والجَشْرُ : أَن تَنْزُوَ خَيْلُكَ : وفي اللسان : أَن تَخْرُجَ بخَيْلِكَ فتَرعَاهَا أَمامَ بَيتِك.
والجَشْر : التَّرْكُ والإِرسالُ ، والتَّبَاعُد ، كالتَّجْشِير. وفي حديث أَبي الدَّرْدَاءِ : «مَن تَرَكَ القرآنَ شَهْرَيْنِ فلم يَقرأْه فقد جَشَرَه». والجَشَر ، بالتَّحْرِيك : المالُ الذي يَرْعى في مكانه ، لا يَرْجِعُ إِلى أَهْلِه باللَّيْل. مالٌ جَشَرٌ : لَا يَأْوِي إِلى أَهله ، قاله الأَصمعيُّ. وكذلك القَومُ يَبيتُون مع الإِبل في المَرْعَى ، لا يَأْوُون بُيُوتَهم. وقد أَصبحوا جَشْراً وجَشَراً. وفي حديث عثمانَ رضياللهعنه : «لا يَغُرَّنَّكُم جَشَرُكم مِن صَلاتِكم ؛ فإِنما يَقْصُرُ الصلاةَ مَن كان شاخِصاً أَو يَحْضُرُه (١) عَدُوٌّ». قال أَبو عُبَيْدٍ : الجَشَرُ : القومُ يَخْرجُون بدَوابِّهم إِلى المَرْعَى ، ويَبِيتُون مَكانَهم ، لا يَأْوُونَ البُيُوتَ (٢) ، ورُبَّما رَأَوْه سَفَراً فَقَصرُوا الصلاةَ ، فنَهَاهم عن ذلك ؛ لأَن المُقَامَ في المَرْعَى وإِن طالَ فليس بسفَرٍ ، وأَنشدَ ابن الأَعرابيِّ لابن أَحْمَرَ في الجَشْر :
إِنّكَ لو رأَيتَنِي والقَسْرَا |
|
مُجَشِّرين قد رَعَيْنا شَهْرَا |
لم تَرَ في الناس رِعَاءً جَشْرَا |
|
أَتَمَّ مِنَّا قَصَباً وسَبْرَا |
قال الأَزهريّ : أَنْشَدَنِيه المُنْذِرِيُّ عن ثَعْلَبٍ عنه ، وقال الأَخطل :
يَسْأَلُه الصُّبْرُ مِن غَسّانَ إِذْ حَضَرُوا |
|
والحَزْنُ كيفُ قَراكَ الغِلْمَةُ الجَشَرُ |
الصُّبْرُ والحَزْنُ : قَبِيلتانِ من غَسّانَ. قال ابن بَرِّيّ : وهو مِن قصيدة طَنّانةٍ من غُرَرِ قصائدِ الأَخطلِ يُخاطِبُ فيها عبدَ المَلِكِ بنَ مَرْوانَ :
يُعَرِّفُونكَ رَأْسَ ابنِ الحُبَابِ وقد |
|
أَضْحَى وللسَّيْفِ في خَيْشُومِه أَثَرُ |
لا يَسْمَعُ الصَّوْتَ مُسْتَكًّا مَسامِعُه |
|
وليس يَنْطِقُ حتى يَنْطِقَ الحَجَرُ |
قال يصفُ قَتْلَ عُمَيْرِ بنِ الحُبَابِ ، وكَوْنَ الصُّبْرِ والحَزْنِ يقولون له بعدَ موتِه ، وقد طافُوا برأْسِه : كيف قَراكَ الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟ وكان يقولُ لهم : إِنما أَنتم جَشَرٌ لا أُبالِي بكم.
والجَشَرُ : مصدرُ جَشِرَ يَجْشَرُ ، كفَرِحَ : أَن يَخْشُنَ طِينُ السّاحِلِ ويَيْبَسَ كالحَجَرِ ، قاله أَبو نَصْر.
وقال شَمِرٌ : ومكانٌ جَشِرٌ ، ككَتِف ، أَي كثيرُ الجَشَرِ.
وقال الرِّياشِيّ : الجَشَرُ : حِجارةٌ في البَحْرِ خَشِنَةٌ. وعن ابن دُرَيْدٍ : الجَشْرُ والجَشَرُ : حجارةٌ تَنْبُتُ في البَحْر. وقال اللَّيْث : الجَشَرُ : ما يكونُ في سواحِلِ البحرِ وقَرارِه من الحَصَى والأَصْداف ، يَلْزَقُ بعضُه (٣) ببعضٍ ، فيَصِيرُ حَجَراً تُنْحَتُ منها (٣) الأَرْحِيَةُ بالبَصْرَة ، لا تَصْلُحُ للطَّحْن (٤) ، ولكنها تُسَوَّى لِرُؤُوسِ البَلالِيع.
ومِن المجاز : الجَشَرُ : الرَّجلُ العَزَبُ عن أَهله في إِبله ، كالجَشِير.
وجَشَرَ عن أَهله : سافَرَ.
وفي اللِّسَان : قومٌ جُشْرٌ وجُشَّرٌ : عُزّابٌ في إِبلِهم.
والجَشَرُ والجشر : بُقُولُ الرَّبِيعِ. وفي اللِّسَان : بَقْلُ الرَّبِيع.
والجَشَرُ : خُشُونَةٌ في الصَّدْرِ ، وغِلَظٌ في الصَّوْت ، وسُعَالٌ ، وفي التَّهْذِيب : بَحَحٌ في الصَّوت ، [كالجُشْرَةِ] (٥) بالضمّ فيهما ، أَي في الخُشُونة والغِلَظ ، عن اللِّحْيانيّ. وقد جَشِرَ ـ كفَرِحَ ـ وجُشِرَ ـ مثل عُنِيَ ـ فهو أَجْشَرُ ، وهي جَشْرَاءُ. وقد خالَفَ هنا اصطلاحَه (٦) : وهي بهاءٍ ، فلْيُنْظَرْ.
وفي التَّهْذِيب : يقال : به جُشْرَةٌ ، وقد جَشِرَ.
وقال اللِّحْيانيّ : جُشِرَ جُشْرَةً ، قال ابن سِيدَه : وهذا نادِرٌ ، وقال : وعندِي أَن مصدرَ هذا إِنما هو الجَشَرُ.
__________________
(١) التهذيب : «بحضرة» وفي النهاية واللسان فكالأصل.
(٢) النهاية واللسان : لا يأوون إلى البيوت.
(٣) اللسان : «بعضها ... فتصير ... منه» وفي التهذيب : «يلزم» والمراد : الالتحام.
(٤) في التهذيب : للطحين.
(٥) زيادة عن القاموس ، وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : أي في الخشونة ، أَلجأه لهذا التفسير سقوط لفظ : الجشرة من نسخة المتن الذي بيده وإلا فالأنسب رجوع الضمير للجشر والجشرة».
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وقد خالف اصطلاحه فيه أن الواحد هنا ليس بالتاء بل بالألف».