قال أَبُو حَاتِم : أَظُنَّه إِذْ خَلَا المَكَانُ والمَوْضِعُ. وأَما قَوْلُه :
كأَنَّ نَسْجَ العَنْكَبُوتِ المُرْمِلِ
فإِنَّما ذَكَّر لأَنَّه أَرَادَ النَّسجَ ، ولكنَّه جَرَّه على الجِوَارِ.
قال الفَرَّاءُ : العَنْكَبُوتُ أُنثَى ، وقد يُذَكِّرُهَا بَعْضُ العرب ، وأَنْشَدَ قَوْلَه :
لى هَطَّالِهمْ مِنْهم بُيوتٌ |
كأَنّ العَنْكَبُوتَ هو ابْتَنَاهَا |
هَطَّال : جَبَلٌ.
قال : والتَّأْنِيثُ في العَنْكَبُوتِ هو الأَكْثَر وَهِيَ العَكَنْبَاةُ في لُغَة اليَمَن ، أَي بتقديم الكَاف على النُّون قال :
كَأَنَّما يَسْقُطُ من لُغَامِهَا |
بَيْتُ عَكَنْباةٍ على زِمَامِهَا |
ويُقَالُ لها أَيْضاً : العَنْكَبَاةُ أَي بتَقْدِيمِ النُّونِ على الكاف. قال السَّخَاوِيُّ في سِفْر السَّعَادَة : العَنْكَبُوتُ والعَنْكَبَاةُ بمَعْنًى وَاحِد والعَنْكَبُوهُ بالهاء في آخره وحكى سيبويه العَنْكَبَاءُ مُسْتَشْهِداً على زِيَادَة التّاء في عَنْكَبُوت فلا أَدْرِي أَهُو اسْمٌ لِلوَاحِد أَم هُوَ اسم للجَمْع. قال الصّاغَانِيّ : وهاتان بِلُغَة أَهلِ اليَمَن. وقال ابنُ الأَعْرَابِيّ : الذَّكَرُ منها عَنْكَبٌ وهي عَنْكَبَةٌ وقيل : العَنْكَبُ : جِنْسُ العَنْكَبُوت ، وهو يُذَكَّر ويُؤَنَّث أَعْنِي العَنْكَبُوت. قال المُبَرِّد : العَنْكَبُوت أُنثَى ويُذَكَّر ، والعَنْزَرُوت أُنْثَى ويذكر ، والبَرْنَمُوتُ (١) أُنثى ولا يُذَكَّر ، وَهُوَ الجَمَلُ الذَّلُولُ. وقَولُ سَاعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّة :
مَقَتَّ نِسَاءً بالحِجَاز صَوَالِحاً |
وإِنّا مَقَتْنا كُلَّ سَوْدَاءَ عَنْكَبِ |
قال السُّكَّرِيُّ : العَنْكَبْ هنا القَصِيرَةُ. وقال ابْنُ جِنِّي : يجوزُ أَن يَكُونَ العَنْكب هُنا هو العَنْكب الذي هو العَنْكَبُوتُ ، وهو الذي ذَكَر سِيبَوَيْه أَنَّه لُغَةٌ في عَنْكَبُوت ، وذَكَر معه أَيضاً العَنْكَبَاء إِلّا أَنَّه وُصِفَ بِهِ وإِن كان اسماً لما كَانَ فيه مَعْنَى الصِّفَة من السَّوَادِ والقِصَر ، كذا في لِسَانِ العَرَب. ج عَنْكَبُوتَاتٌ وعَنَاكِبُ ، وعَنَاكِيبُ ، عن اللِّحْيَانِيّ ، وتَصْغيرُهَا عُنَيْكبٌ وعُنَيْكِيبٌ. قال شيخُنَا : وعن الأَصْمَعِيّ وقُطْرُب : عَنَاكبِيت. وهذا من الشّاذّ الذي لا يُعَوَّلُ عَلَيْه ؛ لاجْتِمَاع أَرْبَعَة أَحرُفٍ بعد أَلفه وكذلك قالا في تَصْغِيرِه عُنَيكبِيت ، وهذا من المَرْدُودِ الذي لا يُقْبَل.
والعِكَابُ ككتَاب والعُكُبُ بضَمَّتَيْنِ ، والأَعْكُبُ كُلُّهَا أَسْمَاءُ الجُمُوعِ وليست بجَمْع ؛ لأَنَّ العَنْكَبُوت رُبَاعِيّ ذكرَه غَيْرُ وَاحِد في «ع ك ب». وفي لسان العرب : العَنْكَبُوتُ : دُودٌ يتولّد في الشُّهْد ، ويَفْسُد عنه العَسَلُ ، عن أَبي حَنِيفَة.
وعن الأَزْهَرِيّ : يقال للتَّيْسِ : إِنه لمُعَنْكَبُ القَرْنِ ، وهو المُلْتَوِي القَرْن حَتَّى صار كَأَنَّه حَلْقَة. والمُشَعْنَبُ : المُسْتَقِيم (٢). وعن الفَرَّاء في قَوْلِه تَعَالَى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً) (٣) قال : ضربَ الله بيتَ العَنْكَبُوت مثلا لمَنِ اتَّخَذَ من دُونِ الله وَلِيًّا أَنَّهُ لا يَنْفَعُه ولا يَضُرُّه كما أَنَّ بَيْتَ العنكبوت لَا يَقِيهَا حَرًّا ولا يَرْداً.
* ومما يستدرك عليه : عَنْكَبٌ كجَعْفَرٍ : ماء بأَجَإِ لبني فَرِير بن عُنَيْنِ بن سَلَامانَ [بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيئ] (٤).
[عهب] : العَيْهَبُ من الرِّجَال : الضَّعيفُ عنِ طَلَبِ وِتْرِهِ ، بكَسْرِ الوَاوِ ، وقد حُكي بالغَيْن المُعْجَمَة أيضاً.
وقيل : هو الثَّقِيلُ من الرِّجَال الوَخِمُ ككَتِف ، وقد ضُبِط في بعْض النُّسَخ كَفلْس. قال الشُّوَيْعِرُ :
حَلَلْتُ بِهِ وِتْرِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتِي |
إِذا ما تَنَاسَى ذَحْلَهُ كُلُّ عَيْهَبِ |
قال ابْنُ بَرِّيّ : الشُّوَيْعِرُ هَذَا هو مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرانَ بْنِ أَبِي حُمْرَان الجُعْفِيّ (٥) ، وهو أَحَدُ مَنْ سُمِّيَ في الجَاهِلِيَّة
__________________
(١) كذا بالأصل ، وفي اللسان (عنكب) : والبرغوث. وفي اللسان (ترب) : جمل تربوت ذلول. قال ابن بري : الصواب ما قاله أبو علي في تربوت أن أصله دربوت من الدربة فأبدل من الدال تاء.
(٢) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله المستقيم لعله في أول أمره وإلا فالذي في القاموس الشعنبة أن يستقيم قرن الكبش ثم يلتوي على رأسه قبل أذنه».
(٣) سورة العنكبوت الآية ٤١.
(٤) زيادة عن معجم البلدان.
(٥) سمى الشويعر لبيت قاله فيه امرؤ القيس ـ وكان قد أرسل إليه في فرس يبتاعها منه فمنعه فقال امرؤ القيس :
أبلغا عني الشويعر أني |
عمد عين نكبتهن حزيما |