وتَجَبَّرَ النَّبْتُ ، أَي نَبَتَ بعد الأَكل. وتَجَبَّرَ النَّبْتُ والشَّجَرُ ، إِذا نَبَتَ في يابِسِه الرَّطْبُ.
وتَجَبَّرَ الكَلأُ : أُكِلَ ، ثم صَلَحَ قَلِيلاً بعد الأَكل.
وتَجَبَّرَ المَرِيضُ : صَلَحَ حالُه. ويقال للمريض : يوماً تَرَاه مُتَجَبِّراً ، ويوماً تَيْأَسُ منه ؛ معنى قوله : مُتَجَبِّراً. أَي صالِحَ الحال.
وتَجَبَّرَ فلانٌ مالاً : أَصابَه ، وقيل : تَجَبَّرَ الرَّجلُ : عادَ إِليه ما ذَهَبَ عنه. وحَكَى اللِّحْيَانِيُّ : تَجَبَّرَ الرَّجلُ ، في هذا المعنَى ، فلم يُعَدِّه. وفي التَّهْذِيب : تَجَبَّرَ فلانٌ ؛ إِذا عادَ إِليه مِن ماله بعضُ (١) ما ذَهَب.
والجَبَرِيَّةُ ، بالتَّحْرِيك : خِلافُ القَدَرِيَّةِ ، وهو كلامٌ مُوَلَّدٌ.
وفي الصّحاح : الجَبْرُ خِلَافُ القَدَرِ. قال أَبو عُبَيْد : هو كلامٌ مولَّد : قال اللَّبليّ في شرح الفَصِيح : وهم فرقةٌ أَهلُ أَهواءٍ ، مَنْسُوبُون إِلى شيخهم الحُسَيْنِ بنِ محمّدٍ النَّجَّار البَصْرِيِّ ، وهم الذين يقولون : ليس للعَبْد قُدْرَةٌ ، وأَنّ الحَرَكاتِ الإِراديَّةَ بمثَابَةِ الرِّعْدَةِ والرَّعْشَةِ ، وهؤلاءِ يَلْزمُهُم نَفْيُ التَّكْلِيفِ.
وفي اللِّسَان : الجَبْرُ تَثْبِيتُ وُقُوعِ القَضَاءِ والقَدَرِ ، والإِجبارُ في الحُكْمِ ، يقال : أَجْبَرَ القاضِي الرجلَ على الحُكْم ، إِذا أَكْرَهَه عليه.
وقال أَبو الهَيْثَم : والجَبْرِيَّةُ : الذين يقولُوون أَجْبَرَ الله العِبَادَ على الذُّنُوب ، أَي أَكْرَهَهُم ، ومَعاذَ الله أَن يُكْرِهَ أَحداً على مَعْصِيَة (٢). وقال بعضُهم : إِن التَّسْكينَ لَحْنٌ فيه ، والتَّحْرِيكَ هو الصَّوابُ ، أَو هو أَي التَّسْكِينُ [الصَّواب. وهو الأَصل لأنه نسبة] * للجَبْر ، قال شيخُنَا : وهو الظّاهِرُ الجارِي على القِيَاس. وقالوا في التَّحْرِيَك : إِنه للازْدِواج أَي لمناسبة ذِكْرِه مع القَدَرِيَّة ، وقد تقدَّم أَنها مُوَلَّدة.
وفي الفَصِيحِ : قومٌ جَبْرِيَّةٌ ـ بسكونِ الباءِ ـ أَي خِلافُ القَدَرِيَّة وقال الحافظُ في التَّبصير : وهو طَريقُ متَكلِّمِي الشافعية. وفي البصائر : وهذا في قول المتقدِّمين ، وأَما في عُرْف المتكلِّمين ، فيقال لهم : المُجبرَة ، وقال : وقد يُستعمَل الجَبر في القَهر المجرَّد ، نحو قوله صَلى الله عليه وسلّم : «لا جَبر ولا تَفويض».
