ما تُكَثِّر (١) فيه المصدرَ من فَعَلْت ، فتُلحِقُ الزَّوَائِدَ ، وتَبْنِيه (٢) بِنَاءً آخَرَ ، كما أَنّك قُلْتَ في فَعَلْتُ : فَعَّلْت ، حينَ كَثَّرْتَ الفِعْلَ ؛ ثمّ ذَكَر المصادرَ الّتي جاءَت على التَّفْعَال ، كالتَّلْعَابِ وغيرهِ.
وهو لاعِبٌ ، ولَعِبٌ ككَتِفٍ : هذِهِ الأَلْفاظ استعملُوهَا مصدراً ، وصِفَةً دالَّةً على الفاعِل كما هو ظاهرٌ من كلامه ، ولِعِبٌ بكسرتين على ما يطَّرِدُ في هذا النَّحْو ، وأُلْعُبَانٌ كعُنْفوَانٍ ، مَثَّل به سِيبَوَيْهِ ، وفسَّرَهُ السِّيرَافيُّ ، ولُعْبَةٌ (٢) بضم فَسكون ، ولُعَبَةٌ كهُمَزَةٍ ؛ وفرَّقَ بينهما الصاغانيُّ فقال : لُعَبَةٌ ، كهُمَزةٍ : كثيرُ اللَّعِبِ ، ولُعْبَةٌ ، بالضَّم : يُلْعَبُ به ، وهذا قد يأْتي قريباً. وتِلْعِيبَة بالكَسر ، وهذِه عن الفراءِ ، وتَلْعَابٌ ، وتَلْعَابَةُ ، يُكْسرانِ ويُفْتَحَانِ ، وتِلِعَّابٌ ، وتِلِعّابَةٌ بالكسر وتشديد العين فيهما ، وهو من المُثُل الّتي لم يَذكُرْها سِيبَوَيْهِ ، ومثلُهُ في أَمالي أَبي بكرِ بنِ السَّرّاح. قال ابْنُ جِنِّي : أَمَّا تِلِعَّابَةٌ ، فإِن سِيبَوَيْهِ ، وإِن لم يذكُرْه في الصِّفات ، فقد ذَكرَه في المصادر ، نحو تَحَمَّلَ تِحِمَّالاً. ولو أَردْتَ المَرَّةَ الواحدةَ من هذا ، لَوَجَبَ أَن يكون تِحِمَّالَةً. فإِذا ذَكَرَ تِفِعّالا ، فكأَنَّهُ قد ذكره بالهاءِ ، وذلك لِأَنَّ الهاءَ في تقدير الانفصال على غالبِ الأَمرِ ، وكذلك القولُ على تِلِقّامَةٍ ، وسيأْتي ذِكره. وفي اللِّسان : وليس لقائل أَنْ يَدَّعِيَ أَنّ تِلِعّابة وتِلِقّامَة في الأَصل المَرَّةُ الواحدةُ ، ثم وُصِف به ، كما قد يُقَال ذلك في المصدر ، نحو قولِه تعالى (إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) (٣) أَي : غائِراً ؛ ونحو قولِها :
فإِنَّمَا هِيَ إِقْبَالٌ وإِدْبَارُ
ثمّ قال : فَعَلَى هذا (٤) ، لا يجوزُ أَن يكونَ قولُهم : رَجُلٌ تِلِعّابةٌ وتِلِقَّامَة ، على حَدِّ قولِك : هذا رَجُلٌ صَوْمٌ ، لكِنَّ الهاءَ [فيه ، كالهاء] (٥) في عَلّامَةٍ ونَسّابَةٍ للمُبَالغة ، وقولُ النّابغة الجَعْدِيّ :
تَجَنَّبْتُها إِنِّي امْرُؤٌ في شَبِيبَتِي |
وتِلْعَابَتِي عن رِيبَةِ الجارِ أَجْنَبُ |
فإِنّه وَضَعَ الاسمَ الّذِي جَرَى صِفَةً مَوضعَ المصدرِ.
