من أَحْرارِ البُقُولِ ، تنبُتُ في الشِّتاءِ ، تَسْلَحُ الإِبلُ إِذا استكثرَتْ منها. وقيل : هي عُشْبَةٌ تُشبِه الجِرْجِيرَ ، تَنْبُت في حُقوفِ الرَّمْلِ. قال أَبو زِياد : مَنابتُ الإِسْليح الرَّمْل وهمزة إِسْلِيح مُلْحِقة له ببناءِ قِطْمِير ، بدليل ما انضاف إِليها من زيادة الياءِ معها. هذا مذهب أَبي عليّ. قال ابن جِنِّي : سأَلتُه يوماً عن تِجْفَافٍ أَتاؤُه للإِلحاق بباب قِرْطاسٍ؟ فقال : نعم. واحتَجَّ في ذلك بما انضاف إِليها من زيادة الأَلف معها. قال ابن جِنّي : فعَلى هذا يجوز أَن يكون ما جاءَ عنهم من باب أُمْلُود وأُظفورٍ ملحقاً بعسْلُوجٍ ودُمْلوج ، وأَن يكون إِطْرِيحٌ وإِسْلِيحٌ مُلْحَقاً بباب شِنْظيرٍ وخِنْزير. قال : ويبْعُد هذا عندي ، لأَنه يَلْزَم منه أَن يكون باب إِعْصَار وإِسْنَام ملْحقاً بباب حِدْبارٍ وهِلْقَامٍ ، وبابُ إِفْعالٍ لا يكون ملحقاً ، أَلَا تَرَى أَنه في الأَصل للمصدر نحو إِكرام وإِنعام ، وهذا مصدر فِعْلٍ غير مُلحَق ، فيجب أَن يكون المصدر في ذلك على سَمْتِ فِعْلِه غير مخالفٍ له. قال : وكأَنّ هذا ونَحْوه إِنّما لا يكون ملحَقاً من قِبَلِ أَنّ ما زِيدَ على الزِّيَادة الأُولى في أَوَّله إِنّما هو حرفُ لينٍ ، وحرْفُ اللِّينِ لا يكون للإِلحاق ، إِنما جِيءَ به لمعنًى ، وهو امتداد الصَّوْتِ به ، وهذا حديثٌ غيرُ حديثِ الإِلحاق ، أَلَا تَرَى أَنّك إِنما تُقابِل بالمُلْحق الأَصْلَ ، وبابُ المدِّ إِنّما هو الزِّيادة أَبداً. فالأَمرانِ على ما ترَى في البُعْد غايتانِ ؛ كذا في اللسان.
وسَلِيح كجَرِيح : قَبِيلةٌ باليَمن ، هو سَلِيحُ بنُ حُلْوانَ بن عَمْرِو بن الْحَافِ بن قُضَاعَةَ. قلت : واسمه عَمْرٌو (١) ، وهو أَبو قَبيلةٍ ، وإِخوته أَربعُ قبائلَ : تَغْلِبَ الغَلْباءَ ، وغُشَمَ ، ورَبّانَ (٢) ، وتزيدَ ، بني حُلْوانَ بن عَمْرٍو.
وسَيْلَحُونُ بالفتح : ة أَو مدينةٌ باليمن ، على ما في المُغْرِب ولا تَقُل : سالحُونَ ، فإِنه لُغَة العامّة ، بنصب النُّون ورفعها. وقد ذُكر إِعرابه وما يَتعلَّق به في «نصب» فراجِعْه.
وقال اللّيث : سَيْلَحِينُ : موضِعٌ ، يقال : هذه سيْلَحُونُ ، وهذه سيْلَحِينُ ، وأَكثرُ ما يقال : هذه سَيْلَحونَ ، ورأَيت سُيْلَحِيْنَ.
