والأَرَبُونُ مشتَقٌّ من الأُرْبَةِ وهو العُقْدَة ؛ لأَنَّه به يَكُون انْعِقَادُ البَيْع ، وسَيَأْتِي. وهو ما عُقِدَ بِهِ المُبَايَعَةُ ، وفي بَعْضِ (١) البيعة مِنَ الثَّمَنِ ، أَعجميّ عُرِّب. وفي الحديث «أَنَّه نَهَى عَنْ بَيْعِ العُرْبَانِ» وهو أَن يَشْتَرِيَ السِّلْعَةَ ويَدْفَع إِلى صَاحِبها شيئاً على أَنَّه إِن أَمْضَى البَيْعَ حُسِب من الثَّمَن ، وإن لم يُمْضِ البَيْعَ كان لِصَاحِبِ السِّلْعَة ، ولم يَرْتَجِعْه المُشْتَرِي. يقال : أَعْرَبَ في كَذَا وَعَرَّبَ وعَرْبَنَ وهو عُرْبَانٌ وعُرْبُون (٢).
وفي المصباح : وهو القَلِيلُ من الثَّمَن أَو الأُجْرَة يُقَدِّمُه الرجلُ إِلى الصانع أَو التاجرِ ليَرتَبِطَ العقْدُ بينَهما حتى يَتَوَافَيا بعد ذَلِك (٣) ، ومِثْلُه في شُرُوح الفَصِيح فكَمَا أَنَّه يكونُ في البيع يكون في الإِجَارَة ، وكَأَنَّه لمَّا كان الغَالِبُ إِطلاقَه في البيع اقتَصَروا عليه فيه ، قاله شيخُنَا.
وفي لسان العرب : سُمِّيَ بذلكَ لأَنَّ فيه إِعْرَاباً لعَقْد البيع ، أَي إِصلاحاً وإِزَالة فَسَادٍ ؛ لئلا يَمْلِكَه غيرُه باشتِرائِه ، وهو بَيْعٌ باطلٌ عند الفُقَهَاء ، لِمَا فِيهِ من الشَّرْط والغَرَر ، وأَجازه أَحْمَدُ. ورُوِيَ عن ابْنِ عُمَرَ إِجَازَتُه. قال ابنُ الأَثير : وحَدِيثُ النَّهْي مُنْقَطِع وفي حَدِيثِ عُمَر «أَنَّ عَامِلَه [بمكة] (٤) اشتَرَى دَاراً للسِّجْنِ بأَرْبَعَةِ آلَاف ، وأَعْرَبُوا فِيهَا أَربَعمِائة» أَي أَسْلَفُوا ، هذه عِبَارَة لِسَانِ العَرَب بعَيْنِها ، فلا اعْتِدَادَ بما قَالَه شيخُنَا ونَسَبَ ابْن مَنْظُور إِلى القُصُور.
وعَرَبَانُ مُحَرَّكَةً : د بالخَابُورِ. وكَسَحَابة : عَرَابَةُ بْنُ أَوْسِ بن قَيظِيّ بْنِ عَمْرو بْنِ زَيْد بن جُشَم بنِ حَارِثة من بَنِي مَالِكِ بْنِ الأَوْس ثم مِن بَنِي حَارِثَة منهم. قال ابنُ حِبّان : له صُحْبَة. وقال ابنُ إِسْحاق : استَصْغَرَه النَّبِيُّ صلىاللهعليهوسلم والبراءَ بْنَ عَازِب وغيرَ وَاحِد فَردَّهم يومَ أُحُد ، أَخرجه البُخَارِيّ في تَارِيخه من طَرِيق ابْنِ إِسحاق. حدَّثني الزُّهْرِيّ عن عُروة بْنِ الزُّبَيْرِ بِذَلِك ، كذا في الإِصَابة كَرِيمٌ م أَي معروف قاله ابنُ سَعْد. وفيه يقولُ الشَّمَّاخُ بنُ ضِرارٍ المُرِّيُّ ، كذَا في الإِصَابَة والكَامِلِ للمُبرِّد ، والَّذِي في الصَّحَاح أَنَّه للحُطَيْئة :
إِذَا مَا رَايَةٌ رُفِعَت لمَجْدٍ |
تَلَقَّاهَا عَرَابَةُ باليَمِينِ (٥) |
ويَعْرُبُ كيَنْصُر بْنُ قَحْطَانَ : أَبُو قَبَائِلِ اليَمَنِ كُلَّهَا. قِيلَ : هو أَوَّلُ مَنْ تكلَّم بالعَرَبِيَّة وَبَنُوه العَرَبُ العَارِبَة ، قيل : وبهِ سُمِّي العربُ عَرَباً ، ونقل شيخُنَا عن ابْنِ دُرَيْد في الجَمْهَرَةِ سُمِّيَ يَعْرُبَ بْنَ قَحْطَان ؛ لأَنَّه أَوَّلُ من انْعَدَل لِسَانُه عن السرْيَانِيَّةِ إِلَى العَرَبِيَّة. وقال مُحَمَّدُ بْن سَلَّام الجُمَحِيّ في الطَّبَقَات : قال يُونُس بْنُ حَبِيب : أَوَّل مَنْ تَكَلَّم بالعَرَبِيَّة إِسمَاعِيلُ عليهِ السَّلام.
