الخامس بمعنى الأَسْرِ (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ) (١).
والأَصْل فيه حَوْزُ الشيْءِ وتَحْصِيلُه ، وذلك تَارَةً يكون بالتَّنَاوُلِ. كقولِك : أَخذْنَا المَالَ ، وتَارَةً بالقَهْرِ ، نحو قوله تعالى (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) (٢) ا ه.
والإِخْذُ ، بالكَسْرِ : سِمَةٌ ، أَي عَلامة عَلى جَنْبِ البَعِيرِ ، يفعلون ذلك إِذَا خَيفَ به مَرَضٌ.
ويقال : رَجُلٌ أَخِذٌ ، ككَتِفٍ : بِعَيْنِه أُخُذٌ ، بضَمَّتَيْنِ ، وهو : الرَّمَدُ والقِيَاس أَخِذٌ ، والأُخُذُ هي الغُدْرَانُ ، جَمْع إِخَاذٍ وإِخاذَةٍ ، بالكسر فيهما ، ككِتَاب وكُتُب ، وقيل : الإِخاذُ وَاحِدٌ ، والجمْع آخَاذٌ نادِرٌ ، وفي حَديث مَسروقِ بنِ الأَجْدَع قال : «ما شَبَّهْتُ بأَصحابِ مُحمَّدٍ صلىاللهعليهوآلهوسلم إِلّا الإِخَاذَ (٣) ، تَكْفِي الإِخَاذَةُ الرَّاكِبَ ، وتَكْفِي الإِخَاذَةُ الرَّاكِبَيْن وتكفِي الإِخَاذَةُ الفِئامَ مِن الناسِ» وقال أَبو عُبَيْدٍ : هو الإِخاذُ ، بغيرِ هَاءٍ ، وهو مُجْتَمَعُ الماءِ شَبِيهٌ بالغَدِيرِ ، وجَمعُه أُخُذٌ ، وقاله أَيضاً أَبو عَمْرو ، وزاد : وأَمَّا الإِخَاذَةُ ، بالهاءِ ، فإِنها الأَرْضُ يَأْخُذها الرجُلُ فيَحوزُها لنفْسِه ، وقيل : الإِخاذُ جمعُ الإِخاذَةِ ، وهو مَصْنَعٌ للماءِ يَجُتمِع فيه ، والأَوْلَى أَن يكون جِنْساً للإِخاذَةِ لا جَمْعاً ، وفي حَدِيث الحَجَّاجِ في صِفَةِ الغَيْثِ : «وامْتَلأَتِ الإِخَاذُ» قال أَبو عَدْنَان : إِخَاذٌ جمْعُ إِخَاذَةٍ ، وأُخُذُ جَمْعُ إِخَاذٍ. وذَهَب المُصنِّف إِلى ما ذَهَبَ إِليه أَبو عُبَيْدٍ (٤) ، فإِنه قال : الإِخاذَة والإِخاذُ ، بهاءٍ وبغير هاءٍ ، جمع إِخْذٍ (٥). وفي حديث أَبي موسى : «وكانَتْ فِيها إِخَاذَاتٌ أَمْسَكَتِ المَاءَ فنَفَعَ اللهُ بها الناسَ» قال ابنُ الأَثيرِ : الإِخاذَاتُ : الغُدْرَانُ التي تَأْخُذُ ماءَ السماءِ فتَحْبِسُه على الشَّارِبَة ، الواحِدةُ إِخاذَةٌ.
والأَخَذُ ، بالتَّحْرِيك : تُخَمَةُ الفَصِيلِ من اللَّبَنِ وقد أَخِذَ ياخَذُ أَخَذاً فهو أَخِذٌ : أَكْثَرَ مِن اللبَن حتَّى فَسَدَ بَطنُه وبَشِمَ واتَّخَمَ ، وعن أَبي زَيْدٍ : إِنَّه لأَكْذَبُ مِنَ الأَخِيذِ الصَّبْحَانِ (٦).
