يَدِينُ : يُطِيعُ. والمَزْرُورُ : الزِّمامُ المَرْبُوطُ بالبُرَةِ ، وهو مَعْنَى قَوْلِه : حَلْقَة مِن الشِّبْهِ ، وهو الصُغْرُ ، أَي يَطِيع هَذِه النَّاقَة زِمَامُهَا إِلَى بُرَةِ أَنْفِها ، كذا في لسان العرب.
ومن المَجَازِ : الطُّبُّ بمعنى السِّحْر. قال ابنُ الأَسْلَتِ :
أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ حَسَّانَ عَنِّي |
أَطُبٌّ كَانَ دَاؤُكَ أَم جُنُونُ |
ورواه سيبويه : أَسِحْرٌ كَانَ طُبُّكَ.
وقد طُبَّ الرَّجُلُ. والمَطْبُوبُ : المَسْحُورُ. قالَ أَبُو عُبَيْدَة : إِنما سُمِّي السِّحْرُ طُبّاً على التفاؤل بالبُرْءِ. ومِثْلُه في النِّهَايَة ، وبِه فُسِّر الحَدِيثُ أَنَّ النَّبيّ صلىاللهعليهوسلم «احْتَجَمَ بقَرْنٍ حينَ طُبَّ» (١). وَيَرى أَبُو عُبَيْد أَنه إِنَّمَا قِيلَ لَهُ مَطْبُوبٌ ؛ لأَنَّه كَنى (٢) بالطّب عن السِّحْر ، كَمَا كَنَوْا عن اللَّدِيغ فَقَالُوا : سَلِيم ، وعن المَفَازَة وهي مَهْلَكَة (٣) فَقَالُوا : مَفَازَة تَفَاؤُلاً (٤) بالفَوْزِ والسَّلَامَةِ. وفي الحَدِيث : «فَلَعَلَّ طَبّاً أَصَابَه» (٥). وفي [حَدِيث] آخر : أَنَّه مَطْبُوبٌ.
والطِّبُّ بالكَسْرِ الطَّوِيَّة (٦) والشَّهْوَةُ والإِرادَةُ. قال :
إِن يَكُنْ طِبُّكِ الفِرَاقَ فإِن ال |
بَيْنَ أَن تَعْطِفِي صُدُورَ الجِمَالِ |
ومن المَجَازِ : الطِّبُّ : الدَّأْبُ والشَّأْنُ والعَادَةُ والدَّهْرُ.
يقَال : ما ذَاكَ بطِبِّي أَي بِدَهْرِي وعَادَتِي وشَأْنِي.
في لسان العرب : وقول فَرْوَة بْنِ مُسَيْكٍ المُرَادِيّ (٧) :
فَإِنْ نَغْلِبْ فَغَلَّابُون قِدْماً |
وإِن نُغْلَبْ فَغَيْرُ مُغَلَّبِينَا |
|
فما إِنْ طِبُّنَا جُبْنٌ ولكِنْ |
مَنَايَانَا وَدَوْلَةُ آخَرِينا |
|
كَذَاكَ الدَّهْرُ دَوْلَتُه سِجَالٌ |
تَكُرُّ صُرُوفُه حِيناً فَحينَا |
يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاه : مَا دَهْرُنَا وشَأْنُنا وعَادَتُنَا ، وأَنْ يَكُونَ مَعْنَاه شَهْوَتَنَا. ومَعْنَى هَذَا الشعر : إِن كانَت هَمْدَانُ ظَهَرَتْ عَلَيْنَا في يَوْم الرَّدْمِ (٨) فغَلَبَتْنَا فَغَيْر مُغَلَّبِين.
والمُغَلَّبُ : الَّذِي يُغْلَبُ مِرَاراً أَيْ لَمْ نُغْلَبْ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً.
