وأَبيضُ العَيْدَانِ والجَبَّارُ (١)
قال أَبو عُدنان : يُقَال : عَيْدَنَت [النخلةُ] (٢) إِذا صارَت عَيْدانةً ، وقال المسيّب بن عَلَسٍ :
والأُدْمُ كالعَيْدانِ آزَرَهَا |
|
تَحْتَ الأَشاءِ مُكَمَّمٌ جَعْلُ |
قال الأَزهريُّ : مَنْ جَعَل العَيْدَانَ فَيْعَالاً جَعَلَ النُّونَ أَصْلِيَّةً ، والياءَ زائِدةً ودَلِيلُه على ذلك قولُهم : عَيْدَنَت النُّخْلَةُ. ومَنْ جَعَلَه فَعْلَانَ مثْل : سَيْحَان ، مِن ساحَ يَسِيحُ ، جعلَها أَصْلِيَّةً ، والنونَ زائدَةً ، قال الأَصمَعِيُّ : العَيْدَانَةُ : شَجَرَةٌ صُلْبَةٌ قَدِيمةٌ ، لها عُرُوقٌ نافِذَةٌ إِلى الماءِ ، قال : ومنه هَيْمَان وعَيْلان ، وأَنْشَد :
تَجَاوَبْنَ في عَيْدَانَةٍ مُرْجَحِنَّةٍ |
|
من السِّدْرِ رَوَّاهَا المَصِيفَ مَسِيلُ |
وقال (٣) :
بَواسِق النَّخْلِ أَبْكاراً وعَيْدَانَا
ومِنْها كانَ قَدَحٌ يَبُولُ فِيهِ النَّبيُّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم باللَّيْلِ ، كما رَوَاه أَهْلُ الحديثِ ، وهو في سُنَنِ الإِمامِ أَبي دَاوُودَ ، وضَبَطُوه بالفَتْح ، ومنهم من يُرجِّح الكسْرَ.
وعَيْدانُ ، ع ، من العَوْد ، كرَيْحَان من الرَّوْح وعَيْدَانُ : عَلَمٌ ، وهو عَيْدَانُ بن حُجْر بن ذي رُعَيْنٍ ، جاهلُّي ، واسمه : جَيْشانُ ، وابن أَخيه عَبْدُ كَلَال هو الّذي بعثه تُبَّعٌ على مُقدِّمته إِلى طَسْم وجَدِيس ، ونقل ابنُ ماكولا ، عن خطِّ ابن سعيد ، بالغين المعجمة. وأَبو بكر محمّد بن عليّ بن عَيْدان ، العَيْدانِيّ الأَهوازِيُّ ، سمِعَ الحاكمَ.
وفي المحكم : المَعَادُ : الآخِرَةُ : والمَعادُ : الحَجُّ ، وقيل : المَعَاد : مَكَّةُ زِيدَت شَرَفاً ، عِدَةً للنَّبيِّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم أَن يفْتَحَها له. وقالت طائفة ـ وعليه العملُ ـ (إِلى مَعادٍ) أَي إِلى الجَنَّةِ. وفي الحدِيث : «وأَصْلِح لي آخِرَتِي التي فيها مَعَادِي».
أَي ما يَعُود إِليه يَوم القِيَامَةِ (٤). وبِكِلَيْهِمَا فُسِّرَ قولُه تعالى : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ (٥) وقال الفرَّاءُ : إِلى مَعَادٍ حيثُ وُلِدت. وقال ثعلبٌ : معناه : يَرُدُّك إِلى وَطَنِكَ وَبَلَدِك (٦).
وذَكَرُوا أَنَّ جِبْرِيلَ قَال «يا مُحَمَّدُ : اشتقْتَ إِلى مَوْلدكَ ووَطِنكَ؟ قال : نعم. فقال له : (إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ).
قال : والمَعَادُ هنا : إِلى عادَتِك ، حيثُ وُلِدْتَ ، وليس من العَوْدِ. وقال مُجَاهِدٌ : يُحْيِيه يوْمَ البَعْثِ. وقال ابنُ عَبَّاس : أَي إِلى مَعْدِنِكَ من الجَنَّة.
وأَكثر التفسير في قوله (لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ) لَبَاعِثُك ، وعلى هذا كلامُ النّاسِ : اذكُر المَعادَ ، أَي اذكُرْ مَبْعَثَك في الآخِرِةَ. قاله الزجَّاج. وقال بعضهم : إِلى أَصْلِكَ من بَنِي هاشِمٍ.
والمَعَادُ : المَرْجِعُ والمَصِيرُ وفي حديثِ عليٍّ : «والحَكَمُ اللهُ والمَعْوَدُ إِليه يَومَ القِيَامَةِ» أَي المَعَادُ. قال ابنُ الأَثِير : هكذا جاءَ المَعْوَدُ على الأَصل ، وهو مَفْعَلٌ من عادَ يَعُودُ ، ومن حَقِّ أَمثالِه أَن يُقلَب (٧) واوُه أَلِفاً كالمَقَام والمَرَاحِ ، ولكِنَّه استَعْمَلَه على الأَصْلِ ، تقول عادَ الشيءُ يَعودُ عَوْداً ومَعَاداً ، أَي رَجَعَ. وقد يَرِدُ بمعنى صَارَ ، كما تقدَّم.
وحَكَى بعضُهم رَجَعَ عَوْداً على بَدْءٍ ، من غير إِضافةٍ.
والذي قاله سيبويه : تقول رجعَ عَوْدُهُ على بَدْئِهِ ، أَي أَنه (٨) لم يَقْطَع ذَهابَهُ حتى وَصَلَهُ برجوعِه ، إِنما أَردتَ أَنَّه رَجَع في حافِرَتِه ، أَي نَقَضَ مَجِيئُه برُجوعه ، وقد يكونُ أَن يقطعَ مَجِيئَه ، ثم يَرْجِعَ فيقول : عَوْدِي على بَدئِي ، أَي رَجَعْتُ كما جِئتُ ، فالمَجىءُ موصولٌ به الرجوعُ فهو بدءٌ ، والرُجُوعُ عَوْدٌ. انتهى كلامُ سيبويه.
قلت : وقد مَرَّ إِيماءٌ إِلى ذلك في : باب الهمزة.
ولَكَ العَوْدُ والعُوَادَةُ بالضّمّ ، والعَوْدَةُ ، كلُّ هذه الثلاثةِ عن اللِّحْيَانِيِّ ، أَي لك أَن تَعودَ في هذا الأَمرِ.
__________________
(١) ديوانه ، وصدره :
قاصرات ضروعها في ذراها
وفي اللسان (جبر ونوض) وأناض بدل وأبيض ، أناض حمل النخلة إناضة وإناضاً ، كأقام إِقامة وإقاماً : أدرك.
(٢) زيادة عن التهذيب واللسان.
(٣) الأصل واللسان ، وفي التهذيب : وقال آخر.
(٤) زيد في اللسان : وهو إِما مصدر وإما ظرف.
(٥) سورة القصص الآية ٨٥.
(٦) ونقل عنه قوله أَيضاً : المعاد : الموعد (التهذيب).
(٧) اللسان : تقلب.
(٨) اللسان : تريد أَنه لم يقطع.