مُحَرَّكَةً ، ونُكُوباً بالضَّمّ ، مصدرُ يَنْكُبُ كيَنْصُرُ. ففي كلامه لَفٌّ ونَشْرٌ ، هكذا أَورده ابْنُ سِيدَه وابْنُ منظور. فقولُ شيخِنا : النَّكَبُ ، مُحَرَّكَةً ، غريبٌ ، ولعلّه مصدرُ : نَكِبَ ، كفرِحَ ، على غرابتِهِ وفَقْده من أَكثرِ الدَّواوِين مِمّا يُقْضَى العَجَبُ ، كما لا يخْفَى على متأَمل : عَدَلَ ، كنَكَّبَ تَنكيباً ، وتَنَكَّبَ. ومنه قولُ الأَعْرَابِيّ في وصْف سحابةٍ : قد نَكَّبَتْ ، وتَبَهَّرتْ ؛ أَي : عَدَلَتْ ؛ وأَنشد الفارسيُّ :
هُما إِبِلانِ فِيهِما ما عَلِمْتُمُ |
فَعَنْ أَيِّها ما شِئتُمُ فَتَنَكَّبُوا |
عدّاه بعن ، لِأَنَّ فيه معنى : اعْدِلُوا وتَبَاعَدُوا ، و «ما» زائدةٌ.
قال الأَزْهَرِيُّ : وسَمِعْتُ العَرَبَ تَقولُ : نَكَبَ فلانٌ عن طريق الصَّوابِ ، يَنْكُبُ ، نُكُوباً : إِذا عَدلَ عنه. ونَكَّبَ عن الصَّواب كذلك ، ونَكَّبَهُ ، تَنْكِيباً : نَحَّاهُ ، فهو إِذاً لازِمٌ ، ومُتَعَدٍّ. وفي حديثِ عُمَرَ ، رضياللهعنه (١) «نَكِّبْ عَنَّا ابْنَ أُمَّ عَبْدٍ» أَي : نَحِّه عنَّا. وَتَنَكَّبَ فُلانٌ عنَّا ، تَنَكُّباً : أَي مالَ عنا. وفي الصّحاح : نَكَّبه ، تَنكيباً : عدلَ عنه ، واعْتَزَلَه.
وتَنَكَّبَهُ : تَجنَّبه.
وطَرِيقٌ ينكُوبٌ : على غَيْرِ قَصْد.
ونَكَّبَهُ الطَّرِيقَ ، يُنَكِّبُ ، بِنَصْب الطَّرِيق ؛ وكذا نَكَّبَ بِهِ عَنهُ تَنكِيباً بمعنى عَدَلَ. وفي حديث الزكاة : «نَكِّبْ (٢) عن ذاتِ الدَّرِّ».
وفي حديثٍ آخَرَ قالَ لِوحْشِيٍّ : «تَنَكَّبْ عن وَجْهِي» ، أَي تَنَحَّ ، وأَعْرِضْ (٣) عنِّي.
والنَّكْبُ ، بالفتح : الطَّرْحُ ، والإِلْقاءُ.
وبالتّحرِيكِ : هو المَيَلُ في الشيْءِ ، وفي المُحْكَمِ : شِبْهُ مَيَلٍ في الشَّيْءِ ، وأَنشد :
عن الحَقِّ أَنْكَبُ
وفي الأَساس : ومن المجاز : وإِنَّهُ لأَنكَبُ (٤) عن الحَقِّ ، وناكِبٌ عنه : مائل. وقال ابْنُ سِيدهْ : هو ظَلَعٌ بالبَعِيرِ من وَجَعٍ في مَنْكِبهِ ، أَو دَاءٌ يَأْخُذُ البَعيرَ في مناكِبِهِ الأولى يأْخُذُ الإِبِلَ في مَنَاكبِها ، كما هي عبارةُ غيرِ واحدٍ من أَئمَّة اللُّغَة ، يَظْلعُ منه وتَمْشِي مُنْحرِفَةً : أَو النَّكَبُ : لَا يكُونُ إِلَّا في الكَتِفِ ، نقله الجَوْهَرِيُّ عن العَدَبَّس.
