إِسماعيل ، ابْنِ مولاي عليّ الشَّريف الحَسَنيّ ، رحمهالله تعالَى :
وأَقَدْتَ من جُرْحِ الزَّمَانِ فكُذِّبَتْ |
أَقْوَالُهمْ : جُرْحُ الزَّمانِ جُبَارُ |
|
وأَطَلْتَ أَيَّامَ السُّرُورِ فلم يُصِبْ |
من قالَ : أَيَّامُ السُّرُورِ قِصارُ |
والتَّقْرِيبُ : ضَرْبٌ من العَدْوِ ، قاله الجَوْهَرِيُّ ، أَو هو : أَنْ يَرْفَعَ يَدَيْهِ مَعاً ويَضَعَهُما مَعاً ، نقل ذلك عن الأَصْمَعِيّ وهو دُونَ الحُضْرِ ، كذا في الأَساس (١) ، وفي حديث الهِجرة : «أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُها ، فرفَعْتُها تُقَرِّب بي» ، قَرَّب الفَرَسُ ، يُقَرِّب ، تَقْرِيباً : إِذا عَدَا عَدْواً دُونَ الإِسراعِ. وقال أَبو زيد إِذا رجَمَ الأَرْضَ رَجْماً ، فهو التَّقْرِيبُ ، ويقال : جَاءَنا يُقَرِّبُ [به] (٢) فَرسُهُ. والتَّقْرِيبُ في عَدْوِ الفَرَسِ ضَرْبانِ : التَّقْرِيب الأَدْنَى ، وهو الإِرْخاءُ (٣) ، والتَّقْرِيبُ الأَعْلَى ، وهو الثَّعْلَبِيّةُ.
ونقل شيخُنا عن الآمِدِيّ ، في كتاب المُوَازنة له : التَّقْريبُ من عَدْوِ الخيلِ معروفٌ ، والخَبَبُ دُونَه قال : وليس التَّقْرِيبُ من وصْفِ الإِبِلِ ، وخَطَّأَ أَبا تَمّامٍ في جعله من وصْفِها ، قال : وقد يكونُ لأَجناسٍ من الحيوان ، ولا يكون للإِبل ، قال : وإِنَّا ما رأَينا بعيراً قطّ يُقَرِّبُ تقريبَ الفَرَسِ.
ومن المجاز : التَّقْرِيبُ ، وهو أَنْ يَقُولَ : حَيَّاكَ اللهُ ، وقَرَّبَ دارَك وتقولُ : دخَلْتُ عليه ، فأَهَّلَ ورَحَّبَ ، وحَيَّا وقَرَّبَ.
وفي حديث المَوْلِد : «خرَجَ عبدُ اللهِ بْنُ عبدِ المُطَلِبِ ، أَبو النَّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، ذاتَ يوم ، مُتَقَرِّباً مُتَحَضِّراً بالبَطْحَاءِ ، فَبصُرتْ به لَيْلَى العَدَوِيةُ» يقال : تَقرَّبَ إِذا وَضَعَ يَدَهُ على قُرْبِهِ ، أَيْ : خاصرته وهو يمشِي (٤) ، وقيل مُتَقَرِّباً ، أَي : مُسرعاً عَجِلاً.
ومن الْمَجاز : تقول لصاحبِك تَستحثُّه : تَقَرَّبْ يا رَجُلُ ، أَيْ : اعْجَلْ وأَسْرِع. رواه أَبو سعيدٍ ، وقال سَمِعْتُه من أَفواههم ، وأَنشد.
يا صاحِبَيَّ تَرَحَّلَا وتَقَرَّبَا |
فَلَقَدْ أَنَى (٥) لِمُسافِرٍ أَنْ يَطْرَبَا |
كذا في لسان العرب ، وفي الأساس : أَي أَقْبِل ، وقال شيخُنا : هو بِناءُ صِيغةِ أَمْرٍ لا يتصرَّف في غيره ، بل هو لازمٌ بصِيغةِ الأَمْر ، على قولٍ.
وقارَبَهُ : ناغاهُ وحَادَثَهُ بِكَلَامٍ مُقَارِبٍ حَسَنٍ.
ويقال : قَاربَ فُلَانٌ في الأَمْرِ : إِذا تَرَكَ الغُلُوَّ ، وقَصَدَ السَّدادَ وفي الحديث : «سَدِّدُوا وقارِبُوا» أَي : اقتصدوا في الأُمور كُلِّهَا ، واتْرُكُوا الغُلُوَّ فيها والتَّقصِيرَ.
* وممّا بقي على المُصَنِّفِ : في التّهذيب ، ويقال : فلانٌ يَقْرُبُ أَمْراً : أَي يَغْزُوهُ ، وذلك إِذا فَعَل شَيْئاً ، أَو قال قولاً يَقْرُب به أَمراً يغزوه ، انتهى.
ومن المَجَاز : يقال : لقد قَرَبْتُ أَمْراً لا أَدْرِي ما هو. كذا في الأَساس. وقَارَبْتُهُ في البَيْعِ مُقَارَبَةً.
وتَقَرَّب العبدُ من الله ، عَزَّ وجَلَّ ، بالذِّكْرِ والعملِ الصّالِحِ.
وتَقَرَّب اللهُ عزوجل ، من العَبْدِ بالبِرِّ والإِحسان إِليهِ.
وفِي التَّهْذِيب : القَرِيبُ ، والقَرِيبَةُ : ذُو القَرَابَةِ ، والجَمْع من النِّساءِ : قَرَائِبُ ومن الرِّجالِ : أَقارِبُ ، ولو قيلَ : قُرْبَى ، لَجَازَ.
والقَرَابَةُ [والقُرْبَى] (٦) الدُّنُوُّ في النَّسَبِ ، والقُرْبَى : في الرَّحِم ، وفي التَّنْزِيل العزيز : (وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى) (٧) انتهى.
قلت : وقالوا : القُرْبُ في المكان ، والقُرْبَةُ في الرُّتْبَةِ ، والقُرْبَى والقَرابَةُ في الرَّحِمِ.
ويقال للرَّجُلِ القَصِير : مُتَقَارِبٌ ، ومُتَآزِفٌ.
__________________
(١) ومثله في الصحاح واللسان.
(٢) زيادة عن اللسان.
(٣) بهامش المطبوعة المصرية : قوله الارخاء. قال المجد : والارخاء شدة العدو وفوق التقريب ا ه».
(٤) زيد في النهاية واللسان : وقيل : هو الموضع الرقيق أسفل من السرّة.
(٥) عن اللسان والأساس ، وفي الأصل «أرى».
(٦) زيادة عن اللسان.
(٧) سورة النساء الآية ٣٦