وشَاهدُ العَاذِب انْظُره فِي الفَرْق.
والعذْبَةُ بِالفَتْحِ والعَذَبَةُ بالتَّحْرِيكِ والعَذِبَةُ بكَسْرِ الثَّانِيَة ، الأَوْجُه الثَّلَاثَةُ في لِسَانِ العَرَب ونُقل عنِ ابْنِ الأَعْرَابِيِّ الوَجْهُ الأَوَّلُ (١) وقَالَ : هِيَ الكُدْرَةُ مِنَ الطُّحْلُب والعَرْمَض ونَحْوِهِمَا ، وقِيلَ (٢) : هي الطُّحْلُب نَفْسُه والدِّمْن يَعْلُو المَاءَ. ويُقَالُ مِنْه : مَاءٌ عَذِبٌ كَكَتِف وذُو عَذَب أَي مُطَحْلِبٌ أَي كَثِيرُ القَذَى والطُّحْلُبِ. قَالَ ابْن سِيدَه : أُرَاهُ عَلَى النَّسَبِ ، لأَنِّي لَمْ أَجِد لَهْ فِعْلاً.
وأَعْذَبَه أَي الحَوْضَ نَزَعَ طُحْلُبَه ومَا فِيهِ مِنَ القَذَى وكَشَفَه عَنْهُ. والأَمْرُ مِنْهُ : أَعْذِبْ حَوْضَك. ويُقَال : اضْربْ عَذَبَةَ الحَوْضِ حَتَّى يَظْهَرَ المَاءُ ، أَي اضْرِب عَرْمَضَه.
وأَعْذَبَ القَوْمُ عَذُبَ مَاؤُهُم.
والعَذِبَةُ بِكَسْرِ الذَّالِ المُعْجَمَة عَن اللِّحْيَانِيّ ، وَهُوَ أَرْدَأُ مَا يَخْرُجُ مِن الطَّعَامِ فَيُرْمَى بِهِ. والعَذِبَة والعَذْبَةُ (٣) بالوَجْهَين : القَذَاةُ ، وقِيلَ : هي القَذَاة تَعْلُو المَاءَ ، ويُقَالُ : مَاءٌ لا عَذِبَةَ فِيهِ ، أَي لا رِعْيَ فِيهِ وَلَا كَلأَ. وكُلُّ غُصْنٍ (٤) عَذَبةٌ وعَذِبَةٌ.
والعَذِبَةُ : ما أَحَاطَ مِنَ الدِّرَّةِ بِكَسْرِ الدَّالِ المُهْمَلَةِ وتَشْدِيدِ الرَّاءِ ، هكَذَا في نُسْخَتِنا. وفي أُخْرَى : مَا أَحَاطَ بالدَّبْرَةِ ، بفَتْح فَسُكُون ، وهكَذَا في المُحْكَمِ وغَيْرِهِمَا.
والعَذَبَةُ : أَحَدُ عَذَبَتِي السَّوْطِ.
ويقال : فُلَانٌ مَفْتونٌ بالأَعْذَبَيْنِ ، الأَعْذَبَان : الطَّعَامُ والنِّكَاحُ أَوِ الرِّيقُ وفي الأَسَاسِ : الرُّضَابُ والخَمْرُ ، قال ابْنُ مَنْظُور : وذلِكَ لِعُذُوبَتِهَما.
والعَذَابُ : النَّكَالُ والعُقُوبَة. وقولهُ تَعَالَى : (وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ) (٥) قَالَ الزَّجَّاجُ : الَّذِي أُخِذُوا بِهِ الجُوعُ.
