والصواب والكَبِد ككَتِف ، وفي الصحاح : وكُبَيْدَاتُ السماءِ كأَنَّهم صَغَّرُوها كُبَيْدَة ثم جَمَعوا. وكَبَدُ السماءِ : وسَطها الذي تقوم فيه الشمسُ عند الزَّوالِ ، فيقال عند انْحطاطها : زالَتْ ومَالَتْ. قلت : وقولهم : بَلَغَتْ كَبِدَ السَّمَاءِ وكُبَيْدَاتِ السماءِ مَجَازٌ ، كما في الأَساس. وقال الليث : كَبَدُ السماءِ : ما استقْبَلكَ مِن وَسَطِها ، يقال : حَلَّق الطائرُ حتى صار في كَبَدِ السماءِ وكُبَيْدَاءِ السماءِ ، إِذا صَغَّرُوا جعَلوها (١) كالنَّعْتِ ، وكذلك يقولون في سُوَيْدَاءِ القَلْبِ ، قال : وهما نادِرَتانِ حُفِظَتا عن العرب هكذا. قلت : وكلام الأَئمَّة ، صَريحٌ في أَنّ كَبِد الرّمل وكَبِد السماءِ ككَتِفٍ ، وهذا خلافُ ما مشَى عليه المُصنّف ، فلينظر ذلك مع تأَمُّلٍ ، وأَشار إِليه شيخنا كذلك في شرحه ، وذَهبَ إِلى ما أَشَرْتُ إِليه ، وتَوقَّف في كونِ كَبدِ السماءِ مُحَرَّكة اللهم إِلّا أَن يجعلَ قوله فيما بعد : والكَبِد بفتح فكسر ، كما لا يخفَى ، والله أَعلم ، ثم رأَيتُ الصاغانيَّ ذكَرَ في تكملته أَن كَبَدَ السماءِ ، بالتحريك ، لغةٌ في كسْرِ الباءِ.
وتَكَبَّدَتِ الشَّمْسُ : صَارَتْ في كُبَيْدَائِها. وفي الصحاح : في كَبِدِهَا كَكَبَّدَتْ تَكْبِيداً. في التهذيب : كَبَّدَ النَّجْمُ السَّمَاءَ ، أَي تَوسَّطَها.
وتَكَبَّدَ الأَمْرَ : قَصَدَهُ ، ومنه قولُه :
يَرُومُ البِلادَ أَيَّهَا يَتَكَبَّدُ
ومن المَجاز تَكبَّدَ اللَّبَنُ وغيرُه من الشَّراب : غَلُظَ وخَثُرَ ، واللَّبَنُ المُتَكَبِّدُ : الذي يَخْثُر حتَّى يَصيرَ كأَنَّه كَبِدٌ يَترَجْرَجُ.
وسُودُ الأَكبادِ : الأَعْدَاءُ ، قال الأَعشى :
فَمَا أُجْشِمْتُ مِنْ إِتْيَانِ قَوْمٍ |
|
هُمُ الأَعْدَاءُ فالأَكْبَادُ سُودُ |
يَذْهبون إِلى أَنَّ آثارَ الحِقْدِ أَحْرَقَتْ أَكْبَادَهُم حتى اسْوَدَّت ، كما يُقَال لهم صُهْبُ السِّبَالِ وإِن لم يَكُونوا كذلك ، والكَبِدُ مَعْدِنُ العَدَاوَةِ.
والكَبْدَاءُ : رَحَى اليَدِ ، وهي التي تُدَارُ باليَدِ ، سُمِّيَت كَبْدَاءَ لما في إِدَارَتِها مِن المَشَقَّةِ ، قال :
بُدِّلْتُ مِنْ وَصْلِ الغَوَانِي (٢) البِيضِ |
|
كَبْدَاءَ مِلْحَاحاً عَلَى الرَّمِيضِ (٣) |
تَخْلأُ إِلَّا بِيَدِ القَبِيضِ (٤)
يَعْنِي رَحَى اليَدِ ، أَي في يَدِ رَجُلٍ قَبِيضِ اليَدِ خَفِيفِها.
وقال الآخر ، وهو راجزُ بني قَيْسٍ :
بِئْسَ الغِذَاءُ لِلْغُلامِ الشَّاحِبِ (٥) |
|
كَبْدَاءُ حُطَّتْ (٦) مِنْ ذُرَا كَوَاكِبِ |
أَدَارَهَا النَّقَّاشُ كُلَّ جَانِبِ
يَعْنِي رَحًى. والكَوَاكِبُ : جِبَالٌ طِوَالٌ (٧).
والكَبْدَاءُ : القَوْسُ يَمْلأُ الكَفَّ مَقْبِضُها ، وهو مَجاز ، وقيل : قَوْسٌ كَبْدَاءُ : غَلِيظَةُ الكَبِدِ شَدِيدَتُها. وفي الأَساس : قَوْسٌ كَبْدَاءُ : يَمْلأُ عِجْسُها (٨) الكَفَّ والكَبْدَاءُ : المَرْأَةُ الضَّخْمَةُ الوَسَطِ البَطِيئةُ السَّيْر ، وقيل : امرأَةٌ كَبْدَاءُ بَيِّنةُ الكَبَدِ ، بالتحريك.
والرَّجُلُ أَكْبَدُ ، وهو الضَّخْمُ الوَسَطِ ، ولا يكون إِلَّا بَطِىءَ السَّيْرِ.
والكَبْدَاءُ : الرَّمْلَةُ العَظيمةُ الوَسَطِ ، وناقَةٌ كَبْدَاءُ ، كذلك ، قال ذو الرُّمَّة :
سِوَى وَطْأَةٍ دَهْمَاءَ مِنْ غَيْرِ جَعْدَةٍ |
|
ثَنَى (٩) أُخْتَهَا عَنْ غَرْزِ كَبْدَاءَ ضامِرِ |
ومن المَجاز كابَدَهُ مُكَابَدَةً وكِبَاداً ، الأَخير بالكسر : قَاسَاهُ ، والاسم الكابِدُ كالكاهِل والغارب ، قال ابنُ سِيده : أَعْنِي به أَنّه غيرُ جارٍ على الفِعْلِ ، قال العَجَّاج :
__________________
(١) اللسان : حملوها.
(٢) التهذيب : الحسان.
(٣) التهذيب : «الرضيض».
(٤) في التهذيب : إلّا في يد.
وبهامش المطبوعة المصرية : «سقط قبل قوله كبداء الخ» مشطور ونصه في التكملة :
وبالرداح الجسرة النهوض
(٥) في التهذيب والتكملة بئس طعام الصبية السواغب ونبه بهامش المطبوعة المصرية إلى رواية المشطور في التكملة.
(٦) في التهذيب : جاءت.
(٧) في التهذيب : وكواكب : جبل معروف بالبادية.
(٨) عن الأساس ، وبالأصل : «عجيسها».
(٩) عن الديوان ص ٢٩٣ والتهذيب ، وبالأصل «تني».