
وكذا قَيْسُ بْنُ المُحَسِّرِ (٣) الكِنَانِيُّ الشَّاعِرُ الصَّحابِيُّ ، فإِنَّه بكَسْرِ السِّين المُشَدَّدة. وقيل : المُسَحِّر ، وقيل المُسَخِّر ، أَقْوال.
وتَحَسَّرَ الرّجلُ : تَلَهَّفَ. ولا يَخْفَى أَنَّه لو قالَ عند ذِكْرِ الحَسْرة وتَحَسَّر : تَلَهَّفَ ، كان أَجمَعَ للأَقْوالِ وأَحْسَنَ في التَّرْصِيف والجَمْع ، مع أَنه خَالَف الأَئمَّة في تَعْبِيرِه ، فإِنَّهُم فسَّرُوا الحَسْرَةَ والحَسَرَ والحَسَرَانَ بالنَّدَامَةِ على أَمْرٍ فَاتَه ، والتَّحْسِير بالتَّلَهُّفِ. ففي كلامه تَأَمُّل منْ وجُوهٍ. وتَحَسَّرَ وَبَرُ البَعِيرِ ، والذي في أُصولِ اللُّغَة (٤) : وتَحَسَّر الوَبَرُ عن البَعِيرِ ، والشَّعَرُ عن الحِمار ، إِذا سقَطَ واقْتَصَرُوا على ذلك. ومنه قولُ الشَّاعِر :
تَحَسَّرتْ عِقَّةٌ عنْه فَأَنْسلَهَا |
|
واجْتَابَ أُخْرَى جَدِيداً بَعْدَمَا ابْتَقَلَا |
وفي الأَساسِ : وتَحَسَّرَ الطَّيْرُ : أَسْقَطَ رِيشَه. وزاد المُصَنِّف قولَه مِنَ الإِعْيَاءِ. ولَيْس بقَيْدٍ لَازِمٍ ، فإِنَّ السُّقُوطَ قد يَكُونُ في البَعِيرِ من الأَمراضِ ، إِلَّا أَن يُقَالَ : إِن الإِعياءَ أَعَمُّ.
وتَحَسَّرتِ الجَارِيةُ وكذا النَّاقَةُ ، إِذا صَارَ لَحْمُهَا في مَوَاضِعه. قال لَبِيدٌ :
فإِذا تَغَالَى لَحْمُها وتَحَسَّرَتْ |
|
وتَقَطَّعَتْ بَعْدَ الكَلَالِ خِدَامُهَا (٥) |
وقال الأَزهريّ : تَحَسَّر البَعِيرُ إِذا سَمَّنَه الرَّبِيعُ حَتَّى كَثُرَ شَحْمُه وتَمَكَ سَنَامُهُ ، أَي طَالَ وارْتَفَع وتَرَوَّى واكْتَنَزَ ثُمَّ رُكِبَ أَيَّاماً. ونَصُّ التَّهْذِيب : فإِذَا رُكِبَ أَيّاماً فَذَهَب رَهَلُ لَحْمِه واشْتَدَّ بعْدَ (٦) ما تَزَيَّمَ مِنْه ، أَي اشتَدَّ اكْتِنَازُه في مَوَاضِعِهِ فقد تحَسَّرَ.
* ومما يُسْتَدْركُ عليه :
الحُسَّرُ ، كسُكَّر هم الرَّجَّالةُ في الحَرْب ، لأَنَّهُم يَحْسِرُون عن أَيْدِيهِم وأَرْجُلِهم ، أَو لأَنّه لا دُرُوعَ عَلَيْهِم ولا بَيْضَ.
ومنهحَدِيثُ فَتْحِ مَكَّةَ «أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ كَان يَوْمَ الفَتْح على الحُسَّرِ». ورجل حَاسِرٌ : لا عِمَامَةَ على رَأْسِه.
وامرأَةٌ حَاسِرٌ ، بغيرِ هاءٍ ، إِذا حَسَرَتْ عنها ثِيابَها.
وفي حَدِيثِ عَائِشَةَ رضياللهعنها : «وسُئلتْ عن امرأَةٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا وتَزَوَّجَها رَجُلٌ فتحسَّرَتْ بَيْنَ يَدَيْه» أَي قَعدَتْ حَاسِرَةً مكشوفَةَ الوَجْهِ.
__________________
(١) عن التهذيب وبالأصل «لقح».
(٢) عن التهذيب ومنه الضبط ، وفي الأصل «يكرر التحسير» وضبطت يَكْرِز في اللسان بتخفيف الراء المكسورة.
(٣) ضبطت في أسد الغابة بضم الميم وفتح الحاء والسين المهملتين. عن ابن ماكولا. وفي التكملة فكالقاموس.
(٤) ومثله في التهذيب واللسان ، وفي الصحاح فكالقاموس.
(٥) في الأساس : «وحسرت الطير : أسقطت ريشها» وفيه أيضاً : وتحسر الوبر عن الإبل ، والريش عن الطير.
(٦) الأصل واللسان ، وسقطت من التهذيب.