الضُّحَى الأَعلَى ، ثم هو سَرَابٌ سَائِر اليَوم. وقال ابن السِّكِّيت : الآلُ : الَّذِي يَرْفَعُ الشُّخُوصَ ، وهو يَكُون بِالضُّحى ، والسَّرَابُ (١) : الذي يَجرِي على وَجهِ الأَرض ، كأَنَّه المَاءُ وَهُو نِصْفُ النَّهَار. قال الأزْهَرِيُّ : وهو الَّذِي رَأَيْتُ العَربَ بالبَادِيَة يَقُولُونه. وقال أَبُو الهَيْثَم : سُمِّي السَّرابُ سَرَاباً لأنَّه يَسْرُبُ سُرُوباً (٢) أي يَجْرِي جَرْياً. يُقَالُ : سَرَبَ المَاءُ يَسْرُبُ سُرُوباً.
وسَرَابُ مَعْرِفَةً أَي عَلَمٌ لا يَدْخُلُه الأَلِفُ واللَّامُ ، ويُعْرَبُ إعْرَابَ مَا لَا يَنْصَرِف. وفي لُغَة مَبْنِيًّا عَلَى الكَسر كقَطَام : اسْمُ نَاقَة والبَسُوس : لَقَبُها. ومنهُ المَثَلُ المشهور : «أَشْأَمُ من سَرَاب» لكونِها سَبَباً في إقَامَة الحَرب بَين الحَيَّين ، وقِصَّتُها مَشهُورَة في كتب التَّوارِيخ. وذَكَرَ البَلاذُريّ في نَسَب عَمرِو بنِ سَعْدِ بْنِ زَيْد مَنَاةَ مَا نَصُّه : «ومنهُم البسوس (٣) وهِي الَّتِي يُقَال : أَشْأَمُ من البَسُوس صَاحِبة سَرَاب الَّتي وقَعَت الحَربُ بين ابنَي وَائِل بسَبَبِها (٤) : وعَنْ أَبِي زَيْد سُرِب الرَّجلُ كعُنِى فهو مَسْرُوبٌ سَرْباً : دَخَل في فمه وخيَاشِيمِه ومَنَافِذِه كالدُّبُر وغَيره دُخَانُ الفِضَّة فأَخذه حُصْر فَرُبَّما أَفْرِق ورُبَّمَا مَاتَ (٥). والسَّاربُ كالسَّرِب ، عن ابن الأَعْرَابيّ ، وهو الذَّاهِبُ عَلَى وَجْهِهِ في الأَرْضِ.
قال قَيْسُ بن الخَطيم :
أَنَّى سَرَبْتِ وكُنْتِ غيرَ سَرُوبِ |
وتُقَرِّبُ الأَحْلَامُ غيرَ قَرِيبِ |
رواه ابنُ دُرَيْد : سَرَبت بالباء ، ورَوَى غيره باليَاءِ.
وسَرَبَ الفَحلُ يَسرُبُ سُرُوباً فهو سَاربٌ إذا تَوَجَّه للمَرعَي ، وفي نسخة للرَّعي (٦) بكَسرِ الرَّاء ، ومَالٌ سَارِبٌ.
قال الأَخْنَسُ بنُ شِهَاب التَّغلَبِيّ :
وكُلُّ أَنَاس قَارَبُوا قَيدَ فَحلِهِم |
ونَحْنُ حَلَلْنَا قَيْدَه فَهُوَ سَارِبُ |
قال ابنُ بَرِّيّ : قال الأَصْمَعِيُّ : هذا مَثَلٌ ، يُرِيدُ أَنَّ النَّاسَ أَقَامُوا في مَوْضِعٍ وَاحِدٍ ، لا يَجتَرِئُون عَلَى النُّقْلَة إلَى غَيْره ، وقَارَبُوا قَيد فَحلِهم أي حَبَسُوا فَحلَهُم عَن أَن يَتَقدَّمَ فَتَتبَعَهُ إبلُهم خَوفاً أَن يُغَارَ عَلَيْهَا. ونَحنُ أَعِزَّاءُ نَقْتَرِي الأَرْضَ نَذْهَبُ حَيْثُ شِئْنَا ، فنَحْنُ قَدْ خَلَعْنَا قَيْدَ فَحْلِنا ليَذْهَبَ حَيْثُ شَاءَ ، فحَيْثُمَا نَزَعَ إلَى غَيْثٍ تَبِعْنَاه.
