وجَمَّر الجيشَ تَجْمِيراً ، وفي بعض الأُصُول : الجُنْد : حَبَسهم وأَبْقاهم في أَرضِ ، وفي بعض الأُصول : في ثَغْر العَدُوِّ ولم يُقْفِلْهم ، من الإِقفال وهو الإِرْجاعُ ، وقد نُهِي عن ذلك. وقال الأصمعيُّ : جمَّر الأَميرُ الجيشَ ، إِذا أَطالَ حبْسهم بالثَّغْر ، ولم يأْذَن لهم في القَفْل إِلى أَهالِيهم ، وهو التَّجْمِيرُ ، ورَوَى الرَّبِيعُ أَن الشافِعِيَّ أَنشدَه :
وجمَّرْتَنَا تَجْمِيرَ كِسْرَى جُنُودَهُ |
|
ومنَّيتَنا حتى نَسِينا الأَمانِيَا |
وفي حديثِ عُمر رضيَ الله عنه : «لا تُجمِّرُوا الجيشَ فتَفْتِنُوهم». قالوا : تَجْمِيرُ الجيشِ : جَمْعُهم في الثُّغُور ، وحَبْسُهم عن العوْد إِلى أَهْلِيهم. ومنهحديثُ الهُرْمُزانِ : «إِنّ (١) كِسْرَى جَمَّرَ بُعُوثَ فارِسَ». وفي بعض النُّسخ : «ولم يَنْقُلْهم» ؛ من النَّقْل بالنون والقاف ، وفي أُخرى : «ولم يُغفلهم» مِن الغَفْلة. وكله تحريفٌ ، والصّوابُ ما تَقَدَّمَ.
وقد تَجَمَّروا واسْتَجْمرُوا ، أَي تَحبَّسُوا.
والمِجْمَرُ ، كمِنْبَر : الذي يُوضَعُ فيه الجَمْرُ بالدُّخْنَةِ.
وفي التَّهذِيب : قد يُؤَنَّثُ ، كالمِجْمَرَةِ ، قال : مَن أَنَّثَه ذَهَب به إِلى النار ، ومَن ذَكَّرَه عنَى به المَوْضِعَ. جَمْعُهما مجامِرُ.
وقال أَبو حنيفةَ : المِجْمَرُ : العُودُ نَفْسُه ، وأَنشدَ ابنُ السِّكِّيتِ :
لا تَصْطَلِي النّارَ إِلّا مِجْمراً أَرِجاً |
|
قد كَسَّرَتْ مِن يَلَنْجُوجِ له وَقَصَا |
البيتُ لحُمَيْدِ بنِ ثَوْرٍ الهِلاليِّ يصفُ امرأَةً ملازِمةً للطِّيب ، كالمُجْمَرِ ، بالضمّ فيهما. قال الجوهريُّ : ويُنْشَدُ البيتُ بالوَجْهَيْن.
وقد اجْتَمَرَ بها ، أَي بالمِجْمَر.
والجُمّارُ ، كرُمانٍ : شَحْمُ النَّخْلَةِ الذي في قِمَّةِ رَأْسِها ، تُقْطَعُ قِمَّتُهَا ، ثُمّ يُكْشَطُ عن جُمّارةٍ في جوْفها بيضاءَ ، كأَنها قطعةُ سنام ضخمةٌ ، وهي رَخْصةٌ ، تُؤْكَلُ (٢) بالعَسَل والكافُور ، يُخْرَجُ مِن الجُمّارَةِ بين مَشَقِّ السَّعفَتَيْنِ ، كالجَامُورِ ، وهذه عن الصَّاغانيُّ.
وقد جَمَّرَ (٣) النخلَةَ : قَطَعَ جُمّارَهَا أَو جامُورَهَا ، وقد تَقَدَّمَ في كلام المصنِّف.
والجَمَارُ ، كسَحَابٍ : الجَماعةُ. والجَمار : القَومُ المُجْتَمِعُون.
وقال الأَصمعيُّ : نجد (٤) فلان إِبلَه جَمَاراً ، إِذا عَدَّها ضَرْبَةً واحدةً ، ومنه قول ابنِ أَحمرَ :
وظَلَّ رِعَاؤُها يَلْقَوْن منْها |
|
إِذا عُدَّتْ نَظائِرَ أَو جمَارَا |
قال : والنَّظَائر : أَن تُعَدَّ مَثْنَى مثْنَى ، والجَمار : أَن تُعَدَّ جماعةً ، ورَوَى ثعلبٌ عن ابن الأَعرابيِّ (٥) عن المُفَضَّل :
أَلَمْ تَر أَنَّنِي لاقَيْتُ يوماً |
|
مَعاشِرَ فيهمُ رَجُلٌ جمَارَا |
فَقِيرُ اللَّيْلِ تَلْقَاه غَنِيّاً |
|
إِذا ما آنَسَ اللَّيْلُ النَّهَارا |
قال : يقال : فلانٌ غَنِيُّ اللَّيْلِ ، إِذا كانت له إِبلٌ سُودٌ تَرْعَى (٦) باللَّيْل. كذا في الِّلسَان.
وقد جاءُوا جُمَارَى ، ويُنَوَّنُ ، وهذا عن ثعلبٍ ، أَي بأَجْمَعهِم. وإِنكارُ شيخِنا التنوينَ ، وأَنه لا يَعْضُده سَماعٌ ولا قِياسٌ ، محَلُّ تَأَمُّلٍ.
وأَنشدَ ثعلَبٌ :
فمنْ مُبْلِغٌ وَائِلاً قَوْمَنَا |
|
وأَعْنِي بذلك بَكْراً جُمَارَا |
__________________
(١) بالأصل : «إلى» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : إلى كسرى ، الذي في اللسان : «إِن بدل إلى».
(٢) عن التهذيب واللسان ، وبالأصل «يؤكل».
(٣) ضبطت عن الأساس بالتشديد وضبطت في اللسان وجَمَرَ بتخفيف الميم.
(٤) كذا بالأصل ، وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : نجد فلان ، كذا بخطه بالجيم ، وفي اللسان بالحاء ، وبهامشه ما يقتضي أنه ربما يكون محرفاً عن «عدّ» بدليل ما بعده ، اه ومما يؤيده عبارة المفضل الآتية» وفي التهذيب : «عدّ فلانٌ».
(٥) في التهذيب : أنه سأل المفضل عن قول الشاعر ، وذكر البيتين ، فقال : هذا مقدم أريد به التأخير ومعناه : لاقيت معاشر جماراً ، أي جماعة فيهم رجل فقير الليل ، إذا لم تكن له إبل سود ، وفلان غني الليل إذا كانت له إبل سود تُرى بالليل.
(٦) التهذيب : تُرى.