ويقَال : عَصَبَ الرجُلُ بيتَه أَي أَقَام في بَيْته لا يَبْرَحُه لَازماً لَه. والعَصْب : الإِطَافَةُ بالشَّيْءِ قال ابنُ أَحْمَرَ :
يا قومِ ما قَوْمِي على نَأْيِهِمْ |
إِذْ عَصَبَ النَّاسَ شَمَالٌ وقُرّ (١) |
يَعْجَب مِن كَرَمِهم وَقَالَ : نِعْمَ القومُ [هم] (٢) في المَجَاعَة إِذْ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وقُرٌّ ، أَي أَطَاف بِهِم وشَمِلَهم بَرْدُهَا.
ويقال : عَصَبَ الغُبَارُ بالجَبَل وغَيْرِه : أَطَافَ ، كذا في لِسَان الْعَرَب.
وفي الأَسَاسِ : وعَصَبوا بِهِ (٣) ، أَي أَحَاطُوا. وَوجَدْتُهم عَاصِبِين به. ومنه العَصَبَة.
والعَصْبُ : إِسْكَانُ لَامِ مُفَاعلَتُنْ في عرُوضِ الوَافِر ورَدُّ الجُزْءِ بِذلِك إِلَى مَفَاعِيلُنْ وإِنَّمَا سُمِّي عَصْباً لأَنَّه عُصِب أَن يَتَحرَّك أَي قُبِضَ ، وفِعْلُ الكُلِّ مما تَقَدَّم كضَرَب إِلا العَصْب بمعْنَى جَفَافِ الرِّيق ، فإِنَّ مَاضِيَه رُوِي بالوَجْهَيْن الفتح والكَسْر ، كما أَشَرْنَا إِلَيْه.
والعِصَابَةُ بالكَسْر : ما عُصِب بِه ، كالعِصابِ ، بالكَسْر أَيْضاً ، والعصب (٤) قالَه ابنُ مَنْظُور. وعَصَّبَهُ تَعْصِيباً : شَدَّه ، واسمُ ما شُدَّ بِهِ العِصَابَةُ.
وفي الأَسَاس ، ويقال : شَدَّ راسه بعِصَابة ، وغَيْره : بِعِصابٍ والعِصَابَةُ أَيضاً : التَّاجُ والعِمَامَةُ. والعَمَائِمُ يُقال لها العَصَائِب. قال الفَرَزْدَق :
وركْبٍ كأَنَّ الريحَ تَطْلُبُ مِنْهُمُ |
لها سَلَباً من جَذْبِها (٥) بالعَصَائِبِ |
أَي تَنفُض لَيَّ عَمَائِمهم مِنْ شِدَّتها فكأَنَّها تَسْلُبهم إِيَّاها.
ونقل شيخُنَا عن عِنَايَة الشِّهَاب في البَقَرَة : أَنَّ العِصَابَةَ ما يُسْتَرُ بِه الرأْسُ ويُدارُ عَلَيْه قَلِيلاً ، فإِن زَادَ فعِمَامة. فَفَرَّقَ بين العِصَابَة والعِمَامَة ، وظَاهِر المُصَنِّف أَنّها تُطْلَق على ما ذَكَره وعلى العِمَامة أَيْضاً ، كأَنَّه مُشْتَرَك ، وَهو الَّذِي صَرَّح به في النِّهَايَةِ ، انْتَهَى. وفي لسان العرب : العِصْبَةُ : هَيْئة الاعْتِصَابِ ، وكل ما عُصِبَ به كَسْرٌ أَو قَرْحٌ من خِرْقَةٍ أَو خَبِيبَةٍ (٦) فهو عِصَابٌ [له] (٧) وفي الحَدِيث «أَنَّه رَخَّص فِي المَسْحِ على العَصَائِبِ والنَّسَاخِينِ». وهي كُلُّ ما عَصَبْتَ بِهِ رأْسَك من عِمَامَة أَو مِنْدِيلٍ أَو خِرْقَةٍ ، والذِي وَرَدَ في حَدِيث بَدْر قَال عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَة «ارْجِعُوا ولا تُقَاتِلُوا واعْصِبُوهَا بِرَأْسِي» قال ابنُ الأَثِير : يُرِيد السُّبَّة التي تَلْحَقُهُم بِتَرْكِ الحَرْب والجُنُوح إِلى السِّلْم ، فأَضْمَرَها اعْتِمَادَاً على مَعْرِفَةِ المُخَاطَبِين ، أَي اقْرُنُوا هَذه الحَالَ بِي وانْسُبُوها إِليَّ وإِن كانَتْ ذَمِيمَةً.