ثُمَّ قَال مُحَمَّدْ بْنُ سَلَّام : أَخبَرنِي مِسْمَعُ بْنُ عَبْدِ المَلِك أَنَّه سَمِعَ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيّ يقول : أَوَّلُ من تَكَلَّم بالعربية ونَسِي لِسَان أَبِيه إِسماعِيلُ عليهالسلام ، وأَخرَجَ الحاكِم في المُسْتَدْرَك وصَحَّحه والبَيْهَقِيُّ في شعب الإِيمان من طَرِيق سُفَيَان الثَّوْرِيّ عن جَعْفَر بْنِ مُحَمَّد عن أَبِيه عن جَابِر «أَنَّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم تَلَا (قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٦) ثم قَالَ : أُلْهِمَ إِسمَاعِيلُ هَذَا اللِّسَان العَرَبِيّ إِلْهَاماً.
وقال الشِّيرَازيُّ في الأَلْقَاب : أَولُ من فُتقَ لِسَانُه بالعَرَبِيَّة المُبِينَة إِسْمَاعِيلُ عليه السَّلَام وهُوَ ابنُ أَربَعَ عَشْرَةَ سَنَة.
قال شَيْخُنَا : ولهم كَلَامٌ طَوِيل ، الأَشهَرُ منه القَوْلَانِ المَذْكُورَان. ووُفِّق بينَهُما بأَنَّ يَعْرُبَ أَوّلُ مَنْ نَطَق بمَنْطق العَرَبِيَّة ، وإِسْمَاعيل هو أَوّلُ مَنْ نَطق بالعَرَبِيَّة الخَالصَة الحِجَازِيَّة التي أُنْزِلَ عَلَيْهَا القُرآنُ ، انتهى.
وبَشِيرُ بْنُ جَابِرِ بْنِ عُرَاب بن عَوْفٍ كغُرَاب : صَحَابِيٌّ شَهِدَ فتح مصر. وعُرَابِيُّ بْنُ مُعَاوِيَة بن عُرَابِيٍّ بالضَّمِّ الحَضْرَمِيُّ : من أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ كُنْيَتُه أَبو زَمْعَة وقيل : أَبو
__________________
(١) بهامش المطبوعة المصرية : قوله وفي بعض لعله وفي بعض النسخ.
(٢) زيد في اللسان والنهاية : وعَرَبون.
(٣) عبارة المصباح : هو أن يشتري الرجل شيئاً أو يستأجره ويعطي بعض الثمن أو الأجرة ثم يقول إن تم العقد احتسبناه وإلا فهو لك ولا آخذه منك.
(٤) زيادة عن النهاية.
(٥) قال في أسد الغابة (ترجمته) : وذكر ابن قتيبة والمبرد أن عرابة لقي الشماخ الشاعر وهو يريد المدينة فسأله عما أقدمه المدينة فقال : أردت أمتار لأهلي وكان معه بعيران فأوقرهما له تمراً وبراً وكساء وأكرمه فخرج من المدينة وامتدحه بالقصيدة التي يقول فيها :
رأيت عرابة الأوسي يسمو |
إلى الخيرات منقطع القرين |
|
إذا ما راية رفعت لمجد |
تلقاها عرابة باليمين |
|
إذا بلغتني وحملت رحلي |
عرابة فاشرقي بدم الوتين |
(٦) سورة فصلت الآية ٣.