عينٌ ، وإِلَّا فلا ، ج أَقْلِبَةٌ ، قال عَنْتَرَةُ يصف جُعَلاً :
كَأَن مُؤشَّرَ العَضُدَيْنِ حَجْلاً |
هَدُوجاً بيْنَ أَقْلِبَةٍ مِلاحِ |
وجمع الكثيرِ قُلُبٌ (١) ، بضمّ الأَوَّلِ والثّانِي ، قال كُثَيّر :
وما دامَ غَيْثٌ منْ تِهامَةَ طَيِّب |
بها قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكِرَارُ |
الكِرار : جمعُ كَرٍّ للحَسْيِ ؛ والعادِيَّةُ : القَديمةُ ، وقد شَبَّه العَجّاجُ بها الجِراحاتِ فقال :
عَنْ قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ
وقيل : الجمعُ قُلُبٌ ، في لغة من أَنَّث ، وأَقْلِبَةٌ ، وقُلْبٌ ، أَي : بضمٍّ فسُكُونٍ جميعاً ، في لُغَة من ذَكَّرَ ؛ وقد قُلِبَتْ تُقْلَبُ ، هكذا وفي غيرِ نُسَخٍ ، وفي نسختِنا تقديمُ هذا الأَخِيرِ على الثاني ، واقتصرَ الجَوْهَرِيُّ على الأَوَّلَيْنِ ، وهما من جُموعِ الكَثْرَة. وأَمّا بسكون اللَّامِ ، فليس بوزْنٍ مُستَقِلٍّ ، بل هو مُخَفَّفٌ من المضموم ، كما قالُوا في : رُسُلٍ ، بضمَّتَيْنِ ، ورُسْلٍ ، بسكونها أَشار له شيخُنا.
وقال الأُمَوِيُّ : في لغةِ بَلْحَارِثِ بْنِ كَعْبٍ : القالِبُ ، بالكسر : البُسْرُ الأَحمَرُ ، يقال منه : قَلَبَتِ البُسْرَةُ تَقلِبُ إِذا احْمَرَّتْ. وقد تقدَّم. وقال أَبو حنيفَةَ : إِذا تَغَيَّرتِ البُسْرَةُ كلُّهَا ، فهي القالِبُ ، والقالِبُ بالكَسْر (٢) : كالْمِثالِ وهو الشَّيْءُ يُفْرَغُ فيهِ الجَوَاهِرُ ، لِيَكُونَ مِثَالاً لِما يُصاغُ منها.
وكذلك قالِبُ الخُفِّ ونحوِه ، دَخِيلٌ ، وفَتْحُ لامِه ، أَي في الأَخيرة أَكْثَرُ.
وأَمّا القالِبُ الّذي هو البُسْرُ ، فليس فيه إِلّا الكسرُ ، ولا يجوز فيه غيرُهُ.
قال شيخُنا : والصَّوَابُ أَنَّهُ مُعَرَّبٌ ، وأَصلُه كالَبٌ ؛ لأَنَّ هذَا الوَزْنَ ليس من أَوزان العرب ، كالطَّابَق ونحْوِه ، وإِنْ رَدَّهُ الشِّهابُ في شرح الشِّفاءِ بأَنَّهُ غيرُ صحيح ، فإِنَّها دعوَى خاليةٌ عن الدَّليلِ ، وصِيغَتُهُ أَقوَى دليلٍ على أَنَّهُ غيرُ عربِيٍّ ، إِذْ فاعَلٌ ، بفتح العين ، ليس من أَوزانِ العرَبِ ، ولا من استعمالاتها. انتهى. وشاةٌ قالِبُ لَوْنٍ : إِذا كانت على غَيْرِ لَوْنِ أُمِّها ، وفي الحديث : «أَنَّ مُوسَى لَمَّا آجَرَ نَفْسَهُ (٣) مِنْ شُعَيبٍ ، قال لِمُوسَى ، عليهِما الصَّلاةُ والسّلامُ : لَكَ من غَنَمِي ما جاءَت به قالِبَ لَوْنٍ. فجاءَت به كُلِّهِ قَالِبَ لَوْنٍ» تفسيرُهُ في الحديث : أَنَّها جاءَت (٤) على غيرِ أَلْوانِ أُمَّهاتِها ، كأَنَّ لَوْنَها قد انْقلب. وفي حديثِ عليٍّ ، رضياللهعنه ، في صفةِ الطُّيُورِ : «فمِنْهَا مَغْموسٌ في قالِب لَوْنٍ لا يَشُوبُه غَيْرُ لَوْنِ ما غُمِسَ فيه».
