وَمَكْنُ الضِّبَابِ (١) طَعَامُ العُرَيْ |
بِ لَا تَشْتَهِيه نفوسُ العَجَمْ |
صَغَّرهم تَعْظِيماً ، كما قَالَ : أَنَا جُذَيْلُهَا المُحَكَّك وعُذَيْقُهَا المُرَجَّبُ وَهُمْ سُكَّانُ الأَمْصَار أَو عَامٌّ كما في التَّهْذِيب.
والأَعْرَابُ مِنْهم أَي بالفَتْح هم سُكَّانُ البَادِيَةِ خَاصَّة ، والنِّسبَةُ إِليه أَعْرَابِيٌّ ؛ لأَنَّه لَا وَاحِدَ لَهُ كما في الصَّحَاح ، وهو نَصُّ كَلَامِ سِيبَوَيْهِ. والأَعْرَابِيُّ : البَدَوِيّ ، وهم الأَعْرَابُ. ويُجْمَعُ على أَعَارِيبَ ، وقد جَاءَ في الشِّعْر الفَصِيحِ ، وقِيل : ليس الأَعْرَابُ جمعا لعَرَب كما كان الأَنباطُ جمعاً لنَبَطٍ وإِنَّما العَرَبُ اسمُ جنس. والعَرَبُ العَارِبَة هم الخُلَّص منهم ، وأُخِذَ من لَفْظِه فأُكِّد بِهِ كَقَوْلك ليلٌ لَائِلٌ. تَقُول : عَرَبٌ عَارِبَةٌ وعَرْبَاءُ وعَرِبَةٌ ، الأَخِيرُ كَفَرِحَةٍ ، أَي صُرَحَاءُ ، جمعُ صَرِيحٍ وهو الخَالِص وعَرَبٌ مُتَعَرِّبَةٌ ومُسْتَعْرِبَةٌ : دُخَلَاءُ ليسُوا بخُلَّصِ.
قال أَبُو الخَطَّابِ بْنُ دِحْيَةَ المعروفُ بِذِي النَّسَبَيْنِ : العربُ أَقْسَامٌ : الأَوَّلُ عَارِبَة وعَربَاءُ وهم الخُّلَّصُ ، وهم تسْع قَبَائِل من وَلَد إِرمَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوح ، وهي عَادٌ وثمودُ وأُميم وعَبِيل وطَسْم وجَدِيس وعِمْلِيق وجُرْهُم وَوَبار ، ومنهم تَعَلَّم إِسماعِيلُ عَليه السلام العربيةَ.
والقِسْمُ الثَّانِي المُتَعَرِّبَة ؛ وهم بَنُو إِسْمَاعِيل. وَلَدُ مَعَدّ بْنِ عَدْنَان بْنِ أُدَد.
وقال ابن دُرَيْد في الجَمْهَرَة : العرب العَارِبَة سبعُ قَبَائِل : عَادٌ ، وثَمُودٌ ، وعِمْلِيق ، وطَسْم ، وجَدِيس ، وأُميم ، وجَاسِم.
وقد انْقَضَى الأَكْثَرُ إِلّا بقايا مُتَفَرّقِين في القَبَائِل (٢). نظُر في تَاريخ ابْنِ كَثِير والمُزْهِرِ.
وَعَرَبٌّي بَيِّنُ العُرُوبَةِ والعُرُوبِيَّة بضَمِّهما ، وهُمَا من المَصَادر التِي لا أَفْعَالَ لَهَا ، وحكى الأَزْهَرِيّ : رجلٌ عَرَبِيٌّ إِذَا كَانَ نسبُه في العَرَب ثَابتاً وإِن لم يَكُن فَصِيحاً ، وجمعه العَرَبُ ، أَي بحَذْفِ اليَاءِ (٣). ورجُلٌ مُعْرِبٌ إِذَا كَانَ فَصِيحاً وإِن كان عَجَمِيَّ النَّسبِ. ورجلٌ أَعْرَابِيٌّ بالأَلف إِذَا كان بَدَوِيًّا صاحِبَ نُجْعَةٍ وانْتِوَاءٍ وارتِيَادٍ لِلْكَلإِ وتَتَبُّعِ مَسَاقِطِ (٤) الغَيْثِ ، وسَواءٌ كَانَ من العَرَبِ أَو مِن مَوَالِيهِم ، ويُجْمَعُ الأَعْرَابِيُّ على الأَعْرَابِ والأَعَارِيبِ.
