ونَسَبَهُ ، يَنْسِبُهُ بالكسر ، نَسَباً مُحَرَّكَةً ، هكذا في سائر النُّسَخ ، وسقَطَ من نُسْخَةِ شيخِنا ، فاعترض على المُصَنِّف ، ونَسَبَ القُصُور إِليه ، حيثُ قال : إِنْ أَجرَيْنَاهُ على اصطلاحه في الإِطلاق وضَبْطِه بالفتح ، بقِيَ عليه المُحرَّكُ ؛ وإِن حرَّكْناه بناءً على الشُّهْرة ، ولم يُعْتَبَرِ الإِطْلاقُ ، بقِيَ عليه المفتوحُ.
وبما ذَكَرْنَاهُ من التَّفصيل يَنْدَفِع ما استَشكلَه شيخُنَا. على أَن النَّسْبَ ، كالضَّرْبِ ، من مصادِر الباب الأَول ، كما هو في الصَّحاح مضبوطٌ ، والّذي في التّهْذِيب ما نَصُّهُ : وقد اضْطُرَّ الشّاعرُ فأَسْكَنَ السِّينَ ؛ أَنشد ابْنُ الأَعْرابيِّ :
يا عَمْرُو يا ابْنَ الأَكْرَمينَ نَسْبَا |
قد نَحَبَ المجْدُ عليكَ نَحْبَا |
أَي : نَذْراً. ونِسْبَةً ، بالكَسْر : ذَكَرَ نَسَبَهُ.
ونَسَبهُ : سأَلَهُ أَنْ يَنْتَسِبَ. ونَسَبْتُ فلاناً ، أَنْسُبُه ، بالضَّمّ ، نَسْباً : إِذا رَفْعتَ في نَسَبِه إِلى جَدِّه الأَكبرِ.
وفي الأَساس : من المَجَاز : جَلَسْتُ إِليه ، فنَسَبَنِي ، فانتسبْتُ له (١).
وفي الصَّحاح : انْتَسَبَ إِلى أَبِيه : اعْتَزَى. وفي الخبر : «إِنَّهَا نَسَبَتْنا ، فانْتَسَبْنا لها».
رواه ابْنُ الأَعْرَابيّ.
ونَاسَبهُ : شَرِكَهُ في نَسبِه.
ونَسَب الشّاعرُ بالمَرْأَةِ ، وفي بعضٍ : بالنِّساءِ (٢) ، يَنْسِبُ بالكسر ، كذا في الصَّحاح ، ويَنْسُب بالضَّمّ ، كذا في لسان العرب. قلتُ : والأَخيرُ نقَلَهُ الصّاغانيّ عن الكِسَائيّ نَسَباً محركة ، ونَسِيباً كَأَمِيرٍ ، ومَنْسِبَةً بالفتح ، أَي : مع كسر السّين ، وكذلك : مَنْسِباً ، كمَجْلِس ، كما نقله الصّاغانيُّ : شَبَّبَ بها (٣) في الشِّعْر ، وتَغزَّلَ ، وذلك في أَوّل القصيدة ، ثم يَخرُجُ إِلى المديح ، كذا قاله ابْنُ خَالَوَيْه. وقال الفِهْرِيّ ، في شرح الفصيح : نَسبَ بها : إِذا ذكَرَهَا في شِعره ، ووصَفَها بالجمال والصِّبا وغيرِ ذلك. وقال الزَّمْخَشْرِيُّ : إِذا وَصَفَ مَحَاسِنَها ، حقّاً كان أَو باطلاً. وقال صاحبُ الواعي : النَّسِيبُ ، والنَّسَبُ : هو الغَزَلُ في الشِّعْر ، قال : والنَّسِيبُ في الشِّعر : هو التَّشبيبُ فيه ، وهي المَناسيبُ والواحِدُ مَنسوبٌ. وقال ابن دُرُسْتَوَيْه : نَسَبَ الشّاعِر بالمَرْأَةِ ، ونَسَبَ الرَّجُلَ : هما جميعاً من الوصْف لأَنّ من نَسَبَ رجُلاً ، فقد وَصَفَه بأَبيه أَو ببلده أَو نحوِ ذلك ، ومن نَسَبَ بامْرَأَةٍ ، فقد وصَفَها بالجَمال والصَّبا والجَوْدَة وغيرِ ذلك. قال شيخُنا : وكذلك يُطْلَقُ النَّسيبُ على وصْف مَرابعِ الأَحباب ومنازلهم ، واشتياقِ المُحِبِّ إِلى لقائهم ووِصالهم ، وغير ذلك ممّا فصَّلوه ، وسَمَّوه التَّشبيبَ ؛ لأَنّه يكونُ غالباً في زمن الشَّبابِ ، أَو لأَنّه يَشتمِلُ على ذِكْر الشَّبَاب والغَزَل لِما فيه من المُغَازَلَة والمُنَادَمَة.