والطَّبُّ بالفَتْحِ وحكى ، التَّثْلِيثَ إِمَّا أَصَالَة أَو عَلَى الوَصْفِ بالمَصْدَر وَهُوَ الظَّاهِرُ ، قاله شَيْخنا ، وهُو العَالِم ، قاله أَبُو حَيَّان والطَّبُّ : المَاهِرُ الحَاذِقُ الرَّفِيقُ كما فِي النِّهَايَة.
وقَال ابْنُ سِيدَه في تَفْسِير شِعْرِ ابْنِ الأَسْلَت المُتَقَدِّم ذِكْرُه : والَّذِي عِنْدِي أَنَّه الحِذْقُ ، ومثله قال المَيْدَانِيّ.
وفي لسان العرب : الطَّبُّ : الحَاذِقُ من الرِّجَالِ المَاهِر بعِلْمِه* ، كالطَّبِيبِ أَنْشَدَ ثَعْلَب في صفَة غِرَاسَةِ نَخْل : جَاءَتْ على غَرْسِ طَبِيبٍ ماهِرِ وقد قِيلَ : إِنَّ اشْتِقَاقَ الطَّبِيبِ مِنْهُ ، ولَيْسَ بِقَوِيّ ، وكُلُّ حَاذِقٍ بِعِلْمِهِ (٩) طَبِيبٌ عِنْد العَرَب. ويقَال : فُلَانٌ طَبٌّ بِكَذَا أَي عَالِمٌ بِهِ.
وفي المحكم : وسَمِعْتُ الكِلَابِيَّ يَقُولُ : اعمَلْ في هَذَا عَمَل مَنْ طَبَّ لِمَنْ حَبَّ.
وعَن الأَحْمَر : ومن أَمْثَالِهم في التّنَوُّق في الحَاجَة وتَحْسِينِها (١٠) : «اصنَعْه صَنْعَة مَنْ طَبَّ لِمَنْ حَبَّ» أَيْ صَنْعَة حَاذِقٍ لِمَنْ يُحِبُّه.
وجَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلىاللهعليهوسلم فرَأَى بَيْنَ كَتِفَيْهِ خَاتمَ النُّبُوَّة ، فقال : إِنْ أَذِنْتَ لِي عالجْتُهَا فإِنِّي طَبِيبٌ ، فقال له النَّبِيُّ صلىاللهعليهوسلم : «طَبِيبُهَا الَّذِي خَلَقَهَا لا أَنْتَ» (١١).
وفي حَدِيثِ سَلْمَانَ وأَبِي الدَّرْدَاء : «بَلَغَنِي أَنَّكَ جَعَلْتَ طَبِيباً» الطَّبِيبُ في
__________________
(١) القرن ليس هو المنزل الذي يذكر إنما هو شبيه بالمحجمة. وفي الفائق : قرن : قيل اسم موضع ، وقيل هو قرن الثور جعل كالمحجمة.
(٢) كذا بالأصل وغريب الهروي ، وفي اللسان : كنوا.
(٣) غريب الهروي : المهلكة التي لا ماء فيها.
(٤) في غريب الهروي : «تطيّرا من الهلاك إلى الفوز» كذا ، والصواب ما أثبت فالطير شؤم والشؤم ضد الفأل.
(٥) في النهاية : أي سحراً.
(٦) عن اللسان ، وبالأصل «الطربة».
(٧) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله وقول فروة الخ وقع في بعض نسخ الصحاح نسبته إلى الكميت والصواب ما هنا كما في التكملة قال فيها : وللكميت قصيدة على هذا الوزن والروي أولها : ألا حييت عنا يا مدينا .. وليس هذا البيت منها. ووقع البيت في بعض نسخ الصحاح غير منسوب ..».
(٨) يوم الردم حرب كانت بين محارب بن فهر وبني جمح بن عمرو. وسمي بردم بني جمح بما ردم منهم يومئذ عليه.
(*) عن القاموس : بِعَمَلِهِ.
(٩) اللسان : بعمله.
(١٠) عن اللسان ، وبالأصل «وتحسنها».
(١١) معناه : العالم بها خالقها الذي خلقها لا أنت.