والجُرَّةُ ، بالضمّ ، ويُفتَح : خُشَيْبَةٌ (١) نحو الذِّراع يُجْعَل في رَأْسِهَا كِفَّةٌ ، وفي وَسَطها حَبْلٌ يَحْبِلُ الظَّبْيَ ، يُصادُ بها الظِّبَاءُ ، فإِذا نَشِبَ فيها الظَّبْيُ ووَقَعَ فيها ناوَصَهَا ساعةً ، واضطربَ فيها ، ومَارَسها لينْفَلِتَ ، فإِذا غَلَبَتْه سَكَنَ واستَقَرَّ فيها ؛ فتِلْك المُسَالَمَةُ. وفي المَثل : «نَاوَصَ الجُرَّةَ ثم سالَمهَا» ؛ يُضرَب ذلك للذي يُخَالِفُ القَومَ عن رَأْيِهم ، ثم يَرْجِع إِلى قولهم ، ويضطرُّ إِلى الوِفاق ، وقيل : يُضْرَب مَثَلاً لمن يَقعُ في أَمرِ فيَضطرِبُ فيه ، ثم يَسْكُن. قال : والمُناوَصَة أَن : يَضطرِب ، فإِذا أَعْيَاه الخَلَاصُ سَكَنَ. وقال أَبو الهيثم : مِن أَمثالهم : «هو كالباحِث عن الجُرَّة» (٢) : قال وهي عصاً تُربَط إِلى حِبَالَةٍ تُغَيَّبُ في التُّراب للظَّبْي يُصطادُ بها ، فيها وَتَرٌ ، فإِذا دخلتْ يدُه في الحِبَالَة انعقدتْ الأَوتَارُ في يَدِه (٣) ، فإِذا وَثَبَ ليُفْلِتَ ، فمَدَّ يَدَه ، ضَرَبَ بتلْك العَصا يدَه الأُخرى ورِجْلَه فكَسَرها ، فتلك العَصَا هي الجُرّة.
والجُرَّةُ : قَعْبَةٌ مِن حَدِيد مَثْقُوبَةُ الأَسْفَلِ ، يُجْعَلُ فيها بَذْرُ الحِنْطَةِ حينَ يُبْذَرُ ، ويَمْشِي به الأَكَّارُ والفَدّانُ ، وهو يَنهالُ في الأَرض ، جَمْعُه الجُرُّ ، قالَه ابن الأَعرابيّ.
ويَزِيدُ بنُ الأَخْنَسِ بنِ حَبِيب بنِ جُرَّةَ بن زِعْب أَبو مَعْن السُّلميّ : صَحابِيٌّ ، ترجَمه في تاريخ دمشقَ ، يقال : إِنه بَدْرِيٌّ ، رَوَى له ابنُه مَعْنٌ.
والجَرَّةُ بالفتح : الخُبْزَةُ ، أَو خاصٌّ بالتي في المَلَّة ، أَنشدَ ثعلبٌ :
داوَيْتُه لمّا تَشَكَّى وَوَجِعْ |
|
بجَرَّةٍ مثْلِ الحِصَانِ المُضْطَجِعْ |
شَبَّهَها بالفَرَس لِعظَمِها.
والجِرِّيُّ ، بالكسر والتَّشْدِيد ، وضبطَه في التَّوشِيح بفتح الجيم أَيضاً : سَمَكٌ طويلٌ أَمْلَسُ يُشْبِهُ الحَيَّةَ ؛ وتُسَمَّى بالفارسيَّة مارْمَاهِي. وفي حديث عليٍّ كرَّم الله وجهَه : «أَنه كان يَنْهَى عن أَكْل الجِرِّيِّ والجِرِّيتِ». ويقال : الجِرِّيُّ لغةٌ في الجِرِّيت ، وقد تقدَّم. وفي التَّوشِيح : هو ما لا قِشْر له من السَّمَك ، لا يَأْكلُه اليهودُ ، ولا فُصُوصَ له (٤). وفي حديث ابن عَبّاس : «أَنّه سُئِلَ عن أَكْلِ الجِرِّيِّ ، فقال : إِنما هو شيءٌ حَرَّمه اليهودُ». ومن المَجَاز : أَلْقَاه في جِرِّيَّتِه ، أَي أَكَلَه.
