ومِن المَجَاز : أَجْزَرَ الشَّيْخُ : حانَ له أَن يَمُوت ؛ وذلك إِذا أَسَنَّ ودَنَا فَنَاؤُه ، كما يُجْزِرُ النَّخْلُ. وكان فتْيَانٌ يقولون لشَيْخ : أَجْزَرْت يا شيْخُ ؛ أَي حان لك أَن تَمُوتَ ، فيقول : أَيْ بَنِيَّ ، وتُحْتَضَرُون (١) ، أَي تمُوتُونَ شَباباً ، ويُرْوَى : أَجْزَزْتَ مِن أَجزَّ البُسْرُ ، أَي حانَ له أَن يُجَزَّ.
والجَزّارُ ، كشَدّادٍ ، والجِزِّيرُ ، كسِكِّيت : من يَنْحَرُه ، أَي الجَزُورَ ، وكذلك الجازِرُ ، كما في الأَساس.
وهي أَي الحِرْفَةُ الجِزَارَةُ ، بالكسر ، على القِياس.
والمَجْزَرُ ، كمقْعَدٍ : مَوْضِعُه ، أَي الجَزْرِ ، ومثلُه في المِصباح ، وصَرَّح الجوهريُّ بأَنّه بالكسر ، أَي كمَجْلِس ، وهو الذي جَزَمَ به الشيخُ ابنُ مالكٍ في مصنّفاته ، وقال : إِنه على غير قِياس ؛ لأَن مُضارِعَه مضمومٌ ، ككَتَب ، فالقِيَاسُ في «المفعل» منه الفتحُ مطلقاً (٢) ، وورُودُه في المَكَان مكسوراً على غيرِ قِياس.
والجُزَارَةُ من البَعِير ، بالضمّ : اليَدانِ والرِّجْلانِ والعُنُقُ (٣) ؛ لأَنها لا تَدخُل في أَنْصِباءِ المَيْسِر وإِنما هي عُمَالَةُ الجَزّارِ وأُجْرَتُه. قال ابن سِيدَه : وإِذا قالُوا في الفَرَس : ضَخْمُ الجُزَارَةِ ؛ فإِنما يُرِيدُون غِلَظَ يَدَيْه ورِجْلَيْه ، وكَثْرَةَ عَصَبِهما ، ولا يُرِيدُون رأْسَه ؛ لأَن عِظَمَ الرَأْسِ في الخَيْل هُجْنَةٌ ، قال الأَعْشَى :
ولا نُقاتِلُ بالعِصِيِّ |
|
ولا نُرَامِي بالحِجارَهْ |
إِلّا عُلالَةَ أَو بُدَا |
|
هَةَ قَارِحٍ نَهْدِ الجُزَارَهْ |
والجَزِيرَةُ : أَرضٌ يَنْجَزِرُ عنها المَدُّ. وقال الأَزهريّ :
الجَزِيرَةُ : أَرضٌ في البَحْر يَنْفَرِجُ منها (٤) ماءُ البَحْرِ فَتَبْدُو ، وكذلك الأَرضُ التي لا يَعْلُوهَا السَّيْلُ ، ويُحْدِقُ بها ، فهي جَزِيرَةٌ. وفي الصّحاح : الجَزِيرَةٌ : واحِدَةُ جَزائِرِ البَحْرِ ؛ سُمِّيَتْ بذلك لانقطاعِها عن مُعْظَم الأَرْضِ. والجَزِيرَةُ : أَرضٌ بالبَصْرَةِ ذاتُ نَخِيلٍ ، بينها وبين الأُبُلَّةِ ، خُصَّتْ بهذا الاسمِ.
وجَزِيرَةُ قُورَ (٥) ، بضمّ القاف : مَوضعٌ بعَيْنِه ، وهو ما بين دِجْلَةَ والفُرَاتِ ، وبها مُدُنٌ كِبارٌ ، ولها تاريخٌ أَلَّفَه الإِمامُ أَبو عَرُوبَة الحَرّانِيُّ ، كما نَصَّ عليه ياقوتٌ في المُشْتَرَك.