نَكِب البَعيرُ ، بالكَسْر ، يَنْكَب ، نَكَباً ، وهو أَنْكَبُ ، قال رجلٌ من فَقْعِس :
فَهَلَّا أَعدُّوني لِمِثْلِي تَفاقَدُوا |
إِذا الخَصْمُ أَبْزَى مائِلُ الرأْسِ أَنكَبُ |
وفي اللسان : بَعِيرٌ أَنكَبُ : يَمْشِي مُتَنكِّباً. والأَنْكَبُ من الإِبِلِ كأَنَّمَا يَمْشِي في شِقٍّ ، وأَنشد :
أَنْكَبُ زَيّافٌ وما فيهِ نَكَدْ(٥)
والنَّكْبَاءُ : كُلُّ رِيحٍ ، مُطَلَقٌ ، أَو من الرِّيَاحِ الأَرْبَعِ انْحَرَفَتْ وَوَقَعَتْ بينَ رِيحَيْنِ ، وهي تُهْلِك المَالَ ، وتَحْبِسُ القَطْرَ ، وقد نَكَبَتْ تَنْكُبُ نُكُوباً. أَو النَّكْبَاءُ الّتي لا يُخْتَلَفُ فيها : وهي الَّتي تَهُبُّ بَيْنَ الصَّبَا والشَّمَالِ. والجِرْبِياءُ : الَّتي بين الجَنُوبِ والصَّبَا ، قاله أَبو زيد. أَو نُكْبُ الرِّياحِ أَرْبعٌ ، حكاه ثعلب عن ابن الأَعْرَابِيّ : أَحَدُهَا الأَزْيَبُ ، سَمّاهُ الجوْهريُّ ، وهي نكْبَاءُ الصَّبَا والجَنُوبِ مِهْيَافٌ ملْوَاحٌ مِيبَاسٌ للبَقْل ، وهي الّتي تَجِيءُ بينَ الرِّيحَيْنِ وجَزَمَ الطَّرابُلْسِيُّ في الكِفَاية ، والمُبَرّدُ وابْنُ فارسٍ ، بأَنّ الأَزْيَبَ هو الجَنُوبُ لا نَكْبَاؤُهَا. وابْنُ سِيدَه ذَكَرَ القَوْلَيْنِ كما للمصنّف. والثّانية : الصّابِيَةُ ، وتُسَمّى النُّكَيْبَاءَ أَيضاً ، قال الجَوْهَرِيُّ وإِنّما صَغَّرُوها ، وهم يُرِيدونَ تكبيرَها ، لأَنّهم يَسترِدُونَها جِدّاً ، وهي نَكْبَاءُ الصَّبَا والشَّمالِ ، مِعْجاجٌ ، مِصْرَادٌ ، لا مَطَرَ فيها ، ولا خَيرَ عِنْدَها. والثّالثة : الجِرْبِيَاءُ ، ككِيمياءَ ، وهي نَكْبَاءُ الشَّمالِ والدَّبُورِ ، وهي قَرَّةٌ ، ورُبَّمَا كان فيها مَطرٌ قليلٌ. وجَزَم ابنُ الأَجْدَابيّ أَنّ الجِرْبِيَاءَ هي الشَّمَالُ ، وقد تَقَدَّمَ. وقولُ شيخِنا : وزادَ في الصَّحاح أَنَّهُ يُقَالُ لهذِه النَّكْبَاءِ قَرَّةٌ ، فيه تَأَمُّلٌ ، لأَن قَرَّة لمْ يجعلْها اسْماً ، بل وَصَفَهَا به ، كما وصَفَ ما بَعْدَهَا بقولِهِ : حَارَّة ، وهي نَيِّحَةُ الأَزْيَبِ ، بفتح النّون وكسر التَّحْتيّة المشدّدة ، كسيِّدَة ، الّتي تُناوِحُهَا ، أَي : تُقَابِلُها ، يُقالُ : تَناوَحَ الشَّجَرُ إِذا قابَلَ بعضُه بعضاً.
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله نكّب عنا الخ قاله لهنيّ مولاه أفاده في التكملة» ومثله في اللسان.
(٢) عن النهاية ، وفي الأصل «نكبه».
(٣) عن النهاية ، وفي الأصل : «أو أعرض عني».
(٤) عن الأساس ، وفي الأصل «أنكب».
(٥) في اللسان : نكب بدل نكد.