والجِرِّيَّةُ والجِرِّيئَةُ ، بكسرهما : الحَوْصَلَةُ. وقال أَبو زَيْد : هي القِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ.
ومِن المَجاز : الجارَّةُ : الإِبلُ التي تَجُرُّ الأَثقالَ ، كما في الأَساس ، تُجَرُّ بأَزِمَّتِها ، كما في الصّحاح ، وهي فاعِلَةٌ بمعنى مَفْعُولَةٍ ، مثلُ : (عِيشَةٍ راضِيَةٍ) (٥) بمعنى مَرْضيَّة ، و (ماءٍ دافِقٍ) (٦) بمعنَى مَدْفُوقٍ. ويجوزُ أَن تكون جارَّة في سَيْرها ؛ وجرُّها : أَن تُبْطِيءَ وتَرْتَعَ. وفي الحديث : «ليس في الإِبل الجارَّة صَدَقَةٌ» (٧) وهي العَوَامِلُ ؛ سُمِّيتْ جارَّةً لأَنها تُجَرُّ جَرًّا بأَزِمَّتِهَا ، أَي تُقاد بخُطُمها ، كأَنَّهَا مَجْرُورَةٌ ، أَراد : ليس في الإِبلِ العَوَامِلِ صَدقةٌ. قال الجوهريُّ : وهي رَكائِبُ القَومِ ؛ لأَنّ الصَّدَقَةَ في السَّوائِم دُونَ العَوَامِل.
والجَارَّةُ : الطَّرِيقُ إِلى الماءِ.
والجَرِيرُ : حَبْلٌ ، قالَه شَمِرٌ ، وجَمْعَه أَجِرَّةٌ وجُرّانٌ. وفي الحديث : «لولا أَن تَغْلِبَكُم النّاسُ عليها (٨) لَنَزعْتُ معكم حتَّى يُؤَثِّرَ الجَرِيرُ بظَهْرِي» ؛ والمراد به الحَبْل ، وقال زُهَيْرُ بن جَنَابٍ :
فَلِكُلِّهِمْ أَعْدَدْتُ تَيّاحاً تُغَار لهُ الأَجِرَّهْ (٩)
أَي الحِبَال. وزاد في الصّحاح : يُجْعَلُ للبعِيرِ بمَنْزِلَة العِذَارِ للدّابَّةِ ، وبه سُمِّيَ الرجلُ جَريراً. وفي الحديث : «أَنه قال له نُقادةُ الأَسدِيّ : إِني رجلٌ مُغْفِلٌ فأَين أَسِمُ؟ قال : في موضعِ الجَرِيرِ من السّالِفَة». أَي في مُقَدَّم صَفْحةِ العُنُقِ ، والمُغْفِلُ : الذي لا وَسْمَ على إِبله.
__________________
(١) الصحاح واللسان : خشبة.
(٢) ضبطت في اللسان بتفح الجيم ، وضبطت في التهذيب بالضم والفتح ، كالقاموس.
(٣) التهذيب : يديه.
(٤) في القاموس : وليس عليه فُصوصٌ.
(٥) سورة الحاقة الآية ٢١.
(٦) سورة الطارق الآية ٦.
(٧) لفظه في الصحاح : والنهاية : «لا صدقة في الإبل الجارّة» ولفظه في اللسان فكالأصل.
(٨) يعني زمزم كما في اللسان.
(٩) بالأصل واللسان تغازله خطأ ، والصواب ما أثبت تغار بالراء ، أي تفتل أو يحكم فتلها من أغار الحبل.