فاخِرَاتٌ ضُلُوعها في ذُرَاها |
|
وأَناضَ العَيْدَانُ والجَبّارُ |
وقال أَبو حنيفةَ : الجَبّارُ : الذي قد ارتُقِيَ فيه ولم يَسقُط كَرْمُه ، قال : وهو أَفْتَى النَّخْلِ وأَكرَمُه.
وقد تُضَمُّ ، وهذه عن الصَّاغانيّ (١).
والجَبّارُ أَيضاً : المُتَكَبِّرُ الذي لا يَرَى لأَحَدٍ عليه حَقًّا ، يُقَال : هو جَبّارٌ من الجَبَابِرَة ، فهو بَيِّنُ الجِبْرِيَّةِ والجِبْرِيَاءِ ، مكسورتَيْن غير أَنّ الأُولَى مشدَّدةُ الياءِ التحتيَّة ، والثانيةَ ممدودةٌ والجِبِرِيَّةِ ، بكَسَرَاتٍ مع تشديدِ التحتيّة ، والجَبَرِيَّةِ محرَّكة ، ذَكَره كُرَاع في المجرَّد والجَبَرُوَّةِ ، بضمِّ الراءِ وتشديدِ الواوِ المفتوحَةِ ، وقد جاءَ في الحديث : «ثم يكونُ مُلْكٌ وَجَبَرُوَّةٌ» (٢) ؛ أَي عُتُوٌّ وقَهْرٌ. والجَبَرُوتَا ، على مثال رَحَمُوتَا ، نقلَه شُرّاحُ الفَصِيح كالتُّدْمِيرِيِّ وغيره ، والجَبَرُوتِ ، الأَربعةُ مُحَرَّكاتٌ ، وهذا الأَخيرُ من أَشهرِهَا ، وفي الحديث : «سُبْحَانَ ذِي الجَبَرُوتِ والمَلَكُوتِ» قال ابنُ الأَثِير ، والفِهْرِيُّ شارحُ الفَصِيح ، وابنُ مَنْظُورٍ ، وغيرُهم : هو فَعَلُوت من الجَبْر والقَهْر والقَسْر ، والتاءُ فيه زائدةٌ للإِلحاق بقَبَرُوس ، ومثلُه مَلَكُوت من المُلْك ، ورَهَبُوت من الرَّهْبَة ، ورَغَبُوت من الرَّغْبَة ، ورَحَمُوت من الرَّحْمَة ، قيل : ولا سادِسَ لها ، قال شيخُنا : وفيه نَظَرٌ ، وفي العِناية :
الجَبْرُوتُ : القَهْرُ والكِبْرِيَاءُ والعَظَمةُ ، ويُقَابِله الرَّأْفَةُ.
والجَبْرِيَّةِ بسكونِ الموحَّدةِ وتشديدِ التحتيَّةِ والجَبْرُوَّة ، هو مثل الذي تقدَّم ، غير أَن الموحَّدةَ هنا ساكنةٌ ، والتَّجْبَار والجَبَّورَةِ مثلِ الفَرُّوجَةِ ، مَفْتُوحات ، والجُبُّورَةِ والجُبْرُوتِ (٣) ، مضمومتَيْن ، فهؤلاءِ ثلاثةَ عشرَ مصادرَ ، ذَكَرها أَئِمَّةُ الغَرِيب ، وهي مفرَّقة في الدَّواوين ، ومما زِيدَ عليه : جَبُّورٌ ، كتَنَّور ، ذَكَره اللِّحْيَانيُّ في النوادر ، وكُراع في المجرَّد ، وجُبُور ، بالضمّ ، ذَكَره اللِّحْيَانيُّ ، وجَبَريَّا محرَّكة ، ذكره أَبو نصرٍ في الأَلفاظ ، وجَبْرَؤت ، كعَنْكَبُوت ، ذَكَره التدْمِيرِيُّ شارحُ الفصيحِ ، والجِبْرِيَاءُ ، ككِبْرِيَاءَ ، أَوردَه في اللسان ، فصار المجموع ثمانيةَ عشرَ ، ومعنى الكلِّ الكِبْر. وأَنشدَ الأَحْمَرُ لمُغَلِّسِ بنِ لَقِيطٍ الأَسَدِيِّ يُعَاتِبُ رجلاً كان والِياً على أُضَاخَ :
فإِنّكَ إِنْ عادَيْتَنِي غَضِبَ الحَصَى |
|
عليك وذُو الجُبَّورة المَتغطرِفُ (٤) |
يقول : إِن عادَيْتَنِي غَضِبَ عليك الخَلِيقَةُ ، وما هو في العَدَد كالحَصَى ، والمُتغَطرف : المتكبِّر.
