١٣١ ـ قال المفسرون : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عبد الله بن جحش ، وهو ابن عمة النبي صلىاللهعليهوسلم ، في جمادى الآخرة ، قبل قتال بدر بشهرين ، على رأس سبعة عشر شهراً من مقدمه المدينة ، وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين : سعد بن أبي وقّاص الزهري ، وعُكَّاشَة بن محْصَن الأسدي ، وعُتْبة بن غَزْوان السلمي ، وأبا حُذَيْفَة بن عتبة بن ربيعة ، وسُهَيْل بن بيضاء ، وعامر بن ربيعة ، ووَاقِد بن عبد الله ، وخالد بن بُكَيْر ، وكتب لأميرهم عبد الله بن جحش كتاباً وقال : سر على اسم الله ، ولا تنظر في الكتاب حتى تسير يومين ، فإذا نزلت منزلين فافتح الكتاب واقرأه على أصحابك ، ثم امض لما أمرتك ، ولا تستكرهن أحداً من أصحابك على المسير معك ، فسار عبد الله يومين ، ثم نزل وفتح الكتاب فإذا فيه : «بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد ، فسر على بركة الله بمن تبعك من أصحابك حتى تنزل بطن نَخْلَةَ ، فترصَّد بها عير قريش لعلّك أن تأتينا منه بخبر» فلما نظر عبد الله في الكتاب قال : سمعاً وطاعة ، ثم قال لأصحابه ذلك وقال : إنه قد نهاني أن أستكره أحداً منكم ، حتى إذا كان بِمَعْدِن فوق الفُرُع ، وقد أضل سعد بن أبي وقّاص وعُتْبة بن غَزْوان بعيراً لهما كانا يَعْتَقِبَانِه ، فاستأذنا أن يتخلفا في طلب بعيرهما ، فأذن لهما ، فتخلفا في طلبه ، ومضى عبد الله ببقية أصحابه حتى وصلوا بَطْنَ نَخْلة بين مكة والطائف ، فبيناهم كذلك إذ مرت بهم عير لقريش تحمل زبيباً وأَدَماً وتجارة من تجارة الطائف ، فيهم عمرو بن الحَضْرَمِيّ ، والحكم بن كَيْسَان ، وعثمان بن عبد الله بن المغيرة ، ونَوْفل بن عبد الله ، المَخْزُومِيَّان. فلما رأوا أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، هابوهم ، فقال عبد الله بن جحش : إن القوم قد ذعروا منكم ، فاحلقوا رأس رجل منكم فليتعرض لهم ، فإذا رأوه محلوقاً أمنوا وقالوا : قوم عُمَّار ، فحلقوا رأس عُكَّاشَة ، ثم أشرف عليهم فقالوا : قوم عُمَّار لا بأس عليكم. فأمنوهم ، وكان ذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة ، وكانوا يرون أنه من جمادى أو هو رجب ، فتشاور القوم فيهم وقالوا : لئن تركتموهم هذه الليلة ليَدخلُن الحَرَم فليمتنعن منكم ، فأجمعوا أمرهم في مُوَاقَعَة القوم ، فرمى وَاقِد بن عبد الله التَّمِيمِي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ، فكان أول قتيل من المشركين ، واستأسر الحكم
__________________
[١٣١] يتفق مع الحديث السابق.