والأَعْرَابِيُّ إِذَا قِيلَ له يا عَرَبِيُّ فَرِح بذلِك وهَشَّ.
والعَرَبِيُّ إِذَا قيل له يا أَعْرَابِيُّ غَضِبَ. فمَنْ نزل البادِيَةَ أَو جَاوَرَ البَادِين فظَعَن (٥) بظَعْنِهم وانْتَوَى بانْتِوَائِهم فَهُمْ أَعرابٌ ، ومَنْ نَزَل بلاد الرِّيفِ واستَوطَن المُدُن والقُرَى العَرَبِيَّةَ وغيرَها مما (٦) يَنْتَمِي إِلَى العَرَب فهم عَرَبٌ وإِنْ لم يَكُونُوا فُصَحَاء.
وقولُ الله عَزَّ وَجَلّ : (قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنّا) (٧) هَؤُلَاء قَوْمٌ مِن بَوَادِي العَرَب قَدِمُوا على النَّبِيّ صلىاللهعليهوسلم المدينةَ طمعاً في الصَّدَقَات لا رغبَةً في الإِسْلَام فسَمَّاهم اللهُ الأَعْرَابَ فقال : (الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً) (٨) الآية.
قال الأَزْهَرِيّ : والذِي لا يُفَرِّق بين العَرَب والأَعْرَاب والعَرَبِيِّ والأَعْرَابِيّ رُبَّما تَحَامَلَ عَلَى العَرَب بما يَتَأَوَّلُه في هَذِه الآيَة وهو لا يُمَيِّز بَيْنَ العَرَب والأَعْرَابِ ، ولا يَجُوزُ أَن يُقَال للمُهَاجِرِين والأَنْصَارِ أَعْرَابٌ إِنّما هم عَرَبٌ لَأَنَّهم استَوْطَنُوا القُرَى العَرَبِيَّة وسَكَنُوا المُدُنَ سواءٌ منهم النَّاشِيءُ (٩) بالبَدْوِ ، ثمَّ استَوْطَنَ القُرَى ، والنَّاشِيءُ بمَكَّة ثم هَاجَرَ إِلى المَدِينَة. فإِنْ لَحِقَت طائِفَةٌ منهم بأَهْلِ البَدْوِ بَعْدَ هِجْرَتِهم واقْتَنَوْا نَعَماً وَرَعَوْا مَسَاقِطَ الغَيْثِ بعد مَا كَانُوا حَاضِرَةً أَو مُهَاجِرَةً ، قِيلَ : قَدْ تَعَرَّبُوا ، أَي صَارُوا أَعراباً بَعْدَ مَا كَانُوا عَرَباً. وفي الحَدِيثِ. «تَمَثَّلَ في خُطْبَتِهِ :
__________________
(١) المكن بالفتح ككتف : بيض الضبة والجرادة ونحوهما ومنهم من خصها بالضباب والبيت في اللسان وقبله أبيات منها :
وما في البيوض كبيض الدجاج |
وبيض الجراد شفاء القرم |
(٢) في جمهرة ابن حزم قال في العرب العاربة : فقد بادوا ، فليس على أديم الأرض أحد يصحح أنه منهم ، إلا أن يدّعي قوم ما لا يثبت.
(٣) كما يقال : رجل مجوسي ويهودي والجمع بحذف ياء النسبة المجوس واليهود.
(٤) في اللسان : لمساقط.
(٥) اللسان : وظعن.
(٦) اللسان : ممن.
(٧) سورة الحجرات الآية ١٤.
(٨) سورة التوبة الآية ٩٧.
(٩) في المطبوعة الكويتية : «الناشي».