وأَنشدَ لأَنَسِ بن مُدْركٍ الخَثْعَميِّ :
إِنِّي وقَتْلِي سُلَيْكاً ثمَّ أَعْقِلَه |
|
كالثَّوْر يُضْرَبُ لمّا عافَت البَقَرُ |
قيل : عَنَى الثَّوْرَ الذي هو ذَكَرُ البَقَر ؛ لأَن البَقَرَ يَتْبَعُه ، فإِذا عافَ الماءَ عافَتْه ، فيُضْرَب ليَرِدَ فتَرِدَ معه.
ج أَثْوَارٌ وثِيَارٌ ، بالكسر ، وثِيَارَةٌ وثِوَرَةٌ وثِيَرَةٌ ، بالواو والياءِ ، وبكسر ففتحٍ فيهما ، وثِيرَةٌ ، بكسرٍ فسكونٍ ، وثِيرَانٌ ، كجِيرَةٍ وجِيرَان ، على أن أَبا عليٍّ قال في ثِيَرَةٍ : إِنّه محذوفٌ من ثِيَارَةٍ ، فتَركوا الإِعلالَ في العَيْن أَمارةً لما نَوَوْه من الأَلف ، كما جَعَلوا تَصحيحَ نَحْوِ احْتَوَرُوا (١) واعْتَوَنُوا دليلاً على أَنه في معنَى ما لا بُدَّ من صحَّته ، وهو تَجَاوَرُوا وتَعاوَنُوا. وقال بعضُهم : هو شاذٌّ ، وكأَنهم فرَّقوا بالقَلْب بين جَمْعِ ثَوْرٍ من الحيوان ، وبين جَمْعِ ثَوْرٍ من الأَقِط ؛ لأَنَّهُم يقولُون في ثَوْر الأَقط : ثِوَرَةٌ فقط. والأُنثَى :
ثَوْرَةٌ ، قال الأَخطل :
وفَرْوَةَ ثَفْرَ الثَّوْرَةِ المُتَضاجِمِ (٢)
وأَرْضٌ مَثْوَرَةٌ : كَثيرَتُه ، أَي الثَّوْر ، عن ثعلب.
والثَّوْرُ : السَّيِّدُ ، وبه كُنِّيَ عَمْرُو بن مَعْدِي كَرِبَ : أَبا ثَوْرٍ. وقول عليٍّ رضياللهعنه : إِنّمَا أُكِلْتُ يَومَ أُكِلَ الثَّوْرُ الأَبيضُ» ؛ عَنَى به عثمانَ رضياللهعنه ؛ لأَنه كان سَيِّداً ، وجعلَه أَبيضَ ؛ لأَنه كان أَشْيَبَ.
والثَّوْرُ : ما عَلَا الماءَ مِن الطُّحْلُب والعَرْمَض والغَلْفَق ونحوه. وقد ثارَ ثَوْراً وثَوَرَاناً ، وثَوَّرْتُه ، وأَثَرْتُه ، كذا في المُحْكَم ، وبه فُسِّر قَولُ أَنَس بن مُدْرِك الخَثْعَميِّ السابق ، في قَوْلٍ ؛ قال : لأَنّ البَقّارَ إِذا أَوْرَدَ القِطْعَة من البَقَر ، فعافَت الماءَ وصَدَّها عنه الطُّحْلُبُ ، ضَرَبَه ليَفْحَصَ عن الماءِ فَتشْربه ، ويقال للطُّحْلُب : ثَوْرُ الماءِ حَكَاه أَبو زَيْد في كتاب المَطَر.
والثَّوْرُ : البَيَاضُ الذي في أَصْلِ الظُّفُرِ ، ظُفر الإِنسانِ. والثَّوْرُ : كلُّ ما عَلَا الماءَ من القُمَاش (٣). ويقال : ثَوَّرْتُ كُدُورَةَ الماءِ فثَارَ.
والثَّوْرُ : المَجْنُون ، وفي بعض النُّسَخ : الجُنُون ، وهو الصَّواب ؛ كأَنّه لهيَجانه.
ومن المَجَاز : الثَّوْرُ : حُمْرَةُ الشَّفَق النّائرَةُ فيه (٤). وفي الحديث : «صلاةُ العِشَاءِ الآخِرَةِ إِذا سَقَطَ ثَوْرُ الشَّفَقِ». وهو انتشارُ الشَّفَق ، وثَوَرانُه : حُمْرَتُه ومُعْظَمُه. ويقال : قد ثَارَ يَثُور ثَوْراً وثَوَراناً ، إِذا انتشرَ في الأُفُق وارتفعَ ، فإِذا غاب حَلَّتْ صلاةُ العِشَاءِ الآخِرَة. وقال في المَغْرب : ما لم يَسقُط ثَوْرُ الشَّفَقِ.
والثَّوْرُ : الأَحْمَقُ ، يُقَال للرَّجُل البَليدِ الفَهْمِ : ما هو إِلّا ثَوْرٌ.
ومن المَجاز : الثَّوْرُ : بُرْجٌ في السَّمَاء ، من البُرُوج الاثْنَيْ عَشَرَ ، على التَّشْبيه.
ومن المَجاز : الثَّوْرُ : فَرَسُ العاصِ بنِ سَعيدٍ القُرَشيِّ ، على التَّشْبيه.
وثَوْرٌ : أَبو قَبيلةٍ من مُضَرَ ، وهو ثَورُ بنُ عبد مَنَاةَ بنِ أُدِّ بن طابخَةَ بن الياسِ بن مُضَرَ ، منهم : الإِمام المحدِّثُ الزّاهدُ أَبو عبد الله سُفيَانُ بنُ سَعِيد بن مَسْرُوق بن حَبيب بن رافع ابن عبد الله بن موهبةَ [بن أَبَيّ بن عبد الله] (٥) بن مُنْقِذ بن نصر بن الحارث بن ثعلبةَ بن عامر بنِ مِلْكان بن ثَور ، رَوَى عن عَمْرِو بن مُرّةَ ، وسَلَمَةَ بن كُهَيْل ، وعنه بنُ جُرَيج ، وشُعبةُ ، وحمَّادُ بنُ سَلَمَةَ ، وفُضَيلُ بنُ عِياضٍ.
تُوُفِّيَ سنةَ ١٦١ وهو ابنُ أَربع وستين سنةً.
وثَوْرٌ : وادٍ ببلاد مُزَيْنَةَ ، نقلَه الصَّاغانيُّ.
وثَوْرٌ : جَبَلٌ بمكّةَ شَرَّفَها الله تعالَى ، وفيه الغارُ الذي بات فيه سيِّدُنا رَسولُ الله صَلَى الله عليه وسلّم لما هَاجَرَ ، وهو المذكورُ في التَّنْزيل : (ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ) (٦) ويُقَال له ثَوْرُ
__________________
(١) في اللسان «اجتوروا» بالجيم.
(٢) ديوانه وصدره فيه :
جزى الله فيها الأعورين ملامةً
(٣) بالأصل «القماس» وما أثبت عن التهذيب. فسّر به الثور في قول الأعشى المتقدم أثناء المادة. قال : أراد بالثور هاهنا ما علا الماء من القُماش يضربه الراعي ليصفو الماء للبقر.
(٤) في اللسان : الثائرة.
(٥) زيادة عن جمهرة ابن حزم ص ٢٠١.
(٦) سورة التوبة الآية ٤٠.