والقلِّيب : كسِكِّيتٍ ، وتَنُّورٍ ، وسنَّوْرٍ ، وقبُول ، وكتاب الذِّئْبُ ، يَمَانِيَةٌ. قال شاعرُهم :
أَيا جَحْمَتَا بَكِّي على أُمِّ واهِب |
أَكِيلَةِ قِلَّوْب ببَعْضِ المَذانِبِ |
ذكرَه الجَوْهَرِيُّ والصَّاغانيّ في كتاب له في أَسماءِ الذِّئب ، وأَغفله الدَّمِيرِيُّ في الحياة (٥).
ومن الأَمثال : ما بِهِ ، أَي : العَليلِ قَلَبَةٌ ، مُحَرَّكَةً ، أَي :
ما به شَيْءٌ ، لا يُسْتعملُ إِلَّا في النَّفْي ، قال الفَرّاءُ : هو مأْخوذٌ من القُلَاب : داءٍ يأْخُذُ الإِبلَ فِي رُؤُوسها ، فيَقْلِبُها إِلى فوق ؛ قال النَّمِرُ بْنُ تَوْلبٍ :
أَوْدَى الشَّبَابُ وحُبُّ الخالَةِ الخَلِبَهْ |
وقد بَرِئْتُ فما بالقَلْبِ مِنْ قَلَبَهْ |
أَي : بَرِئْتُ من داءِ الحُبّ. وقال ابْنُ الأَعْرَابيّ. معناه ليست به عِلّة يُقَلَّبُ لها ، فيُنْظَرُ إِليه. تقولُ : ما بالبَعِير قَلَبَةٌ ، أَي : ليس به داءُ يُقْلَب له ، فيُنْظَرُ إِليه. وقال الطّائِيُّ : معناهُ : ما به شَيْءٌ يُقْلِقُهُ ، فَيَنْقَلِب (٦) من أَجْلِهِ على فِراشه.
وقال اللَّيْثُ : ما به قَلَبَةٌ ، أَي لا داءَ ، ولا غائلةَ ، ولا تَعَب.
__________________
(١) في القاموس : قُلْبٌ وقُلُبٌ.
(٢) في اللسان : والقالِبُ والقالَبُ.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : قال في التكملة : آجر موسى نفسه من شعيب بشبع بطنه وعفة فرجه ، فقال له ختنه : لك منها ـ يعني من نتاج غنمه ـ ما جاءت به قالب لون ، فلما كان عند السقي وضع موسى قضيباً على الحوض فجاءت به كله قالب لون غير واحد أو اثنين ليس فيها عزوز ولا نشوش ولا كموش ولا ضبوب ولا ثعول ويروى وقف بازاء الحوض فلما وردت الغنم لم تصدر شاة إلا طعن جنبها بعصاه فوضعت قوالب لون تفسير الخ ما في الشارح.»
(٤) بالأصل : «جاءت بها» وقد حذفنا «بها» لاقتضاء المعنى.
(٥) كذا بالأصل وفي حياة الحيوان للدميري : القليب كالسكين الذئب وكذلك القلوب كالخنوص ، وذكر البيت : وأوله : أيا أمنا أبكي ...
(٦) اللسان : فيتقلّب.