ظاهرُهُ الإِطلاقُ ، إِلى آخره ، فإِنّه سيأْتي في الكُلْبَة ، وقد اشْتَبَه عليه ، فلا يُعَوَّلُ عليه.
والكَلَبُ : الأَكْلُ الكَثِيرُ بلا شِبَعِ ، نقله الصّاغَانيُّ.
ومن المَجَاز : الكَلَبُ : أَنْفُ الشِّتَاءِ وحِدَّته (١) ، يقالُ : نحنُ في كَلَبِ الشِّتاءِ ، وكُلْبَتِه.
والكَلَبُ : صِيَاحُ مَنْ عَضَّهُ الكَلْبُ الكَلِبُ.
كَلِبَ الكَلْبُ كَلَباً فهو كَلِبٌ ، واسْتَكْلَب : ضَرِيَ وتَعَوَّدَ أَكْلَ النّاسِ. وقيل : الكَلَبُ : جُنُونُ الكِلابِ المُعْتَرِي مِنْ أَكْلِ لَحْمِ الإِنْسَانِ ، فيأْخُذُهُ لِذلك سُعارٌ (٢) وداءٌ شِبْه الجُنُون. وقيل : الكَلَبُ : شِبْهُ جُنُونِها ، أَي : الكلابِ ، المُعْتَرِي للإِنْسَانِ مِنْ عَضِّها. وفي الحديث : «يَخْرُجُ (٣) في أُمَّتي أَقوامٌ تَتجَارَى بهِمُ الأَهْوَاءُ ما يتجَارَى الكَلَبُ بصاحِبِه» هو ، بالتحْرِيك : داءٌ يَعْرِضُ للإِنسان من عَضَّ الكَلْبِ الكَلِبِ ، فيُصِيبُهُ شِبْهُ الجُنُونِ ، فلا يَعَضُّ أَحَداً إِلَّا كَلِبَ ، ويَعْرِضُ له أَعراضٌ رَديئةٌ ، ويَمتنعُ من شُرْبِ الماءِ حتّى يموتَ عَطَشاً. وأَجمعت العربُ أَنَّ دواءَهُ قَطْرَةٌ من دَم مَلِك يُخْلَطُ بماءٍ فَيُسْقَاهُ ومنه يُقَالُ : كَلِبَ الرَّجُلُ ، كَفَرِحَ : إِذا أَصابَهُ ذلِكَ أَي : عَضَّهُ الكَلْبُ الكَلِبُ. ورجلٌ كَلِبٌ ، من رِجَال كَلِبِين ، وكَلِيبٌ ، من قَومٍ كَلْبَى.
وقولُ الكُمَيْتِ :
أَحْلامُكُمْ لِسَقامِ (٤) الجَهْلِ شَافِيَةٌ |
كما دِمَاؤُكُمُ يُشْفَى بِهَا الكَلَبُ |
قال اللِّحْيَانيُّ : إِنَّ الرَّجُلَ الكَلِبَ يَعَضُّ إِنساناً ، فيأْتُونَ رجلاً شريفاً ، فَيَقْطُرُ لهم من دم إِصْبَعِهِ ، فَيَسْقُونَ الكَلِبَ فيبْرَأُ.
وفي الصَّحِاح : الكَلَبُ شبيهٌ بالجُنون ، ولم يَخُصّ الكِلَابَ.
وعن اللَّيْثِ : الكَلْبُ الكَلِبُ : الّذِي يَكْلَبُ في [أَكْلِ] (٥) لُحُوم النَّاس فيأْخُذُه شِبْهُ جُنُونٍ ، فإِذا عَقَرَ إِنْساناً كَلِبَ المَعقورُ وأَصابَه داءُ (٦) الكَلَبِ ، يَعْوِي عُوَاءَ الكَلْب ، ويُمَزِّق ثِيابَهُ عن (٦) نَفْسِه ، ويَعْقِرُ مَنْ أَصابَ ، ثم يَصيرُ أَمرُه إِلى أَنْ يأْخُذَهُ العُطاشُ ، فيموتَ من شِدَّةِ العَطَشِ ، ولا يَشْرَبُ.
