قال : بمُشْط ومُشَاطَةٍ. قال : وأيْنَ هو؟ قال : في جُفِّ طَلْعَةٍ تحت راعُوفَةٍ في بئر ذَرْوَانَ.
و «الجُفُّ» : قشرُ الطَّلْع. و «الرَّعُوفَةُ» : حجرٌ في أسفل البئر ، يقومُ عليه الماتِحُ.
فانتبَهَ رسولُ الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا عائشةُ! أما شَعَرْتِ أن الله أخبرني بدائي؟! ثم بعث عليا والزُّبيرَ وعَمَّار بن ياسِرٍ ، فنَزَحوا ماء تلك البِئرِ كأنه نُقاعةُ الحِنَّاءِ ، ثم رفعوا الصخرةَ وأخْرجوا الجُفَّ ، فإذا فيه مُشاطَةُ رأسِه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وأسنانُ مُشْطِه ، وإذا [فيه] وَتَرٌ معقودٌ فيه إحدى عشرة عُقْدةً مغروزة بالإبَر.
فأَنزل الله تعالى سورتَيْ المُعَوِّذَتَيْنَ. فجعَل كلَّما قرأ آية انحلَّتْ عُقدةٌ ، ووجَد رسولُ الله صلىاللهعليهوسلم خِفَّةً ، حتى انحلَّتْ العُقدةُ الْأخيرة ، فقام كأنَّما أُنْشِطَ من عِقَالٍ. وجعل جبريلُ ـ عليهالسلام ـ يقول : بسم الله أَرْقيك ، من كل شيء يُؤْذِيك ، ومن حاسدٍ وعينٍ اللهُ يَشفيك!.
فقالوا : يا رسولَ الله! أفلا نؤُم الخبيث؟! فنقتله؟! فقال : أما أنا فقد شفاني الله وأكرهُ أن أثيرَ على الناس شرَّاً.
[فهذا من حِلم رسولِ الله صلىاللهعليهوسلم].
٨٨٣ ـ أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن جعفر ، أخبرنا أبو عَمرو محمدُ بن أحمدَ الحِيرِيُّ ، أخبرنا أحمد بن عليّ المَوْصِليُّ ، أخبرنا مجاهد بن موسى ، أخبرنا أبو أسَامةَ عن هشام بن عُرْوةَ : عن أبيه ، عن عائشةَ ـ رضياللهعنها ـ قالت :
سُحَرِ النبيُّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ حتى إنه لَيُخَيَّلُ إليه أنه فَعَل الشيء ، وما فَعَل. حتى إذا
__________________
[٨٨٣] أخرجه البخاري في الطب (٥٧٦٦).
ومسلم في السلام (٤٤ / ٢١٨٩) ص ١٧٢١.