وقال أَبو إِسحاق في قوله تعالى : (يَوْمُ الْخُرُوجِ) أَي يَوْم يُبعَثون فيخرجُون من الأَرْض ، ومثله قوله تعالى : (خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ) (١).
وقال الخليلُ بنُ أَحمد : الخُرُوجُ : الأَلِفُ الَّتي بَعْدَ الصِّلَةِ في الشِّعْر ، وفي بعض الأُمّهات : في القافية ، كقول لبيد :
عَفَتِ الدِّيَارُ مَحَلُّهَا فمُقَامُهَا (٢)
فالقافِيَةُ هي الميم ، والهاءُ بعد الميم هي الصِّلَةُ ، لأَنها اتّصلَتْ بالقَافِيَة ، والأَلِفُ التي بعد الهاءِ هي الخُرُوجُ.
قال الأَخْفَشُ : تَلْزَمُ القَافِيَةَ بعد الرَّوِيِّ الخُرُوجُ ، ولا يكون إِلَّا بحرْفِ اللِّينِ ، وسبب ذلك أَن هاءَ الإِضمار لَا يَخْلُو (٣) مِن ضَمٍّ أَو كَسْرٍ أَو فَتْح ، نحو ضَرَبَه ، ومررت بِهِ ، ولَقيتُها ، والحَركاتُ إِذا أَشْبِعَتْ لم يَلْحَقْها أَبداً إِلّا حُرُوفُ اللِّينِ ، وليستِ الهَاءُ حَرْفَ لِينٍ ، فيجوزُ أَن تَتْبَعَ حَرَكَةَ هَاءِ الضَّمِيرِ ، هذا أَحدُ قَوْلَيِ ابنِ جِنِّي ، جَعَلَ الخُروجَ هو الوَصْلَ ، ثم جعلَ الخُرُوجَ غيرَ الوَصْلِ ، فقال : الفَرْقُ بين الخُروجِ والوَصْلِ أَنَّ الخُرُوجَ أَشدُّ بُروزاً عَن حَرْفِ الرَّوِيّ ، واكْتِنَافاً مِنَ الوَصْلِ ، لأَنه بَعدَه ، ولذلك سُمِّيَ خُروجاً ، لأَنه بَرَزَ وخَرَجَ عن حَرفِ الرَّوِيّ ، وكُلَّمَا تَراخَى الحَرْفُ فِي القافِيَةِ وَجَبَ له أَن يَتَمَكَّنَ في السّكُونِ واللِّينِ لأَنّه مَقْطَعٌ لِلوَقْفِ والاستراحةِ وفَناءِ الصَّوْتِ وحُسُورِ النَّفسِ ، ولَيْسَت الهاءُ في لِينِ الأَلِف والواوِ والباءِ ، لأَنهنّ مُستطِيلاتٌ مُمتَدَّاتٌ. كذا في اللسان.
ومن المجاز : فُلانٌ خَرَجَتْ خَوَارِجُه ، إِذا ظَهَرَتْ نَجَابَتُهُ وتَوَجَّهَ لإِبْرَامِ الأُمورِ وإِحْكَامِهَا وعَقَلَ عَقْلَ مِثْلِه بَعْدَ صِباهُ.
وأَخْرَجَ الرَّجُلُ : أَدَّى خَرَاجَهُ ، أَي خَراجَ أَرْضِه ، وكذا الذِّمِّيُ خَرَاجَ رَأْسِه ، وقد تَقدَّم.
وأَخْرَجَ إِذا اصْطادَ الخُرْجَ ـ بالضّمّ ـ مِن النَّعامِ ، الذَّكَرُ أَخْرَجُ ، والأُنْثى خَرْجَاءُ.
وفي التّهذيب : أَخْرَجَ ، إِذا تَزَوَّجَ بِخِلَاسِيَّةٍ ، بكسرِ الخاءِ المعجمة ، وبعد السين المهملة ياءُ النِّسْبَة.
ومن المجاز : أَخْرَجَ ، إِذا مَرَّ بهِ عَامٌ ذُو تَخْرِيجٍ ، أَي نِصْفُه خِصْبٌ ونِصْفُه جَدْبٌ.
وأَخْرَجَتِ الرَّاعِيَةُ ، إِذا أَكلَتْ بَعْضَ المَرْتَعِ وتَرَكَتْ بَعْضَه ، ويقال أَيضاً خَرَّجَتْ تَخْرِيجاً وقد تَقدَّم.
والاسْتِخْراجُ والاخْتِراجُ : الاسْتِنْبَاطُ ، وفي حديثِ بَدْر «فاخْتَرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قِرْبَةٍ» أَي أَخْرَجَهَا ، وهو افْتَعَلَ منه.
واخْتَرجَه واسْتَخْرَجَه : طَلَبَ إِليه أَو مِنْه أَن يَخْرُجَ.
ومن المَجَاز : الخُرُوجُ : خُرُوجُ الأَدِيبِ ونَحْوِه ، يقال : خَرَجَ فُلانٌ فِي العِلْمِ والصِّنَاعَةِ خُرُوجاً : نَبَغَ ، وخَرَّجَه في الأَدَبِ تَخْرِيجاً ، فتَخَرَّجَ هو ، قال زُهَيْرٌ يَصِف خَيْلاً :
وخَرَّجَهَا صَوَارِخَ كُلَّ يَوْمٍ |
|
فَقَدْ جَعَلَتْ عَرائِكُهَا تَلِينُ |
قال ابنُ الأَعرابيّ : مَعْنى خَرَّجَها : أَدَّبَها كما يُخَرِّجُ المُعَلِّمُ تِلميذَه.
ومن المجاز : هُو خَرِيجُ مَال ، كأَمِيرٍ ، وخِرِّيج مالٍ كعِنِّينٍ ، بمعنى مَفْعُولٍ إِذا دَرَّبَه في الأُمورِ (٤).
ومن المجاز : نَاقَةٌ مُخْتَرِجَةٌ إِذا خَرَجَتْ (٥) على خِلْقَة الجَمَلِ البُخْتِيِّ ، وفي الحديث (٦) : أَنَّ الناقة التي أَرْسَلَهَا اللهُ تعالى آيةً لقومِ صالح عليهالسلام ، وهم ثمود ، كانت مُخْتَرجَةً (٧) قال : ومعنى المُخْتَرجَة أَنها جُبِلَت على خِلْقَةِ الجملِ ، وهي أَكبرُ منه وأَعْظَمُ.
والأَخْرَجُ : المُكَّاءُ ، للَوْنِه.
__________________
(١) سورة القمر الآية ٧.
(٢) الشطر الأول من صدر معلقة لبيد وتمامه من ديوانه ص ٢٩٧ (طبعة الكويت) هو : بمنى تأبد غولها فرجامها
(٣) اللسان : لا تخلو.
(٤) في اللسان : إذا درَبه وعلمه.
(٥) الأصل والقاموس واللسان ، وبهامش المطبوعة الكويتية أشار إلى ورودها في القاموس المطبوع «جرجت» وما بين أيدينا من نسخ القاموس «خرجت» فلعله وقعت بين يدي محققه نسخة حرفت فيها الكلمة.
(٦) في التهذيب : وفي حديث قصة ثمود.
(٧) أثبتنا ضبط التهذيب واللسان هنا للكلمة.