والسُّلَحُ ، كصُرَدٍ : وَلَدُ الحَجَلِ مثلُ السُّلَكِ والسُّلَفِ ، ج سِلْحان كصِرْدَانٍ في صُرَدٍ ، أنشد أَبو عَمْرو لجُؤَيَّةَ :
وتَتْبَعُهُ غُبْرٌ إِذا ما عَدَا عدَوْا |
|
كسِلْحانِ حِجْلَى قُمْنَ حِينَ يقُومُ (٣) |
وفي التّهذيب : السُّلَحَةُ والسُّلَكة : فَرْخُ الحجل ، وجمعُه سِلْحانٌ وسِلْكَانٌ.
وعن ابن شُميل : السَّلَح بالتَّحْريك : ماءُ السّماءِ في الغُدْرانِ وحيث ما كان. يقال : ماءُ العِدِّ ، وماءُ السَّلَحِ. قال الأَزهريّ : سمعْت العربَ تقول لماءِ السماءِ : ماءُ الكَرَعِ ، ولم أَسمع السَّلَح.
وسَلَّحْتُه السَّيْفَ ، جاءَ ذلك في حديث عُقْبَةَ بنِ مالِكٍ «بَعَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَى الله عليه وسلّم سَرِيّةً فسَلَّحْتُ رَجلاً منهم سَيْفاً» ، أَي جَعلْتُه سِلاحَه.
وفي حديث عُمرَ رضياللهعنه لما أُتِيَ بسَيفِ النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ دَعَا جُبَيْرَ بنَ مُطْعِمٍ فسَلَّحه إِيّاه.
وفي حديث أُبَيٍّ قال له : «من سَلَّحَك هذا القَوْسَ؟ قال : طُفَيل».
وسَلَاح كسَحابٍ أَو قَطَامِ : ع أَسْفَلَ خَيْبَرَ.
وفي الحديث : «حَتَّى يكون أَبْعَدَ مَسالِحِهم سَلَاح».
وماءٌ لبني كِلَابٍ مَنْ شَرِبَ منه سَلَحَ. وحَقيقٌ أَن يكون بهذه الصِّفَةِ ماءُ أَكرى (٤).
وسَلْحِينُ ، بالفتح ، حِصْنٌ كان باليَمن يُحْكَى عنه أَنه بُنِي في ثَمانِين (٥) سَنَةً وفي الرَّوض : بَيْنُونُ وسَلْحِينُ : مدينتانِ عظيمتان خَرَّبْهما أَرْياطُ ، قال الشاعر :
أَبَعْدَ بَيْنُونَ لا عَينٌ ولا أَثَرٌ |
|
وبعدَ سَلْحِينَ يَبْنِي النَّاسُ أَبياتَا |
__________________
(١) في جمهرة ابن حزم عمرو بن حلوان بن عمران بن الحافي بن قضاعة.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله : وغشم وربان كذا بالنسخ وليحرر» وقد ذكر في جمهرة ابن حزم ولد حلوان بن عمران وهم أخوة سليح : تغلب (وتسمى تغلب الغلباء) وربان (في نهاية الارب : زبان) ، وهو علاف ، ومراج ، وعايد ، وعايدة وتزيد. ولم يأت على ذكر غشم. ولعله قشم وهو من ولد أسد بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران.
(٣) حجلى ضبطت في اللسان بفتح الحاء تحريف. والصواب ما أثبتناه بكسر الحاء وهي جمع حجل ضرب من الطير. ولهذا الجمع قصة مشهورة جرت بين المتنبي وأبي علي الفارسي. فقد سأل أبو علي المتنبي : كم لنا من الجموع على وزن فِعْلى ، فأجابه المتنبي دون تردد : حِجْلى وظِربى جمع ظربان. قال الفارسي : قضيت ثلاث ليالٍ أطالع كتب اللغة علّني أجد لهذين الجمعين ثالثاً ، فلم أجد.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله أكرى كذا بالنسخ وليحرر».
(٥) في التكملة : بُني في سبعين أو ثمانين سنة.