وفي حديثِ صَعْصَعَةَ : «فرُفعَ لي بَيْتٌ حَرِيدٌ» أَي مُنْتبِذٌ مُتْنَحٍّ (١) عن النّاسِ.
وحَرِدَ عَلَيه كضَرَبَ وسَمِعَ ، حَرَداً ، محرّكةً ، وحَرْداً ، كلاهما : غَضِبَ ، وفي التهذيب (٢) : الحَرْد ، جَزْمٌ ، والحَرَدُ ، لغتان ، يقالَ : حَرِد الرجلُ إِذا اغتاظَ فتحرَّشَ بالّذِي غاظَه وهَمَّ به ، فهو حارِدٌ وَحرِدٌ ، وأَنشد :
أُسُودُ شَرًى لاقَتْ أُسُودَ خَفِيَّةٍ |
|
تَسَاقَيْنَ سُمًّا كُلُّهُنَّ حَواردُ |
قال ابن سِيدَه : فأَمَّا سيبويه ، فقال : حَرِدَ حَرْداً ورجل حَرِدٌ وحاردٌ [غضْبانُ] (٣) قال أَبو العباس ، وقال أَبو زيد ، والأَصمعيّ ، وأَبو عُبَيْدَةَ : الذي سمِعْنَا من العرب الفُصحاءِ ، في الغضب : حَرِدَ يَحْرَد حَرَداً ، بتحريك الرّاءِ ، قال أَبو العَبّاس : وسأَلْت ابنَ الأَعرابيّ عنها فقال : صَحِيحَةٌ ، إِلّا أَن المُفَضَّل رَوَى أَنّ من العَرب من يقول : حَرِدَ حَرَداً وحَرْداً ، والتسكين أَكثر ، والأُخْرَى فَصيحةٌ ، قال : وقَلَّمَا يَلْحَن النّاسُ في اللُّغَة.
وفي الصّحاح : الحَرَدُ : الغَضَبُ ، وقال أَبو نْصَرٍ أَحمَدُ بنُ حاتمٍ ، صاحبُ الأَصمعيّ : هو مُخَفَّف ، وأَنشد للأَعْرَج المَغْنِيّ (٤) :
إِذا جِيادُ الخَيْلِ جاءَت تَرْدِي |
|
مَمْلوءَةً من غَضَبٍ وحَرْدِ |
وقال الآخر :
يَلُوكُ من حرْد عَلَيَّ الأُرَّما
وقال ابن السّكّيت : وقد يُحَرَّك فيقال منه : حَرِدَ ، بالكسر ، فهو حارِدٌ وحَرْدانُ ، ومنه قيل : أَسَدٌ حارِدٌ ، ولُيوثٌ حَوارِدُ.
وقال ابن بَرِّيّ : الَّذِي ذَكَرَه سيبويه : حَرِدَ يَحْرَدُ حَرْداً ، بسكونِ الراءِ ، إِذا غَضِبَ ، قال : وهكذا ذَكَرَه الأَصمعيّ وابن دريد وعليُّ بن حَمْزَة ، قال : وشاهده قولُ الأَشهَبِ بن رُمَيْلةَ :
أُسودُ شَرًى لَاقَتَ أُسُودَ خَفِيَّةٍ |
|
تَسَاقَوْا على حَرْدٍ دِمَاءَ الأَساوِدِ |
والحِرْدُ ، بالكسر : قِطْعَةٌ من السَّنَامِ ، قال الأَزهَرِيّ : ولم أَسمعْ بهذا لغير اللّيْث ، وهو خطأٌ ، إِنما الحِرْدُ : المِعَى.
والحِرْد. بالكسر : مَبْعَرُ البَعِيرِ والنّاقَةِ ، كالحِرْدَة ، بالكسر أَيضاً. وهذه نقلها الصاغانيّ ، والجمع حُرُودٌ.
وأَحرادُ الإِبل : أَمعاؤُهَا ، وخَلِيقٌ أَن يكون واحدُها حِرْدا كوَاحِدِ الحُرودِ الّتي هي مَبَاعِرُهَا ، لأَن المَبَاعِرَ والأَمعاءَ متقارِبَةٌ.
وقال الأَصمعيّ : الحُرُودُ مَباعِرُ الإِبلِ ، واحِدُهَا حِرْدٌ وحِرْدَةٌ ، قال شَمِرٌ : وقال ابنُ الأَعرابيّ : الحُرُود : الأَمعاءُ ، قال : وأَقرَأَنَا لابنِ الرِّقاعِ (٥) :
بُنِيتْ على كَرِش كأَنَّ حُرُودَها |
|
مُقُطٌ مُطَوَّاةٌ أُمِرَّ قُوَاهَا |
وزيادُ بن الحَرِد ، كَكَتِف ، مَولَى عمْرِو بن العاصِ ، روى عن سَيِّده المذكورِ.
وحاردَتِ الإِبِلُ حِرَاداً : انقَطعَتْ أَلبانُها أَو قلَّتْ (٦) ، أَنشد ثعلب :
سَيَرْوِي عقيلاً رِجْلُ ظَبْيٍ وعُلْبَةٌ |
|
تَمطَّتْ به مَصلوبةٌ لم تُحارِدِ (٧) |
واستعاره بعضهم للنساءِ فقال :
وبِتْنَ علَى الأَعضادِ مُرْتفِقاتِها |
|
وحارَدْنَ إِلَّا ما شَرِبْن الحَمائِمَا |
ييقول : انقَطعَتْ أَلبانُهنّ إِلّا أن يَشرَبْن الحَمِيمَ ، وهو الماءُ يُسَخِّنَّه فيشْرَبْنَهُ ، وإِنَّمَا يُسَخِّنَّهُ لأَنهنّ إِذا شَرِبْنَه بارِداً على غيرِ مأْكُول عَقَرَ أَجوافَهُنّ.
ومن المجاز : حَارَدَت السَّنَةُ : قَلَّ ماؤُها ومَطَرُهَا ، وقد
__________________
(١) عن اللسان ، وبالأصل «متنحي».
(٢) في التهذيب المطبوع : الحَرَد لغتان.
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) واسمه عدي بن عمرو بن سويد ، وقيل فيه المعني بدلاً من المغني انظر المرزباني ص ٢٥١.
(٥) في اللسان ابن الرقاع بفتح الراء تحريف.
(٦) التهذيب : وقلّت.
(٧) مصلوبة : موسومة.