هكَذَا في المُحْكَم والصَّحاح. وسَمع شَيْخُنَا عَن شَيْخِه ، «لَبَّدَهُ النَّدَى» بَدَل «يَضْرِبُه النَّدَى» ، والنَّدَى الأَول : المَطَرُ الخَفيفُ : والثَّانِي بِمَعْنَى الشَّحْم ، وأَنْشَدَ الأَزْهَرِيّ :
وأَقْفَرَ المُودِسُ مِنْ عَدَابِهَا
يَعْنِي الأَرْضَ الَّتِي قد أَنْبَتَتْ أَوَّل نَبْت ثُمَّ أَيْسَرَت.
وعَدَابٌ : ع.
والعَدَابَةُ ، كسَحَابَةٍ : الرَّحِمُ ، قال الفَرَزْدَقُ :
وكُنْتُ كَذَاتِ العَرْكِ (١) لَمْ تُبْقِ مَاءَهَا |
ولا هِيَ مِنْ مَاءِ العَدَابَةِ طَاهِرُ |
وقد رُوِيت العَذَابَة بالذَّالِ المُعْجَمَة وهَذَا البَيْتُ أَوْرَدَه الجَوْهَرِيّ :
وَلَا هيَ ممَّا بِالْعَدَابَةِ طَاهِرُ.
قال ابن مُكَرَّم : وكَذِلِكَ وَجَدْتُه فِي عِدِّة نُسَخٍ. قُلْتُ : وَجَدْتُ أَيْضاً في هَامِش نُسْخَتِي مِنْ لِسَانِ الْعَرَب : والعَدَابَة : مَاءُ الرَّحِم ، والعَدَابَةُ : الرَّكَبُ ، مُحَرَّكَةً : مَنْبِتُ الْعَانَةِ ، وقَدْ تَقَدَّمَ ، ولَمْ يَذْكُره غَيْرُ المُؤَلِّف. قُلْتُ : ويُمْكِنُ أَنْ يُفَسَّر بِهِ البَيْتُ السَّابِقُ عَلَى رِوَايَةِ الجَوْهرِيّ.
والعَدُوبُ ، كَصَبُور : الرَّمْلُ الكَثِيرُ.
وقَالَ الأَزْهَرِيُّ : العُدَبِيُّ كعُرَنِيٍّ مِنَ الرِّجَالِ : الكَرِيمُ الأَخْلَاقِ أَوْ مَن لَا عَيْبَ فِيهِ ، قال كَثِيرُ بْنُ جَابِرٍ المُحَارِبِيُّ لَيْسَ كُثَيِّر عَزَّةَ :
سَرَتْ مَا سَرَت (٢) فِي لَيْلِهَا ثُمَّ عَرَّسَتْ |
إِلَى عُدَبِيّ ذِي غَنَاءٍ وذِي فَضْلِ |
قَالَ ابْنُ مَنْظُور : وهَذَا الحَرْفُ ذَكَرَه الأَزْهَرِيّ في تَهْذِيبِه هُنَا في هَذِه التَّرْجَمَة وذَكَرهُ الجَوْهَرِيُّ في صَحَاحِه في تَرْجَمَة عَذَب ، بِالذَّال المعجمة (٣).
[عذب] : العَذْبُ مِنَ الطَّعَامِ والشَّرَابِ ، وفي بَعْضِ النُّسَخ تقديمُ الشَّرَابِ عَلَى الطَّعَام : كُلُّ مُسْتَسَاغٍ.
والعَذْبُ : المَاءُ الطَّيِّبُ. مَاءَةٌ (٤) عَذْبَةٌ ورَكِيَّةٌ عَذْبَةٌ. وفي القُرْآنِ : (هذا عَذْبٌ فُراتٌ) (٥) وعَذُبَ المَاءُ يَعْذُبُ عُذُوبَة فهو عَذْبٌ ، طَيِّبٌ والجَمْعُ عِذَابُ ، بالكَسْرِ وعُذُوبٌ ، بالضَّمِّ. قَالَ أَبُو حَيَّة النُّمَيْرِيّ :
فَبَيَّتْنَ مَاءً صَافِياً ذَا شَرِيعَةٍ |
لَهُ غَلَلٌ بَيْنَ الإِجَامِ عُذُوبُ |
قال ابْنُ مَنْظُور : أَرَادَ بِغَلَلٍ الجنْسَ ، فَلِذَلك جَمَعَ الصِّفَةَ. وَفِي حَدِيث الحجَّاجِ «مَاءٌ عِذَابٌ». يُقَالُ مَاءَةٌ عَذْبَةٌ ، وَمَاءٌ عِذَابٌ ، عَلَى الجَمْعِ ؛ لأَنَّ المَاءَ جِنْسٌ لِلْمَاءَةِ.
