وفي الحديث : «صلاةُ الضَّحَى إِذا بَهَرَت الشمسُ الأَرضَ» ، أَي عَلَيها (١) نُورُها وضَوءُها.
وعن ابن الأَعرابيِّ : البَهْرُ : المَلْءُ.
والبَهْرُ : البُعْدُ.
والبَهْرُ : المُبَاعَدَةُ مِن الخَيْرِ.
والبَهْرُ : الحُبُّ ، هكذا في النُّسَخ ، والذي نُقِلَ عن ابن الأَعرابيّ أَنه قال : والبَهْرُ الخَيْبَةُ. والبَهْرُ الفَخْرُ ، وأَنشدَ بيتَ عُمَرَ بنِ أَبي ربيعةَ ، ولعلّ ما ذَكَره المصنِّفُ تَصْحِيفٌ ، فلْيُنْظَرْ ، وبيتُ عُمَرَ بنِ أَبي ربيعةَ الذي أشار إِليه هو قولُه :
ثُمَّ قالوا : تُحِبُّها؟ قُلتُ : بَهْراً |
|
عَدَدَ الرَّمْلِ والحَصَى والتُّرابِ |
وقيل : معنَى «بَهْراً» في هذا البيت : جَماًّ ، وقيل : عَجَباً ، قال : أَبو العبّاس : يجوزُ (٢) أَن كلَّ ما قاله ابنُ الأَعرابيِّ في وُجُوهِ البَهْرِ أَنْ يكونَ معنًى لما قال عُمَرُ ، وأَحسنُها العَجَبُ.
والبَهْرُ : الكَرْبُ المُعْتَرِي للبَعِيرِ عند الرَّكْضِ ، أَو للإِنسان ، إِذا كُلِّفَ فوقَ الجَهْد.
والبَهْرُ : القَذْفُ والبُهتانُ ، يقال : بَهَرَها ببُهتانٍ ، إِذا قَذَفَها به.
والبَهْرُ : التَّكْلِيفُ فوقَ الطّاقَةِ يقال : بَهَرَه ، إِذا قَطَعَ بُهْرَه ، وذلك إِذا قَطَعَ نَفَسَه بضَرْب أَو خَنْق ، أَو ما كان ، قالَه ابن شُمَيْلٍ ، وأَنشدَ :
إِنَّ البَخِيلَ إِذا سَأَلْتَ بَهَرْتَه |
|
وتَرَى الكَرِيمَ يَرَاحُ كالمُخْتَالِ |
والبَهْرُ : العَجَبُ ، وبَهْراً له ، أَي عَجَباً ، قاله ابن الأَعرابيِّ ، وبه فَسَّرَ أَبو العَبّاس الزَّجّاجُ بيتَ عُمَرَ بنِ أَبي ربيعةَ المتقدِّم ذِكْرُه ، وأَنشدَ ابنُ شُمَيْلٍ بيتَ ابنِ مَيّادَةَ (٣) :
أَلَا يا لَقَوْمِي إِذْ يَبِيعُون مُهْجَتِي |
|
بجارِيَةٍ بَهْراً لَهُمْ بَعْدَهَا بَهْرَا |
أَي تَعْساً وغَلَبَةً ، هكذا فَسَّرَه غيرُ واحدٍ ، قال سِيبوَيْه : لا فِعْلَ لقولِهم : بَهْراً له ، في حَدّ الدُّعَاءِ ، وإِنما نُصِبَ على توهُّمِ الفِعلِ ، وهو مّما يَنْتَصِبُ على إِضمار الفِعْلِ غيرِ المُسْتَعْمَلِ إِظهارُه.
ومن المَجاز : بَهَرَ القَمَرُ ـ كمَنَعَ ـ النُّجُومَ بُهُوراً : بَهَرَها بضَوْئِه ، قال :
غَمَّ النُّجُومَ ضَوْءُه حِينَ بَهَرْ |
|
فَغَمرَ النَّجْمَ الذي كانَ ازْدَهَرْ |
يقال : قَمَرٌ باهِرٌ ، إِذا عَلَا ، وغَلَبَ ضَوءُه ضَوءَ الكواكبِ.
وبَهَرَ فلانٌ ، إِذا بَرَعَ وفَاق نُظراءَه ، وأَنشدُوا قولَ ذي الرُّمَّةِ :
حتَّى بَهَرْتَ فما تَخْفَى على أَحَدٍ (٤)
أَي بَرَعْتَ وعَلَوْتَ (٥).
ويقال : فلانٌ شديدُ الأَبْهَر أَي الظَّهْر.
والأَبْهَرُ أَيضاً : عِرْقٌ فيه ، ويقال : هو وَرِيدُ العُنُق ، وبعضُهم يَجعلُه عِرْقاً مُسْتَبْطِنَ الصُّلْبِ والقَلْبِ. قلت : وهو قولُ أَبي عُبَيْد ، وتمامُه : فإِذا انقطعَ لم تكنْ معه حَياةٌ.
وقيل : الأَبْهَرُ : الأَكْحَلُ ، وهما الأَبْهَرانِ يَخرُجَان من القلْب ، ثم يَتَشَعَّبُ منهما سائرُ الشَّرايين ، ورُوِيَ عن (٦) النبيِّ صَلى الله عليه وسلّم أَنه قال «ما زالتْ أُكْلَةُ خَيْبَرَ تُعَاوِدُنِي فهذا أَوان قَطَعَتْ أَبْهَرِي». وفي الأَساس : ومن المَجاز : وما زال يُراجِعُه الأَلَمُ حتى قَطَعَ أَبْهَرَه ، أَي أَهْلَكَه ، انتهى.
وأَجمعُ من ذلك قولُ ابنِ الأَثِير ؛ فإِنّه قال : الأَبْهَرُ عِرْقٌ مَنْشَؤُه مِن الرَّأْس ، ويَمْتَدُّ إِلى القَدم ، وله شَرايِينُ تتَّصِلُ بأَكثرِ الأَطرافِ والبَدَنِ ، فالذي في الرأَس منهُ يُسَمَّى النَّأْمَة ، ومنه قولُهم : أَسْكَتَ الله نَأْمَتَه ، أَي أَماتَه ، ويَمتدُّ إِلى الحَلْق فيُسَمَّى فيه الوَرِيدَ ، ويمتدُّ إِلى الصَّدْر فيسَمَّى الأَبْهَرَ ، ويمتدُّ إِلى الظُّهْر فيُسَمَّى الوَتِينَ ، والفُؤادُ معلَّقُ به ، ويمتدُّ
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : عليها ، كذا بخطه والذي في اللسان : غلبها وهو أولى».
(٢) في التهذيب : «يجوز أن يكون جميع ما قاله ...».
(٣) الأصل واللسان والصحاح ، وفي التهذيب : «وقال ابن قتادة».
(٤) ديوانه ، وعجزه فيه :
إلّا على أحدٍ لا يعرف القمرا
(٥) في التهذيب : أي علوتَ كل من يفاخرك. فظهرت عليه.
(٦) في المطبوعة الكويتية : «من» تحريف.