وفي الصَّحاح : رَجُلٌ تِلْعَابَةٌ ، وفي نسخةِ التَّهذيب مضبوطٌ بالتّشديد والكَسْر : إِذا كان يَتلَعَّبُ ، وكان كَثِير اللَّعِبِ. وضُبِط في الصَّحاح ، اللِّعْبُ هذا ، بالكسْر والسّكون (٦). وفي حديث عَلِيّ : «زَعَمَ ابْنُ النّابِغَةِ أَنّي تِلْعَابَةٌ» وفي حديثٍ آخَرَ : «إِنَّ عَلِيًّا كان تِلْعابَةً» ، أَي : كثيرَ المَزْحِ والمُدَاعَبَةِ ، والتّاءُ زائدة.
ويُقَالُ : بَيْنَهُمْ أُلْعُوبَةٌ ، بالضَّمِّ : أَي : لَعِبٌ.
والمَلْعَبُ : مَوْضِعُهُ ، أَي : اللَّعِبِ. ومَلاعِبُ الصِّبْيَانِ والجَوَارِي الدَّيار من ديارات العرب حَيْثُ يَلْعَبُونَ.
ولَاعَبَها مُلَاعَبَةً ، ولِعَاباً ، أَي : لَعِبَ مَعَهَا ، ومنهحديثُ جابِرٍ : «ما لَكَ ولِلْعَذَرَى ولِعَابَها» اللِّعابُ ، بالكسر : مثلُ اللَّعِبِ.
وأَلْعَبَها : جَعلَهَا تَلْعَبُ ، أَو أَلْعَبَهَا : جاءَ ها بِمَا تَلْعَبُ بِهِ.
وقولُ عَبِيدِ بْنِ الأَبْرَصِ :
قَدْ بِتُّ أُلْعِبُهَا وَهْناً وتُلْعِبُنِي |
ثُمَّ انْصَرَفْتُ وَهِي مِنِّي على بالِ |
يحتملُ أَنْ يكونَ على الوَجْهَيْنِ جميعاً.
واللَّعُوبُ ، كصَبُورٍ : الجاريةُ الحَسَنَةُ الدَّلِّ والّذِي في المُحْكَم والصَّحاح : جارِيَةٌ لَعُوبٌ : حَسَنَةُ الدَّلِّ ، والجمع لَعَائِبُ. ولَعُوبُ ، بلا لام : من أَسمائِهِنَّ. قال الأَزْهَرِيُّ : سُمِّيَتْ لَعُوباً (٧) لِكَثْرَةِ لَعِبِهَا ، ويجوزُ أَن تُسَمَّى لَعُوباً (٧) لأَنّهُ يُلْعَبُ بها.
والمُلْعِبَةُ ، كمُحْسِنَةٍ وفي نسخة : المِلْعَبَةُ ، بالكَسْر : ثُوْبٌ
__________________
(١) عن اللسان ؛ وفي الاصل : يكثر ... فيلحق .. ويبنيه» وقد أشار إلى ذلك بهامش المطبوعة المصرية.
(٢) في القاموس : ولُعَبَة كهُمَزَة.
(٣) سورة الملك الاية ٣٠.
(٤) تمام ما جاء في اللسان بعد ذكره بيت الخنساء ، وقد رأينا اثباته هنا ليتضح المعنى الذي ذهب إليه : «من قِبل أن من وصف بالمصدر ، فقال : هذا رجل زورٌ وصومٌ ، ونحو ذلك ، فإنما صار ذلك له ، لأنه أراد المبالغة ، ويجعله هو نفس الحدث ، لكثرة ذلك منه ، والمرة الواحدة هي أقل القليل من ذلك الفعل ، فلا يجوز أن يريد معنى غاية الكثرة فيأتي لذلك بلفظ غاية القلة ولذلك لم يجيزوا زيد إقبالة وإدبارة على زيد إقبال وادبار. فعلى هذا لا يجوز ...».
(٥) زيادة عن اللسان.
(٦) ضبط الصحاح ، ضبط قلم : اللَّعِب.
(٧) في اللسان : لعُوبَ.