وقَالَ شَيْخُنَا نَقْلاً عَنْ أَهْلِ الاشْتِقَاق : إِنَّ العَذَابَ في كَلَامِ العَرَب مِنَ العَذْب وَهُوَ المَنْع ، يقال : عَذَبْتُه عَنْه أَي مَنَعْتُه ، وعَذَب عُذُوباً أَي امْتَنَعَ ، وسُمِّيَ المَاءُ الحُلْوُ عَذْباً لمَنْعِه العَطَش ، والعَذَابُ عَذَاباً لمَنْعِهِ المُعَاقَبَ من عَوْدِهِ لِمِثْلِ جُرْمِه ، ومَنْعِه غَيْرَه مِنْ مِثْلِ فِعْلِه. قلت : وهو كَلَام حَسَنٌ (٦) ج أَعْذِبَةٌ ، هَذَا قَوْلُ الزَّجَّاجِ وسَيَأْتِي للمُصَنِّف في «ن ه ز» أَنَّ العَذَابَ لا يُجْمع بالكُلِّيَّة وإِن قَالَ بَعْضٌ : إِنَّ جَمْعَه كذلِك قِيَاسِيٌّ ، كَطَعَام وأَطْعِمَة ، لا يَتَوَقَّف عَلَى سَمَاع ، فَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِر ، لأَنَّ الطَّعَامَ أَصْلُه مَصْدَر ، وصَارَ اسْماً لِمَا يُؤْكَلُ ، ولَيْسَ العَذَابُ كَذلِك ، قَالَهُ شَيْخُنَا. قلتُ : وإِذَا كَانَ العَذَابُ اسْماً لِمَا يُعَذَّب بِهِ ، كَالْجُوعِ ، عَلَى مَا قَدَّمْنَا عَن الزَّجَّاج ، فلا مَانعَ عَنْ أَنْ يُجْمَعَ عَلَى أَعْذِبَةٍ ، فَتَأَمَّل. قال الزَّجَّاجُ في قَوْلِهِ تَعَالَى : (يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ) (٧) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : تُعَذَّبُ ثَلَاثَةَ أَعْذِبَةٍ. قَالَ ابْنُ سِيدَه. فلا أَدْرِي أَهَذَا نَصُّ قَوْلِ أَبِي عُبَيْدَةَ أَم الزَّجَّاج استَعْمَلَه وقد عَذَّبَه تَعْذِيباً ولم يُسْتَعْمَل غَيْر مَزِيدٍ. قَالَ ابْنُ مَنْظُورٍ : واسْتَعَارَ الشَّاعِر التَّعْذِيب فِيمَا لَا حِسَّ لَهُ فَقَالَ :
لَيْسَتْ بِسَودَاءَ مِن مَيْثَاءَ مُظْلِمَةٍ |
ولم تُعَذَّبْ بإِدْنَاءٍ مِنَ النَّارِ |
وَفِي الحَدِيثِ «أَنَّ المَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِه عَلَيْهَ». قال ابنُ الأَثِيرِ : يُشْبه أَنْ يَكُونَ هَذَا مِن حَيْثُ إِنَّ العَرَب كَانُوا يُوصُون أَهْلَهم بالبُكَاءِ والنَّوْح عَلَيْهم وإِشَاعَة النَّعْيِ في الأَحْيَاء ، وكَانَ ذلِكَ مَشْهُوراً مِنْ مَذَاهِبهم ، فالمَيِّتُ تَلْزَمُهُ العُقُوبَةُ في ذلِكَ ، بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَمْرِهِ بِه. وقال ابن بُزُرْج : عَذَّبْتُه عَذَابَ عِذَبِينَ.
وأَصَابَه مِنِّي عَذَابُ عِذَبِينَ كبِلَغِينَ أَي بِكَسْرِ فَفَتْح فَكَسْر ، وكَذلِك أَصَابَه العَذَبُوب (٧) أَي لا يُرْفَع عَنْه العَذَابُ.
والعَذَّابُ كَكَتَّان : فَرَسُ البَدَّاء بْنِ قَيْس ، وفي نُسْخَةٍ البَرَاء بِالرَّاءِ والأُولَى الصَّوَابُ.
__________________
(١) في اللسان عن ابن الأعرابي : العَذَبَة بالفتح. وضبطت ضبط قلم.
(٢) في اللسان : والعَذْبَة.
(٣) العَذْبَة بسكون الذال ، ضبطت في المحكم بفتحها.
(٤) عن اللسان ، وبالأصل «غض».
(٥) المؤمنون الآية ٨٦.
(٦) قال الراغب في المفردات في العذاب : واختلف في أصله فقال بعضهم : هو من قولهم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم ... فالتعذيب في الأصل هو حمل الإنسان أن يعذب أي يجوع ويسهر ، وقيل أصله من العذب فعذبته أي أزلت عذب حياته ، وقيل أصل التعذيب إكثار الضرب بعذبة السوط. وقد قال بعض أهل اللغة : التعذيب هو الضرب.
(٧) كذا بالأصل ، وفي اللسان : أصابه مني العذَبُون.