والعَذْبُ والعُذُوبُ ، بالضَّمِّ : تَرْكُ الرَّجُلِ والحِمَارِ والْفَرَسِ الأَكْل مِنْ شِدَةِ العَطَشِ فهو لَا صَائِمٌ ولا مُفْطر ، وهو عَاذِبٌ ، والجَمْعُ عُذُوبٌ بالضَّمّ ، وعَذُوبٌ ، كَصَبُور ، والجَمْع عُذُبٌ ، بِضَمَّتَيْنِ. ويُقَالُ لِلْفَرسِ وغَيْرِه : بَاتَ عَذُوباً ، إِذَا لَمْ يَأْكُلْ شيئاً ولم يَشْرَبْ ، قَالَ الأَزْهَرِيُّ : القَوْلُ في العَذُوبِ والعَاذِبِ أَنه الذِي لَا يَأْكُلُ ولا يَشْرَبُ أَصْوَبُ مِنَ القَوْلِ في العَذُوفِ (٦) أَنَّه الَّذِي يَمْتَنِع عَنِ الأَكْلِ لِعَطَشِه.
وأَمَّا قَوْلُ أَبِي عُبَيْد : وجَمْعُ العَذُوبِ عُذُوبٌ فخَطَأٌ ، لأَنَّ فَعُولاً لا يُكَسَّر (٧) عَلَى فُعُولِ. قُلْتُ : هُوَ مِنْ غَرَائِبِ اللُّغَةِ وفَوَائِد الأَشْبَاهِ والنَّظَائِر وَمَنْ حَفِظَ حُجَّةٌ على مَن لم يَحْفَظ.
ثُم قَالَ : والعَاذِبُ مِنْ جَمِيع الْحَيَوانِ : الَّذِي لَا يَطْعَمُ شَيْئَاً ، وقد غَلَب عَلَى الخَيْلِ والإِبِلِ ، والجَمْع عُذُوبٌ كَسَاجِدٍ وسُجُود. وقَالَ ثَعْلَب : العَذُوبُ مِنَ الدَّوَابِّ وغَيْرِهَا : القَائِمُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَه فلا يَأْكُلُ ولا يَشْرَبُ ، وكذَلِكَ العَاذِبُ والجَمْع عُذُبٌ. والعَاذِبُ : الذِي يَبِيتُ لَيْلَة (٨) لَا يَطْعَمُ شَيْئاً.
والعَذْبُ : المَنْعُ ، كالإِعْذَابِ والتَّعْذِيبِ ، عَذَبَه عَنْه عَذْباً ، وأَعْذَبَه إِعْذَاباً ، وعَذَّبَه تَعْذِيباً : مَنَعَه وفَطَمَه عَنِ الأَمْرِ ، وكُلُّ مَنْ مَنَعْتَه شَيْئاً فَقَد أَعْذَبْتَه وعَذَّبْتَه. والعَذْبُ :
__________________
(١) ويروى : «كذات الحيض» والبيت ليس في ديوانه.
(٢) اللسان ، والصحاح «عذب» والمجمل : من ليلها.
(٣) في المطبوعة الكويتية : «المعجمة» تحريف.
(٤) عن اللسان وبالأصل «ماء» وسترد صواباً بعد أسطر.
(٥) سورة الفرقان الآية ٥٣.
(٦) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله العذوف كذا بخطه مصلحة بعد أن كانت عذوب وقد راجعت في مادة ع ذ ف اللسان والقاموس والصحاح فلم أجد فيها العذوف بهذا المعنى والذي فيها باتت الدابة على غير عذوف يعني على غير أكل وشرب».
(٧) في المطبوعة الكويتية : «يُكْسَّر».
(٨) في اللسان : «ليلَهُ».