وقال الأَزهريّ : سَرَبَتِ الإبِلُ تَسْرُب ، وسَرَبَ الفَحْلُ سُرُوباً أَي مَضَتْ في الأَرْض ظَاهِرَةً حَيْثُ شَاءَت. وظَبْيَةٌ سَارِبَةٌ : ذَاهِبَةٌ في مَرْعَاهَا. وسَرَبَ سُرُوباً : خَرَجَ. وسَرَبَ في الأَرْضِ : ذَهَبَ. وفي التَّنْزِيلِ : (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) (٧) أَي ظَاهِر بالنَّهارِ في سِربِهِ.
ويُقَالُ : خَلِّ سِربَه أَي طَرِيقَه ، فالمَعْنَى : الظَّاهِرُ في الطُّرقَاتِ والمُسْتَخْفِي في الظُّلُمَات ، والجَاهِرُ بِنُطْقِه والمُضْمِر في نَفْسه ، عِلْمُ اللهِ فِيهم سَوَاءٌ. ورُوِي عَنِ الأَخْفَشِ أَنَّه قَال : مُسْتَخْفٍ باللَّيْلِ أَي ظَاهِرٌ ، والسَّارِبُ : المُتَوَارِي. وقال أبو العَبَّاسِ : المُسْتَخْفِي : المُسْتَتِرُ. قال : والسَّاربُ : الخَفِيُّ والظَّاهِرُ عِنْدَهُ وَاحد. وقال قُطْرُب : سَارِبٌ بالنَّهَار : مُسْتَتِر. كَذَا فِي لِسَانِ العَرَبِ. وقال شَيْخُنَا.
السُّروبُ بِمَعْنَى الظُهُورِ مَجَازٌ.
وقال أبو عبيدة : سَرِبت المَزَادَةُ كفَرح إذَا سَالَت فَهِي سَرِبَةٌ ، مَأخُوذٌ من سَرِب المَاءُ سَرَباً إِذَا سَال ، فهو سَرِبٌ.
وانْسَرَبَ وأَسْرَبَه هُوَ وسَرَّبَه. قَال ذُو الرُّمَّةِ :
مَا بَالُ عَيْنِكَ مِنْهَا المَاءُ يَنْسَكِبُ |
كَأَنَّه من كُلَى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ(٨) |
وقال اللحيانيّ : سَرِبَتِ العَيْنُ [سَرَباً] (٩) وسَرَبَتْ تَسْرُبُ سُرُوباً ، وتَسَرَّبَتْ : سَالَتْ.
وانْسَرَبَ : دَخَل في السَّرَبِ ، والوَحْشِيُّ في سَرَبِه وكِنَاسِهِ ، والثَّعْلَبُ في جُحْرِه. وتَسَرَّبَ إذا دَخَل.
__________________
(١) بالاصل «والسحاب» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله والسحاب كذا بخطه والصواب السراب كما هو واضح».
(٢) بالأصل «سربا» وما أثبتناه عن اللسان.
(٣) وهي البسوس بنت منقر (منقذ) الفقيمية (التميمية) خالة جساس بن مرة قاتل كليب بن ربيعة.
(٤) انظر الميدانى ١ / ٢٥٤ الضبي ص ٥٦ الفاخرة ص ٩٣.
(٥) عن اللسان ، وبالأصل «أمات».
(٦) في القاموس : للرَّعي.
(٧) سورة الرعد الآية ١٠.
(٨) قال ابو عبيدة : ويروى «سرب» بكسر الراء.
(٩) زيادة عن اللسان