والمَعْصُوبُ : الجَائِعُ جِدّاً وهو الَّذِي كادَتْ أَمعاؤُه تَيْبَسُ جُوعاً ، وخَصَّ الجَوْهَرِيُّ هُذَيْلاً بهذه اللُّغَة. وقد عَصَبَ كَضَرَب يَعْصِب عُصُوباً ، وقيل : سُمِّيَ مَعْصُوباً لأَنه عَصَب بطْنَه بحَجَرٍ من الجُوع. وفي حَدِيثِ المُغِيرَة : «فإِذا هو مَعْصُوبُ الصَّدْرِ» قيل : كَان مِنْ عَادَتِهِم إِذَا جَاعَ أَحدُهم أَن يَشُدَّ جوفَه بعِصَابة ، ورُبّمَا جَعَلَ تَحْتَها حجَراً.
والمَعْصُوبُ : السَّيْفُ اللَّطِيفُ وقال البَدْرُ القَرَافِيّ : هو من أَسْيَاف رَسُولِ الله صلىاللهعليهوسلم ، فهو مُسْتَدْرَك لِأَنَّه لم يُذْكَر مع أَسْيَافِ رَسُولِ اللهِ صلىاللهعليهوسلم في كُتُب السِّيَر ، وقد بَسَط ذَلِك شيخُنَا في هَذِه المادة وفي «ر س ب».
وتَعَصَّبَ أَي شَدَّ العِصَابَةَ. وتَعَصَّب : أَتَى بالعَصَبِيَّة ، مُحَرَّكَة ، وهو أَنْ يَدْعُوَ الرّجلُ إِلى نُصْرَةِ عَصَبَته والتَّأَلُّبِ مَعَهم على من يُنَاوِئهم ظَالِمين كَانُوا أَوْ مَظْلُومِين ، وقد تَعَصَّبُوا عَلَيْهُم إِذا تَجَمَّعُوا ، وفي الحَدِيثِ : «العَصَبِيُّ مَنْ يُعِين قومَه على الظُّلْم». وقيل : العَصَبِيُّ هُو الَّذِي يَغْضَب لعَصَبَته ويُحَامِي عَنْهم. والتَّعَصُّبُ : المُحَامَاةُ والمُدَافَعَة وتَعَصَّبْنَا له ومَعَه : نَصْرْنَاه.
وتَعَصَّبَ : تَقَنَّعَ بالشَّيْءِ ورَضِيَ بِهِ ، كاعْتَصَبَ بِهِ.
ويقال : عَصَّبَهُ تَعْصِيباً إِذَا جَوَّعَه وعَصَّبَتْهُم السِّنونَ تَعْصِيباً : أَجاعَتْهُم ، فهو مُعَصَّب ، أَي أَكلت مالَه السِّنُونَ (٨) وعَصَّبَ الدهرُ مالَه : أَهْلَكُه.
__________________
(١) في المقاييس : جهام وقرّ.
(٢) زيادة عن اللسان.
(٣) في الأساس : عصب القوم بفلان.
(٤) في اللسان : والعصاب والعصابة.
(٥) في الأصل : «جدبها» وما أثبتناه عن اللسان.
(٦) عن اللسان وبالأصل «حبيبة».
(٧) زيادة عن اللسان.
(٨) يعني أنها ذهبت بماله فصار بمنزلة الجائع الذي يلجأ إلى التعصب بالخرق. عن المقاييس.