ورُوِيَ عن الفَرَّاءِ أَنه قال : مِنَ الأَخِذِ الصَّبْحَانِ (٦) ، بلا ياءِ ، قال أَبو زيدٍ : هو الفَصيلُ الذي اتُّخِذَ من اللَّبَنِ ، والأَخَذُ : جُنُونُ البَعِيرِ أَو شِبْهُ الجُنونِ ، وقد أَخِذَ أَخَذاً فهو أَخِذٌ : أَخَذَه مثلُ الجُنُونِ يَعْترِيه وكذلك الشَّاةُ. والأَخَذُ (٧) : الرَّمَدُ وقد أَخِذَت عَيْنُه أَخَذاً ، وهذا عن ابنِ السِّيدِ مؤلّف كتِاب الفُرُوق ، فِعْلُهما ، كفَرِحَ ، كما عَرفت.
والأُخْذَةُ بالضمّ : رُقْيَةٌ تأْخُذُ العَيْنَ ونَحْوَهَا كالسِّحْرِ تَحْبِس بها السَّواحِرُ أَزواجَهُنَّ عن غيرِهنّ من النساءِ ، والعّامَة تُسَمِّيهِ الرِّبَاطَ والعَقْدَ ، وكان نساءُ الجاهليّة يَفْعَلنه.
ورَجُلٌ مُؤَخَّذٌ عن النساءِ : مَحْبُوسٌ ، وفي الحديث : «جاءَت امرأَةٌ إِلى عائِشَةَ رضي اللهُ عَنها فقالَت : أُقَيِّد جَمَلي ـ وفي أُخْرَى : أُؤَخِّذُ جَمَلِي ـ قالت : نَعمْ ، فلم تَفْطُنْ لها حتى فُطِّنَتْ ، فأَمرتْ بإِخْرَاجِها».
كَنَتْ بالجَمَلِ عن زَوْجِها ولم تَعلم عائشةُ رضياللهعنها ، فلذلك أَذِنَتْ لها فيه.
والتأَخِيذُ : أَن تَحتالَ المرأَةُ بِحِيَلٍ في مَنْعِ زَوْجِها عن جِماع غَيْرِهَا ، وذلك نَوْعٌ من السِّحْرِ ، أو هي خَرَزَةٌ يُؤَخَّذُ بها النساءُ الرِّجالَ ، وقد أَخَّذَتْه الساحرةُ [تُؤَخِّذُه] (٨) تأْخيذاً وآخَذَتْه : رَقَتْه ، وقالتْ أُخْتُ صُبْحٍ العادِيِّ تَبكِي أَخاهَا صُبْحاً ، وقد قَتلَه رجلٌ سِيقَ إِليه على سَرِيرٍ ، لأَنها كانَتْ أَخَذَتْ عنه القائمَ والقاعِدَ والساعِيَ والماشيَ والراكِبَ «أَخَذْتُ عَنْك الراكبَ والساعيَ والماشيَ والقاعدَ والقائمَ ، ولم آخُدْ عنك النائمَ» وفي صُبْحٍ هذا يَقول لَبِيدٌ :
ولَقَدْ رَأَى صُبْحٌ سَوَادَ خَلِيلِهِ |
|
مَا بَيْنَ قَائِمِ سَيْفِهِ والمِحْمَلِ |
عَنَى بِخَلِيله كَبِدَه ، لأَنه يُرْوَى أَنَّ الأَسَدَ بقَرَ بَطْنَه وهو حَيٌّ فنَظَر إِلى سَوَادِ كَبِدِه. كذا في اللسان.
ومنه الأَخِيذُ وهو الأَسِيرُ ، وقد أُخِذَ فُلانٌ إِذا أُسِرَ ، وبه فُسِّر قولُه تعالى (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ) (٩) معناه والله أَعلم ائْسِرُوهم.
__________________
(١) سورة التوبة الآية ٥.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٥٥.
(٣) الحديث وارد بهذا النص في التهذيب واللسان ، وفي النهاية : جالست أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجدتهم كالإخاذ.
(٤) التهذيب واللسان : أبو عبيدة.
(٥) ضبطت عن التهذيب ، وزيد فيه : والإخذ : صَنَعُ الماءِ.
(٦) في الأصل «الصيحان» وما أثبت عن مجمع ، والصبحان : الذي شرب الصبوح.
(٧) ضبطت على أنها عطف على التي قبلها ، وضبطت في اللسان بضم الهمزة والخاء.
(٨) زيادة عن التهذيب.
(٩) سورة التوبة الآية ٥.