وقال المُفضَّلُ : أَصْلُ هذا أَنَّ داءً يقعُ على الزَّرْعِ ، فلا يَنْحَلُّ ، حتّى تَطْلُعَ عليه الشّمْسُ ، فيَذُوبَ ، فإِن أَكَلَ منه المالُ ، قبل [ذلك] (٧) مات ، قال : ومنه ما رُوِيَ عن النَّبيّ صلىاللهعليهوسلم أَنّه : نَهَى عن سَوْمِ اللَّيْلِ» أَي : عن رَعْيِهِ ، ورُبَّما نَدَّ بَعيرٌ ، فأَكَلَ من ذلك الزَّرْعَ قبلَ طُلُوعِ الشَّمْس ، فإِذا أَكله ماتَ ، فيأْتِي كَلْبٌ فيأْكُلُ من لحْمِه فَيَكْلَبُ ، فإِنْ عضَّ إِنساناً ، كَلِبَ المعضوضُ ، فإِذا سمع نُباحَ كَلْب ، أَجابَه.
وفي مجمع الأَمْثَال والمُسْتَقْصَى. «دِماءُ المُلُوكِ أَشْفَى من الكَلَبِ». ويُرْوَى : دِمَاءُ المُلُوكِ شِفَاءُ الكَلَبِ. ثم ذَكَرَ ما قدّمْنَاهُ عن اللِّحْيَانيّ.
قال شيخُنَا : ودفع بعضُ أَصحاب المعاني هذا ، فقال : معنى المَثَلِ : أَنّ دَمَ الكَريمِ هو الثّأْرُ المُنِيمُ (٨) ، كما قال القائلُ :
كَلِبٌ مِنْ حسِّ (٩) ما قَدْ مَسَّنِي |
وأَفَانِين فُؤادٍ مُخْتَبَلْ |
وكما قيل :
كَلِبٌ بِضَرْبِ جَمَاجِمٍ ورِقَابِ
قال : فإِذا كَلِبَ من الغَيْظ والغَضَب فأَدْرَكَ ثأْرَه ، فذلك هو الشِّفاءُ من الكَلَب ، لا أَنَّ هُنَاكَ دِمَاءً تُشْرَبُ في الحقيقة ، ا ه.
وكَلِبَ عَلَيْهِ كَلَباً : غَضِبَ فَأَشْبَهَ الرَّجُلَ الكَلِبَ.
وكَلِبَ : سَفِهَ ، فأَشْبَهَ الكَلِبَ.
وقال أَبو حنيفَةَ : قال أَبو الدُّقَيْشِ ؛ كَلِبَ الشَّجَرُ ، فهو كَلِبٌ : إِذا لَمْ يَجِدْ رِيَّهُ ، فخَشُنَ وَرَقُهُ من غيرِ أَن تَذْهَبَ نُدُوَّتُهُ ، فَعلِقَ ثَوْبُ مَنْ مَرَّ بِهِ ، وآذَى كما يَفعَلُ الكَلْبُ.
__________________
(١) بالأصل «شعار» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله شعار كذا بخطه والصواب سعار بالسين المهملة وهو الجنون أو القرم» وهو ما أثبتناه عن اللسان.
(٢) عن اللسان ، وبالأصل «حدّه».
(٣) النهاية واللسان : سيخرج.
(٤) اللسان : بسقام.
(٥) زيادة عن اللسان.
(٦) في الأصل : داء الكلاب ... على» وما أثبتناه عن اللسان.
(٧) زيادة عن اللسان وغريب ابن الجوزي.
(٨) في الأصل «الثار المقيم» والتصويب عن مجمع الامثال.
(٩) عن الحيوان ٢ / ٨ وبالأصل «حين».