والجَبّار هو الله ، عَزَّ اسْمُه وتعالَى وتَقدَّسَ ، القاهر خَلْقه على ما أَراد من أَمْرٍ ونَهيٍ. وقال ابن الأَنباريّ : الْجَبّارُ في صفة الله عزوجل : الذي لا يُنال ، ومنه جَبّارُ النَّخلِ (٣). قال الفَرّاءُ : لم أَسمع فَعّالاً من أَفْعلَ إِلّا في حرفَين ، وهو (٤) جَبّارٌ من أَجْبرتُ ، ودَرَّاكٌ من أَدْرَكتُ.
قال الأَزهريُّ : جَعلَ جَبّاراً في (٥) صِفة الله تعالَى ، أَو صِفة العبَاد من الإِجبار ، وهو القَهْر والإِكراه ، لا من جَبَرَ.
وقيل : الْجَبّارُ : العالِي فَوقَ خَلْقِه ، ويجوزُ أَن يكونَ الْجَبّارُ في صِفَة الله تعالَى من جَبْره الفَقْرَ بالغِنَى ، وهو تَباركَ وتعالَى جابِرُ كُلِّ كَسيرٍ وفَقيرٍ ، وهو جابرُ دِينه الذي ارتَضاه كما قال العجّاج :
قد جَبَر الدِّينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
وفي حديث عليٍّ كرَّم الله وَجهَه : «وجَبّار القُلوبِ على فِطَرَاتها» ؛ هو مِن جَبْر العَظم المكسور ؛ كأَنه أَقام القُلوبَ وأَثْبتَها على ما فَطَرَها عليه من معرفتِه ، والإِقرارِ به ، شَقِيَّها وسعِيدَها. قال القُتَيْبِيُّ : لم أَجعلْه مِن أَجْبَرت ؛ لأَنّ أَفْعلَ لا يقَال (٦) : فعّال. وقيل : سُمِّيَ الجبَّارَ لتكَبُّرِه وعُلوِّهِ.
والجَبَّارُ في صِفَةِ الخَلقِ : كلُّ عاتٍ متَمرِّدٍ. ومنه قولهم : وَيْلٌ لجَبّارِ الأَرْضِ من جَبّارِ السَّماءِ ، وبه فَسَّرَ بعضُهم الحديثَ في ذِكْر النّارِ : «حتى يَضَع الجَبَّارُ فيها قَدَمَه». ويَشْهد له قولُه في حديثٍ آخر : «إِنَّ النارَ قالت : وُكِّلْت بثلاثة : بمَن جَعَل مع اللهِ إِلهاً آخَرَ ، وبكلِّ (جَبّارٍ عَنِيدٍ) ، والمصَوِّرِين». وقال اللِّحْيَانِيُّ : الجَبّار : المتكبِّر عن عبادةِ اللهِ تعالى ، ومنه قولُه : (وَلَمْ يَكُنْ جَبّاراً عَصِيًّا) (٧) وفي الحديث «أَنّ النبيَّ صَلى الله عليه وسلّم حَضَرَتْه امرأَةٌ فأَمَرهَا بأَمْرٍ ، فتأَبَّتْ ، فقال النبيُّ صَلى الله عليه وسلّم : دَعُوهَا فإِنهَا جَبّارَةٌ» ، أَي عاتِيَةٌ متكبِّرةٌ.
كالجِبِّيرِ ، كسِكِّيتٍ ، وهو الشَّدِيدُ التَّجبُّرِ.
__________________
(١) التهذيب : بعض ما كان ذهب.
(٢) في اللسان : «معصيته» وفي التهذيب : أن يكرههم على معصية.
(٨) (*) ما بين معكوفتين سقط من الكويتية.
(٣) كذا بالأصل واللسان ، وعبارة ابن الأنباري كما في التهذيب : ومنه قيل للنخلة إِذا فاتت يد المتناول : جبارة ، مأخوذٌ من جبار النخل.
(٤) التهذيب : وهما.
(٥) عبارة : «في صفة الله تعالى» سقطت من التهذيب.
(٦) النهاية واللسان : لا يقال فيه فعال.
(٧) سورة مريم الآية ١٤.