والنِّسْبَةُ جَزَرِيٌّ كالرَّبَعِيُّ إِلى رَبِيعةَ ، وقال أَبو عُبَيْد : وإِذا أُطْلِقَتِ الجَزِيرَةُ ولم تُضَفْ إِلى العَرَبِ فإِنما يُرادُ بها هذه.
والجَزِيرَةُ الخَضْراءُ : د ، بالأَنْدَلُسِ في مُقَابَلتها إِلى ناحية الغَرْب ، ولا يُحِيطُ به ماءٌ ، وانما خُصَّ بهذا الاسم (٦).
والنِّسْبَةُ جَزِيرِيٌّ ؛ لِرَفْعِ الالتباسِ.
والجَزِيرَةُ الخَضْراءُ : جَزِيرةٌ عظيمةٌ بأَرْضِ الزَّنْجِ ، فيها سُلْطَانَانِ لا يَدِينُ أَحدُهما للآخَر. ذَكَرَه الشَّرِيفُ الإِدْرِيسِيُّ في عجائِب البُلْدان.
وأَهْلُ الأَنْدَلُسِ إِذا أَطْلَقُوا الجَزِيرَةَ (٧) أَرادُوا بها بلادَ مُجَاهِدِ بنِ عبدِ الله شَرْقِيَّ الأَنْدَلُسِ. قال شيخنا : ولعلَّه اصطلاحٌ قديمٌ لا يُعْرَفُ في هذه الأَزمان.
وجَزِيرَةُ الذَّهَب : موضعانِ بأَرض مِصْرَ ، أَحَدُهما بحِذاءِ قَصْرِ الشَّمْع ، والثاني (٨) حِذَاءَ فُوَّة بالمَزاحمتين.
وجَزيرَةُ شُكَرَ (٩) ، كأُخَرَ : د ، بالأَنْدَلُس ، قال شيخُنا : المعروف أَنها جَزيرَةُ شُقَرَ ـ بالقاف ـ وإِنما يقولُها بالكاف مَن به لَثْغَةٌ. قلْت : وهي بين شَاطِبَةَ وتَنَسَةَ.
وجزيرَةُ ابنِ عُمَر : د ، شَماليَّ المَوْصل يُحِيطُ به دِجْلَةُ مثلَ الهِلال ، وهي كُورَةٌ تُتاخِمُ كُوَرَ الشام وحُدُودَها. وفي المُحْكَم : والجَزيرَةُ بجَنْب الشّام وأُمُّ مَدَائنها المَوْصل.
قلتُ : ومنها أَبو الفَضْل محمّدُ بنُ محمّد بن عطان المَوْصَلِيُّ الجَزَريُّ ، ومن المُتَأَخِّرين : الحافِظُ المقرِيٌ شمسُ الدين محمّدُ بن محمّدِ بن الجَزَريِّ ، توفِّي سنة ٨٣٥.
__________________
(١) كذا بالأصل ، وصححها محقق المطبوعة الكويتية : وتختضرون». يقال للرجل إِذا مات شاباً قد اختضر ، بالخاء المعجمة.
(٢) في المطبوعة الكويتية «مطلقاً» تطبيع.
(٣) في الأساس : الأطراف والعنق.
(٤) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : عنها.
(٥) في معجم البلدان : جزيرة أقور.
(٦) في معجم البلدان : ولعلها سميت بالجزيرة لمعنى آخر.
(٧) قيدها ياقوت في معجم البلدان «الجُزَيْرَة» قال : هذا الاسم إِذا أطلقه أهل الأندلس أرادوا بلاد مجاهد بن عبد الله العامري. وهي : جزيرة منورقة وجزيرة ميورقة.
(٨) بالأصل «والثانية» وبهامش المطبوعة المصرية «قوله : والثانية ، كذا بخطه ، وكاف الأولى : والثاني».
(٩) قيدها ياقوت بضم الشين المعجمة وسكون الكاف ... ويقال جزيرة شُقْر.