المُشْرِف على الغَوْرِ ، فهؤلاءِ جُمْلةُ مَن ذهب إِلى التَّشديد ، وقال أبو الطَّيِّبُ اللغَويّ : هو بتخفيف الدالِ لا غيرُ ، مَنْسُوبٌ إِلى مَقَدَ ، قال : وإِنما شدَّده عَمرُو بن مَعديكربَ للضّرورة ، قال : وكذا يَقْتَضِي أَن يكون عنده قولُ عَدِيِّ بن الرِّقاع في تَشديد الدال أَنه للضرورة ، وهو :
فَظَلْتُ كأَنِّي شارِبٌ لَعِبَتْ بِهِ |
|
عُقَارٌ ثَوتْ فِي سِجْنِها حِججاً تِسْعَا |
مَقَدِّيَّةٌ صَهْبَاءُ بَاكَرْتُ شُرْبَهَا |
|
إِذَا مَا أَرَادُوا أَنْ يَرُوحُوا بِهَا صَرْعَى |
قال : والذي يَشْهَد بِصِحَّة قول أَبي الطَّيْبِ قول أَبي الأَحْوَص (١) :
كَأَنَّ مُدَامَةً مِمَّا |
|
حَوَى الحَانُوتُ مِنْ مَقَدِ |
يُصَفَّقُ صَفْوُهَا بِالمِسْ |
|
كِ والكَافُورِ والشَّهَدِ |
وكذلك قَوْلُ العَرْجِيّ :
كَأَنَّ عُقَاراً قَرْقَفاً مَقَدِيَّةً |
|
أَبَى بَيْعَها خَبٌّ مِنَ التَّجْرِ خَادِعُ |
وأَنشد الليث :
مَقَدِيًّا أَحَلَّهُ اللهُ لِلنَّا |
|
ـسِ شَرَاباً وَمَا تَحِلُّ الشَّمُولُ |
وقال آخر :
عَلِّلِ القَوْمَ قَلِيلاً |
|
يَا ابْنَ بِنْتِ الفَارِسِيَّهْ |
إِنَّهُمْ قَدْ عَاقَرُوا اليَوْ |
|
مَ شَرَاباً مَقْدِيَّهْ |
وقد تقدَّمَ البحث فيه في ق د د فراجِعْه.
والمَقَدِيَّةُ بالتخفيف : ثِيَابٌ م معروفة ، قال ابنُ دُريد (٢) : ضَرْبٌ من الثِّيَابِ ، ولا أَدرِي إِلى ما يُنْسَب ، ويقال ثوْبٌ مَقَدِيٌّ. والمَقَدِيَّةُ : ة بالشام مِن عَمَل الأُرْدُنِّ ، وإِليها نُسِب الشَّرَاب ، ويقال إِنها مَقَدٌ ، وقد جاءَ ذِكْرُهَا في الأَشْعَار.
[مكد] : مَكَدَ بالمكانِ مَكْداً ومُكُوداً : أَقامَ به ، وثَكَم يَثْكُم مِثْلُه ، ورَكَدَ رُكُوداً ومَكَتَ مُكُوتاً. وعن الليث : مَكَدَت الناقَةُ إِذا نَقَصَ لَبَنُهَا من طُولِ العَهْدِ وأَنشد :
قَدْ حَارَدَ الخُورُ وَمَا تُحَارِدُ |
|
حَتَّى الجِلَادُ دَرُّهُنَّ مَاكِدُ |
ومن ذلك المَكُودُ : الناقَةُ الدائِمَةُ الغُزْرِ ، والناقَةُ القَلِيلَةُ اللَّبَنِ ، ضِدٌّ ، أَو هذه من أَغاليطِ اللَّيْثِ ، قال أَبو منصور : وإِنما اعْتَبَرَ الليثُ قولَ الشاعرِ :
حَتَّى الجِلَادُ دَرُّهُنَّ ماكِدُ
فظَنَّ أَنه بمعنى الناقِصِ ، وهو غَلَطٌ ، والمعنى : حَتَّى الجِلادُ اللَّوَاتِي دَرُّهُنّ ماكِدٌ ، أَي دائِمٌ قد حَارَدْنَ أَيضاً ، والجِلَادُ : أَدْسَمُ الإِبِل لَبَناً ، فليْسَتْ في الغَزَارَةِ كالخُورِ ، ولكنّها دائمةُ الدَّرِّ ، واحدتُها جَلْدَةٌ. والخُورُ في أَلْبَانِهِنَّ رِقَّةٌ مع الكَثْرَة. ومثلُ هذا التفسير المُحَال (٣) الذي فسّره الليثُ في مَكَدَتِ الناقَة مِمّا يَجِبُ على ذَوِي المَعرِفة تَنْبِيهُ طَلَبَةِ هذا البابِ مِن عِلْم اللُّغَة عليه لئلا يتعثَّر فيه مَن لا يَحْفَظ اللُّغَةَ تَقْلِيداً لِلَّيْثِ ، قال : والصحيح أَن يقال المَكْدَاءُ ، والمَاكِدَةُ والمَكُود ، هي الدَّائمةُ الغُزْرِ الكَثِيرَتُهُ ، والجَمْعُ مُكُدٌ ، وإِبل مَكَائِدُ ، وأَنشد :
إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدَّائِمُ |
|
فَاعْمِدْ بَرَاعِيسَ أَبُوهَا الرَّاهِمُ |
وناقَة بِرْعِيسٌ ، إِذا كانتْ غَزِيرَةً.
والماكِدُ : الماءُ الدائمُ الذي لا يَنْقَطِعُ ، قال :
ومَاكِدٍ تَمْأَدُه مِنْ بَحْرِهِ |
|
يَضْفُو وَيُبْدِي تَارَةً عَنْ قَعْرِهِ (٤) |
تَمْأَدُه : تَأْخُذُه في ذلك الوَقْتِ ، وقد تَقَدَّم.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله أبي الأحوص ، الذي في اللسان : الأحوص ، بدون أبي».
(٢) الجمهرة ٢ / ٢٨٤.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : المحال ، كذا في التكملة ، وفي اللسان : الخطأ».
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : تمأده تأخذه في ذلك الوقت. ويضفو : يفيض ، ويبدي تارة عن قعره أي يبدي لك قعره من صفائه ، كذا في اللسان.