إِنِّيَ من قَوْمِيَ في مَنْصِبٍ |
كمَوْضِعِ الفَأْسِ منَ القَيْقَبِ |
فجَعَلَ القَيْقَبَ حديدةً في فَأْس اللِّجامِ.
والقَيْقَابُ : الخَرَزَةُ تُصْقَلُ بها الثِّيابُ ، نقله أَبو عَمْرٍو في ياقُوتِه : القبقاب ، وصَحَّفه الأَزهريُّ فذكره في ق ى ب ، كما مَرَّت الإِشارةُ إِليه.
[قَلَب] : قَلَبَه ، يَقْلِبُهُ ، قَلْباً ، من بابِ ضَرَب : حَوَّلهُ عن وَجهِهِ ، كأَقْلَبَهُ. وهذا عن اللِّحْيَانِيّ ، وهي ضعيفةٌ. وقد انْقَلَبَ. وقَلَّبهُ مُضَعَّفاً.
وقَلَبَه : أَصابَ قَلْبَه ، أَي فُؤَادَهُ ، ومثلُهُ عبارةُ غيرِه يَقْلُبُه ، ويَقْلِبُهُ ، الضَّمّ عن اللِّحْيَانيّ ، فهو مَقْلُوبٌ.
وقَلَبَ الشْيءَ : حَوَّلَه ظَهْراً لِبَطْنٍ اللامُ فيه بمعنى على ، ونَصَبَ ظَهْراً على البَدَل ، أَي قَلَبَ ظَهْرَ الأَمْرِ عَلَى بَطْنه ، حَتَّى عَلِمَ ما فِيه ، كَقلَّبَه مُضَعَّفاً. وتَقَلَّب الشَّيءُ ظَهْراً لِبَطْنٍ ، كالحَيَّة تَتقَلَّبُ على الرَّمْضاءِ.
وقَلَبَه عن وَجْهِه ؛ صَرفَه. وحكى اللحيانيّ : أَقْلَبَهُ ، قال : وهي مرغوبٌ عنها.
وقَلَبَ الثَّوْبَ ، والحَدِيثَ ، وكُلَّ شَيْءٍ : حَوَّلَه ؛ وحكى اللِّحْيَانيُّ فيهما أَقْلَبَه ، والمختارُ عندَه في جميع ذلك : قَلَبْتُ.
والانْقِلابُ إِلى اللهِ عَزّ وجلّ : المَصِيرُ إِليه ، والتَّحوُّلُ.
وقد قَلَبَ اللهُ فُلاناً إِليه : توَفَّاه. هذا كلام العربِ ، وقولُه : كأَقْلَبَه ، حكاه اللِّحْيَانِيّ ، وقال أَبُو ثَرْوَان (١) أَقْلَبَكُمُ اللهُ مَقْلَبَ أَوْلِيائِهِ ، ومُقْلَبَ أَوْلِيَائِهِ ، فقالها بالأَلف. وقالَ الفَرَّاءُ : قد سَمِعْتُ أَقْلَبَكُم اللهُ مُقْلَبَ أَولِيائِهِ وأَهْلِ طاعتِهِ.
وقَلَبَ النَّخْلَةَ : نَزَعَ قَلْبَها ، وهو مَجازٌ ، وسيأَتِي أَن فيه لُغَاتٍ ثلاثةً (٢).
وقَلَبَتِ البُسْرَةُ تَقْلِبُ : إِذَا احْمَرَّت. وعن ابْنِ سِيدَهْ : القَلْبُ : الفُؤادُ ، مذكَّرٌ ، صرّح به اللِّحْيَانيُّ ؛ أَو مُضْغَةٌ من الفُؤادِ مُعلَّقَةٌ بالنِّيَاطِ. ثُمَّ إِنّ كلامَ المُصَنِّف يُشيرُ إِلى تَرادُ فِهِما ، وعليه اقتصر الفَيُّومِيّ والجوْهرِيُّ وابْنُ فارِسٍ وغيرُهُمْ ، أَوْ أَنَّ القَلْبَ أَخصُّ منه ، أَي : من الفُؤَادِ في الاستعمالِ ، لأَنّه معنًى من المعاني يَتعلَّق به. ويَشهَدُ له حديثُ : «أَتَاكُم أَهْلُ اليَمَنِ ، هُمْ أَرَقُّ قُلُوباً ، وأَلْيَنُ أَفْئدَةً» ووصَفَ القُلُوبَ بالرِّقَّةِ ، والأَفئدَةَ باللِّينِ ، لأَنَّهُ أَخصُّ من الفُؤادِ ، ولذلك قالوا : أَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِهِ ، وسُوَيْدَاءَ قَلْبِه. وقيل : القُلُوبُ والأَفْئدةُ قريبانِ من السَّواءِ ، وكَرَّرَ ذِكْرَهُمَا ، لاختلاف اللّفظينِ ، تأْكيداً.
وقال بعضُهُم : سُمّيَ القَلْبُ قَلباً لِتَقَلُّبِه ، وأَنشد :
ما سُمِّيَ القَلْبُ إِلَّا مِنْ تَقَلُّبِهِ |
والرَّأْيُ يَصْرِفُ بالإِنسانِ أَطْوارَا |
قال الأَزهريُّ : ورأَيتُ بعضَ العربِ يُسمِّي لحمةَ القلْبِ كُلَّها شَحْمَها وحِجابَها قَلْباً وفُؤَاداً. قال : ولم أَرَهُم يَفْرِقُون بينَهمَا. قال : ولا أُنْكِرُ أَنْ يكونَ القلبُ هي العَلَقَةَ السَّوْداءَ في جوفه.
قال شيخُنا : وقيلَ : الفُؤَادُ : وِعاءُ القَلْبِ ، وقيلَ : داخِلُهُ ، وقيلَ : غِشاؤُهُ. انتهى.
وقد يُعَبَّرُ بالقَلْبِ عن العَقْلِ ، قال الفَرّاءُ في قوله تَعالى : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) (٣) ، أَي : عَقْلٌ ، قال : وجائزٌ في العربية أَنْ تقولَ (٤) : ما لكَ قَلْبٌ ، وما قَلْبُكَ مَعَكَ ، تقولُ (٤) : ما عَقْلُكَ معك. وأَيْنَ ذَهَب قَلْبُك؟
أَي : عَقْلُك : وقال غيرُه : لمنْ كانَ لَهُ قَلْب ، أَي : تَفَهُّمٌ وتَدَبُّرٌ.
وعَدَّ ابْنُ هِشَامٍ في شرحِ الكَعْبِيَّةِ (٣) من معاني القَلْبِ أَربعةً : الفُؤادَ ، والعَقْلَ ، ومَحْضَ ، أَي : خلاصة كُلِّ شيْءٍ ، وخِيارهُ (٥) وفي لسان العرب : قَلْبُ كُلِّ شَيْءٍ : لُبُّه ،
__________________
(١) بالأصل «أنو شروان» وبهامش المطبوعة المصرية : «قوله أنوشروان كذا بخطه ولا مدخل لانوشروان في اللغة العربية ولعل الصواب أبو ثروان. قال الجوهري : «وأبو ثروان كنية رجل من رواة الشعر» وما أثبتناه عن اللسان.
(٢) المناسب : ثلاثاً.
(٣) سورة ق الآية ٣٧.
(٤) عن اللسان ، وبالأصل «يقول».
(٥) أي قصيدة كعب بن زهير في مدح سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعدد أبياتها ٥٧ بيتاً ومطلعها :
بانت سعاد فقلبي اليوم متبول |
متيمٌ إثرها لم يُفد مكبولُ |