والنَّسّابُ ، والنَّسَّابَةُ : البَلِيغُ العالِمُ بالنَّسَبِ ، وجمعُ الأَوّل : النَّسّابُونَ ، وأَدخلُوا الهاءَ في نَسَّابَةٍ للمبالغة والمَدْح ، ولم تُلحَق لتأْنيثِ الموصوفِ ، وإِنّمَا لَحِقت لإِعْلامِ السّامعِ أَنّ هذا الموصوفَ بِما (٤) هي فيه قد بلَغَ الغايةَ والنِّهَايَةَ ، فجعَلَ تأْنيثَ الصِّفَةِ أَمارَةً لِمَا (٤) أُرِيدَ من تأْنيثِ الغايةَ والمُبَالغة ، وهذا القولُ مُسْتَقصًى في عَلّامةٍ.
وتقول : عندي ثلاثةُ نَسَّاباتٍ وعَلَّاماتٍ ، تريدُ ثَلاثةَ رِجالٍ ، ثمّ جئتَ بِنَسّاباتٍ نعْتاً لهم. وفي حديثِ أَبي بكر ، رضياللهعنه : «وكان رَجُلاً نَسّابَةً».
ويقال هذا الشِّعْرُ أَنْسَبُ أَي أَرَقُّ نَسِيباً وتشبيباً ، وكأَنّهم قد قالُوا : نَسِيبٌ ناسِبٌ ، كشِعْرٍ شاعِرٍ على المبَالغة ، فبُنِيَ هذا منه.
وأَنْسَبَتِ الرِّيحُ : إِذا اشْتَدَّتْ واسْتَافَتْ ، أَي : شالتِ التُّرابَ والحَصَى من شِدَّتها.
والنَّيْسَبُ ، كحَيَدْرٍ : الطَّرِيقُ الطَّرِيقُ المسْتقيمُ الواضِحُ.
وقيل : هو الطَّرِيقُ المُسْتدِقَّ ، كالنَّيْسَبَانِ. وبعضُهُمْ يقولُ :
__________________
ـ كالضرب والطلب كما يستفاد الأول من الصحاح والمختار والثاني من المصباح ، واقتصر عليه المجد ولعله أهمل الأول لشهرته واتكالا على القياس ، هذا في نسب القرابات ، وأما في نسيب الشعر فسيأتي أن مصدره النسب محركة والنسيب.
(١) عن الاساس ، وبالأصل «إليه» ونبه إليه بهامش المطبوعة المصرية.
(٢) كذا في اللسان.
(٣) في اللسان : «بهن» على اعتبار قوله نسب بالنساء. وبهامشه : قوله : ومنسبة وشبب الخ عبارة التكملة المنسب والمنسبة (بكسر السين فيهما بضبطه) النسيب في الشعر. وشعر منسوب فيه نسيب والجمع المناسيب». وفي المصباح : نسب الشاعر بالمرأة ينسِب من باب ضرب نسيباً عرّض بهواها وحُبها.
(٤) في الأصل «مما .. كما أريد» وما أثبتناه عن اللسان. وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله مما الظاهر بما وقوله تأنيث الغاية والمبالغة كذا بخطه ولعل هنا كلمة ساقطة يدل عليها الكلام».