قول الفَرَزدَقِ يَمدَح هِشَامَ بنَ عبدِ الملك :
ومَن وَرِثَ العُودَيْنِ والخَاتِمَ الّذِي |
|
لَه المُلْكُ والأَرْضَ الفَضَاءَ رَحِيبُها |
قال : العُودَانِ : مِنْبَرُ النّبيِّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وعَصَاهُ ، وقد وَرَدَ ذِكْرُ العُودَيْنِ وفُسِّرا بذلك.
وأُمُّ العُودِ : القِبَةُ ، وهي الفَحِثُ ، والجمْع : أُمَّهاتُ العُودِ. وعَادَ كذا : فِعْلٌ بمنزلةِ صارَ ، وقول ساعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ :
فقام تَرْعُدُ كَفَّاهُ بمِيبَلَةٍ |
|
قد عادَ رَهْباً رَذِيّاً طائِشَ القَدَمِ |
لا يكون عَادَ هنا إِلّا بمعنَى صارَ ، وليس يريد أَنَّه عاوَدَ حالاً كان عليها قَبْلُ ، وقد جاءَ عنهم هذا مجيئاً واسِعاً ، أَنشد أَبو عليٍّ للعجّاج :
وقَصَباً حُنِّيَ حتَّى كادَا |
|
يَعُودُ بَعْدَ أَعْظُمٍ أَعوَادَا |
أَي يصير.
وعَادٌ : قَبِيلةٌ ، وهم قَوْمُ هُودٍ ، عليهالسلام ، قال ابن سيده : قضَيْنَا على أَلِفها أَنَّهَا واوٌ للكثرة ، وأَنَّه ليس في الكلام : ع ى د. وأما عِيدٌ وأَعيادٌ فبدَلٌ لازِمٌ ، وأَنشد سيبويه :
تَمُدُّ عليهِ مِن يَمِينِ وأَشْمُلٍ |
|
بُحُورٌ له من عَهْدِ عادٍ وتُبَّعَا |
ويُمْنَعُ من الصرف. قال اللَّيْثُ وعادٌ الأُولى هم : عادُ بن عاديَا بنِ سامِ بن نُوحٍ ، الّذِين أَهلكَهم اللهُ ، قال زُهَيْر :
وأَهْلَكَ لُقْمَانَ بنَ عادٍ وعادِيَا (١)
وأَمّا عادٌ الأَخيرة فهم بَنُو تميم (٢) ، يَنزِلون رِمالَ عالِجٍ ، عَصَوُا الله فَمُسِخُوا نَسْنَاساً ، لكلّ إِنسانٍ منهم يَدٌ ورِجْل من شقٍّ.
وفي كتب الأَنساب : عادٌ هو ابن إِرَمَ بن سام بن نُوح ، كان يَعْبُد القَمَر. ويقال : إِنه رأَى من صُلْبه وأَولاد أَولاد أَولاده أَربعة آلاف ، وإِنه نكَحَ أَلْفَ جاريةٍ ، وكانت بلادُهُم إِرم المذكورة في القرآن ، وهي من عُمَانَ إِلى حَضْرَمَوْت.
ومن أَولاده شَدَّادُ بنُ عادٍ ، صاحبُ المدينةِ المذكورة.
وبئرٌ عادِيَّة ، والعاديُّ : الشيْءُ القَدِيمُ نُسب إِلى عادٍ ، قال كُثَير :
وما سَالَ وادٍ من تِهامةَ طَيِّبٌ |
|
بِهِ قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكُرُورُ (٣) |
وفي الأَساس : مَجْدٌ عادِيٌّ وبِئْرٌ عادِيٌّ : قديمانِ. وفي المصباح : يقال للمُلْك القَدِيم : عادِيٌّ ، كأَنه نِسْبة لعَادٍ ، لتقدُّمه ، وعادِيُّ الأَرضِ : ما تقادَمَ مِلْكُه. والعَرَب تنسُبُ البِنَاءَ الوَثِيقَ ، والبِئرَ المُحْكَمَةَ الطَّيِّ ، الكثيرة الماءِ إِلى عادٍ.
وما أَدرِي أَيُّ عادٍ (٤) هُوَ غَيْرَ مَصْرُوف ، أَيْ أَيُّ خَلْقٍ ، هو.
والعِيدُ ، بالكسر : ما اعتادَكَ مِنْ هَمٍّ أَو مَرَضٍ أَو حُزْن ونحْوِه من نَوْبٍ وشَوْقٍ ، قال الشاعر :
والقَلْبُ يَعتادُه من حُبِّها عِيدُ
وقال يَزِيدُ بنُ الحَكَم الثَّقَفِيّ ، يمدَح سُليَمانَ بنَ عبدِ المَلِك :
أَمسَى بأَسْماءَ هذا القَلْبُ مَعْمُودَا |
|
إِذا أَقولُ : صَحَا يَعْتادُه عِيدَا |
وقال تأَبَّط شَراًّ :
يا عِيدُ مالَكَ مِن شَوْقٍ وإِيراقِ |
|
ومَرِّ طَيْفٍ على الأَهوالِ طَرَّاقِ (٥) |
__________________
(١) ديوانه ، وصدره :
ألم تر أن الله أهلك تبّعا
(٢) التهذيب : أُميم.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وما سال الخ كذا في اللسان هنا ، وأَنشد في مادة كرر :
وما دام غيث من تهامة طيب |
|
به قلب عادية وكرار |
وذكر قبله بيتاً وهو :
أحبك ما دامت بنجد وشيجة |
|
وما ثبتت أُبلى به وتعار |
(٤) ضبطت في القاموس : «عاد» «مصروف ، وفي الصحاح واللسان : «أَي عادَ» غير مصروف». وبهامش اللسان : ولو أريد بعاد القبيلة لا يتعين منعه من الصرف ، ولذا ضبط في القاموس بالصرف.
(٥) من قصيدة في أول المفضليات. وفي التهذيب : «من الأهوال» بدل «على الأهوال».