للأَمِر عليهم ، حتّى يجمَع لهم عندَ أَخْذِ الثَّأْرِ بين القَتْلِ وبينَ تَعْرِيفِ الجُرْمِ ، وتَسْمِيَتُه وقَرْعُ أَسماعِهِم به ؛ ليَصْدَعَ قلوبَهم ، فيكون أَنْكَأَ فيهم ، وأَشْفَى للنَّفْسِ (١).
والثّائِرُ : مَنْ لا يُبْقِي على شيْءٍ حتى يُدْرِكَ ثَأْرَهُ.
ومن المَجَاز : لا ثَأَرَتْ فلاناً ، وفي الأَساس : على فلانٍ (٢) ، يَداه ، أَي لانَفَعَتاه ، مُستَعارٌ مِن ثَأَرتُ حَمِيمِي : قَتلتُ به.
ويقال : اثَّأَرْتُ من فلان ، وأَصلُه اثْتَأَرْتُ ، بتقديمِ المُثَلَّثَة على الفَوْقِيَّةِ ، افتعلتُ مِن ثَأَرَ ، أُدغِمَتْ في الثَّاءِ وشُدِّدَتْ ، أَي أَدْرَكْتُ منه ثَأْرِي ، وكذلك إِذا قَتَلَ قَاتِلَ وَلِيِّه ، وقال لَبِيد :
والنِّيبُ إِنْ تَعْرُ مِنِّي رِمَّةً خَلَقاً |
|
بعدَ المَماتِ فإِنِّي كنتُ أَثَّئِرُ (٣) |
أَي كنتُ أَنحرُها للضِّيفان ، فقد أَدركْتُ منها ثَأْرِي في حياتِي ، مجازاةً ؛ لتَقَضُّمِها عِظامِي النَّخِرَةَ بعد مَماتِي ؛ وذلك أَن الإِبلَ إِذَا لم تَجِد حَمْضاً ارْتَمَّتْ عِظَامَ المَوْتَى ، وعِظَامَ الإِبِلِ ، تُحْمِضُ بها.
والثَّأْرُ المُنيمُ : الذي إِذا أَصابَه الطّالِبُ رَضِيَ به ، فنامَ بعدَه. كذا في الصّحاح ، وقال غيرُه : هو الذي يكونُ كُفُؤاً لِدَمِ وَلِيِّك ـ ويقال : أَدْرَكَ فلانٌ ثَأْراً مُنِيماً ، إِذا قَتَلَ نَبِيلاً فيه ، وفاءً لِطِلْبَتِه ، وكذلك أَصابَ الثَّأْرَ المُنِيمَ ، وقال أَبو جُنْدب الهُذليّ :
دَعَوْا مَوْلَى نُفاثَةَ ثُمَّ قالُوا : |
|
لَعَلَّكَ لسْتَ بالثَّأْرِ المُنِيمِ |
قال السُّكَّرِيُّ : أَي لستَ بالذي يُنِيمُ صاحبَه ، أَيْ إِن قتلتُكَ لم أَنَمْ حتى أَقتلَ غيركَ ، أَي لستَ بالكُفُؤِ فأُنَامَ بعدَ قَتْلِكَ. وقال الباهليُّ : المُنِيمُ : الذي إِذا أَدْركَه الرجلُ شَفاه ، وأَقنعَه فنامَ.
ويقال : ثَأَرْتُكَ بكذا ، أَي أَدْرَكْتُ به ثَأْرِي منكَ.* وممّا يُستدرَك عليه :
الثّائِرُ : الطّالِبُ.
والثّائِرُ : المَطْلُوبُ. ويُجْمَعُ الأَثْآرَ ، وقال الشاعر :
طَعَنْتُ ابنَ عبدِ القَيْسِ طَعْنَةَ ثائِر |
|
لها نَفَذٌ لو لا الشُّعَاعُ أَضاءَها |
وعبارةُ الأَساس : ويقال للثّائِرِ أَيضاً : الثَّأْر ، وكلُّ واحدٍ مِن طالب ومطلوب ثَأْرُ صاحِبِه (٤).
والمَثْؤُورُ به : المَقْتُولُ.
والثَّأْرُ أَيضاً : العَدُوُّ ، وبه فُسِّرَ حديثُ عبدِ الرحمن يومَ الشُّورَى : «لا تُغْمِدُوا سُيُوفَكم عن أَعدائِكم ، فتوتِرُوا ثَأْرَكُمْ» ؛ أَراد أَنَّكُم تُمَكِّنُون عَدُوَّكم مِن أَخْذ وَتْرِه عندكم.
يقال : وَتَرْتُه ، إِذا أَصبتَه بِوَتْرِ ، وأَوْتَرْتُه إِذا أَوْجَدْتَه وَتْرَه ومَكَّنْتَه منه.
والمَوْتُور الثائِرُ : طالِبُ الثَّأْرِ ، وهو طلبُ (٥) الدَّمِ ، وقد جاءَ في حديث محمّدِ بنِ سَلَمَةَ (٦) يومَ خَيْبَر. وفي الأَمثال للمَيْدَانِيّ (٧) : «لا ينامُ مِن ثَأْرِ كذا».
وفي كامل المبرّد : «لا ينامُ مَنْ أَثْأَرَ» (٨).
[ثبجر] : اثْبَجَرَّ الرجلُ : ارْتَدَعَ مِن فَزَعٍ ، أَو عند الفَزَعِ.
واثْبَجَرَّ : تَحَيَّر في أَمْرِه.
واثْبَجَرَّ : نَفَرَ وَجَفَلَ ، قال العَجّاج يصفُ الحِمَارَ والأَتانَ :
إِذا اثْبَجَرَّا مِن سَوادٍ حَدَجَا (٩)
أَي نَفَرَا وَجَفَلا ، وهو الاثْبِجارُ.
وعن أَبي زيد : اثْبَجَرَّ فلانٌ ، إِذا ضَعُفَ عن الأَمْرِ ، ولم يَصْرِمْه.
__________________
(١) عن النهاية ، وبالأصل «للناس».
(٢) كذا ، وعبارة الأساس كالقاموس : لا ثأرت فلاناً.
(٣) زيد في الأساس : وكل واحد منهما يقول : فلان ثأري ، أحدهما كالصيد والثاني كالعدل.
(٤) البيت في الكامل للمبرد ١ / ١١٠ وصدره فيه : تقول لي ابنة البكري عمرٍو.
(٥) في النهاية : هو طالب الدم.
(٦) في النهاية : مسلمة.
(٧) وردت كلمة «للميداني» بعد كلمة «كذا» بالأصل وهو خطأ.
(٨) في الكامل للمبرد ١ / ١١٠ «لا ينام إلّا من أثَّأَر» وأَثَّأَر أدرك ثأره. وانظر روايته في المستقصى للزمخشري ٢ / ٢٧٦.
(٩) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله حدجا الذي في اللسان : خدجا.