أَو جُلُودِ الإِبل أَو مِن أَيِّ شَيْءٍ كانَ قاله ابنُ سِيدَه وأَنشد :
يَا مَسَدَ الخُوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي |
|
إِنْ تَكُ (١) لَدْناً لَيِّناً فَإِنّي |
مَا شِئْتَ مِنْ أَشْمَطَ مُقْسَئِنِّ
قَال : وقد يَكون مِن جُلُود الإِبل لا مِنْ أَوْبَارِها ، وأَنشدَ الأَصْمعيُّ لعُمَارَةَ بنِ طارِقٍ (٢) :
فَاعْجَلْ بِغَرْبٍ مِثْلِ غَرْبِ طَارِقِ |
|
ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانِقِ |
لَيْسَ بِأَنْيَابٍ وَلَا حَقَائِقِ
يقول : اعْجَلْ بِدَلْوٍ مِثْلِ دَلْوِ طارِق ومَسَدٍ فُتِلَ مِن نُوقٍ (٣) ليستْ بِهَرِمَةٍ ولا حَقَائِقَ ، جمع حِقَّةٍ وهي التي دَخَلَتْ في الرَّابِعَةِ وليس جِلْدُها بالقَوِيّ ، يريد : ليس جِلْدُها من الصغيرِ ولا الكبيرِ. بل هو من جِلْدِ ثَنِيَّة أَو رَبَاعِية أَو سَدِيسٍ أَو بازِل ، وخصّ به أَبو عبيد الحَبْل من اللّيف ، أَو هو الحَبْل المَضْفُورُ المُحْكَمُ الفَتْلِ ، من جميعِ ذلك ، كما تقول : (٤) نَفَضْتُ الشجرةَ نَفْضاً وما نُفِضَ فهو نَفَضٌ. وفي الحديث : «حَرَّمْتُ شَجَرَ المَدينةِ إِلّا مَسَدَ مَحَالَةٍ» المَسَدُ : الحَبْلُ المَفْتُول من نَبَاتٍ أَو لِحَاءِ شَجَرٍ ، وقال الزَّجَّاجُ في قوله عزَّ وجَلَّ : (فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) جاءَ في التفسير أَنَّهَا سِلْسِلَة طُولُها سَبْعُونَ ذِرَاعاً يُسْلَك بها في النَّارِ ، ج مِسَادٌ ، بالكسر ، وأَمْسَادٌ. وفي التهذيب : هي السِّلْسِلَة التي ذكرها اللهُ عَزَّ وجلَّ في كِتابه فقال : (ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً) (٥) ، و (حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) ، أَي حَبْلٌ مُسِدَ أَيَّ مَسْدٍ ، أَيْ فُتِلَ فَلُوِيَ ، أَي أَنَّها تُسْلَك في النارِ ، أَي في سِلْسِلَة مَمْسودةٍ (٦) وفُتلتْ من الحديد فَتْلاً مُحْكَماً ، كأَنّه قِيل : في جِيدِهَا حَبْلُ حَدِيدٍ قد لُوِيَ لَيًّا شديداً. ومن المَجاز : رَجُلٌ مَمْسُودٌ ، إِذا كان مَجْدُول الخَلْقِ ، أَي مَمْشُوقاً ، كأَنَّه جُدِلَ ، أَي فُتِل ، وهي بهاءٍ ، يقال : جَارِيَةٌ مَمْسُودَةٌ : مَطْوِيّة مَمشوقَةٌ ، وامرأَةٌ مَمسودةُ الخَلْقِ ، إِذا كانَتْ مُلْتَفَّةَ الخَلْقِ ليس في خَلْقِها اضْطِرَابٌ ، وجارِيَةٌ حَسَنَةُ المَسْدِ والعَصْبِ والجَدْلِ والأَرْمِ ، وهي مَمْسُودة ، ومَعْصوبة ، ومَجْدُولة ، ومَأْرُومة.
والمِسَادُ ، ككِتَابٍ لغة في المِسْأَب (٧) ، كمِنْبَرٍ ، وهو نِحْيُ السَّمْن ، وسِقَاءُ العَسَلِ ، ومنه قولُ أَبي ذُؤَيب :
غَدَا فِي خَافَةٍ مَعَهُ مِسَادٌ |
|
فَأَضْحَى يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ (٨) |
قال أَبو عمرٍو : المِسَادُ غَيْرُ مَهْموزٍ : الزِّقُّ الأَسْوَد.
وفي النوادِر : هو أَحْسَنُ مِسَادَ شِعْرٍ مِنْكَ. يُرِيد : أَحْسَنُ قِوَامَ شِعْرٍ.
* ومما يستدرك عليه :
المَسَدُ المُغَارُ : الشَّدِيدُ الفَتْلِ (٩).
وبَطْنٌ مَمْسُودٌ : لَيَّنٌ لَطيفٌ مُسْتَوٍ لا قُبْحَ فيه.
وساقٌ مَسْدَاءُ : مُستَوِيَةٌ حَسَنَةٌ.
والمَسَد : مِرْوَدُ البَكَرَةِ الذي تَدُور عليه.
ومَسَدَه المِضْمارُ : طَوَاه وأَضْمَرَه.
والمَسِيد ، كأَمِيرٍ ، لغةٌ في المَسْجِد في لُغَة مِصر ، وفي لغة الغَرْبِ هو الكِتَاب ، أَشار له شيخنا في س ج د. وفي قول رؤبة :
يَمْسُدُ أَعْلَى لَحْمِه ويَأْرِمُهْ
__________________
(١) الصحاح : إن كنت.
(٢) قال أبو عبيد هو لعقبة الهجيمي.
(٣) الأيانق جمع أينق وأينق جمع ناقة. والأنياب جمع ناب وهي الهرمة.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : كما تقول الخ عبارة اللسان : وقيل حبل مَسَدٌ أي ممسود قد مُسِدَ أي أجيد فتله مسْداً ، فالمسْدُ المصدر ، والمَسَد أي بالتحريك بمنزلة الممسود. كما تقول : نفضت الخ»
(٥) سورة الحاقة الآية ٣٢.
(٦) اللسان : ممسود.
(٧) في الصحاح واللسان : «المِسَاب» بدون همز.
(٨) في أشعار الهذليين ١ / ٨٧
تأبط خافة فيها مساب
اراد : مساب مخفف.
وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله : خافة : هي خريطة يتقلدها المشتار ليجعل فيها العسل ، كذا في اللسان» والعبارة في التهذيب أيضاً.
(٩) جاء في تفسير البيت الذي أنشده ابن الأعرابي :
أقرّ بها لثروة أعوجيٍّ |
|
سرنداةً لها مَسَدٌ مُغَارُ |