وجَبْرَائِيلُ : عَلَمُ مَلَك ، ممنوع من الصَّرف للعَلَمِيَّة والعُجْمَةِ ، والتَّرْكِيبِ المَزْجِيِّ ، على قولٍ ، أَي عبدُ الله.
قال الشِّهَاب : سُرْيانيٌّ ، وقيل : عِبْرانيّ ، ومعناه عبدُ الله ، أَو عبدُ الرَّحمن ، أَو عبدُ العَزِيز. وذكر الجوهريُّ والأَزهريُّ وكثيرٌ من الأَئِمَّة أَنّ «جَبْر» «ومِيك» بمعنى عَبْد. و «إِيل» اسم الله ، وصَرَّح به البُخارِيُّ أَيضاً ، ورَدَّه أَبو عليٍّ الفارسيُّ بأَنَّ إِيل لم يَذكره أَحدٌ في أَسمائه تعالَى. قال الشِّهَاب : وهذا ليس بشيْءٍ. قال شيخُنا : ونُقِلَ عن بعضهم أَنّ إِيلَ هو العَبْدُ ، وأَنّ ما عَداه هو الاسمُ مِن أَسماءِ الله ، كالرَّحمن والجَلالة ، وأَيَّدَه اختلافُها دُونَ إِيل ، فإِنه لازِمٌ ، كما أَنّ عَبْداً دائماً يُذْكَرُ ، وما عَداه يَختلفُ في العربيَّة ، وزادَه تأْييداً بأَن ذلك هو المعروفُ في إِضافة العَجَمِ. وقد أَشار لمثل هذا البحثِ عبدُ الحَكِيم في حاشية البَيْضَاوِيِّ. قلتُ : وأَحسنُ ما قِيل فيه أَن الجَبْرَ بمنزلةِ الرَّجُلِ ، والرجلُ عبدُ الله ، وقد سُمِعَ الجَبْرُ بمعنى الرَّجُلِ في قول ابنِ أَحْمَرَ ، كما تَقَدَّمتِ الإِشارُ إِليه ، كذا حَقَّقَه ابنُ جِنِّي في المحتسب. فيه لُغاتٌ قد تَصَرَّفَتْ فيه العربُ على عادتها في الأَسماءِ الأَعجميَّة ، وهي كثيرٌ.
وقد ذَكَر المصنِّف هنا أَرباعَ عشرَةَ لغةً :
الأُولَى : جَبْرَئِيلُ ، كَجَبْرَعِيل ، قال الجوهريُّ : يُهمَز ولا يُهمَز ، قال الشِّهاب : ومن قَواعدهم المشهورةِ أَنَّهم يُبْدِلُون همزَةَ الكلمة بالعَيْن ، عند إِرادة البَيَانِ ، وعليه جَرَى سِيبَوَيْه في الكتاب ، فمَن دُونَه ، ومنهم مَن نَظَّرَه بسَلْسَبِيل ، وبها قرأَ حمزةُ والكسائيُّ ، وهي لغةُ قيس وتَمِيم. وقال الجوهريُّ : وأَنشدَ الأَخْفَشُ لكَعْبِ بنِ مالك :
__________________
(١) في التكملة : الجُبَّار ... لغة في الجَبَّار.
(٢) في النهاية : وجبروت.
(٣) ضبطت في الصحاح ، ضبط قلم ، بضم الجيم وفتح الياء.
(٤) في التهذيب : «المتغترف» وورد في اللسان «غترف» أيضاً بروآية التهذيب.