ويحكى أن سليمان (١) بن يسار علقته بعض نساء المدينة من صميم شرفها وحسنات دهرها ، ودخلت عليه من كل مدخل ، ففر من المدينة فرأى يوسف في المنام فقال له : أنت الذي هممت فقال يوسف : وأنت الذي لم تهم (٢).
٣٠ (قَدْ شَغَفَها حُبًّا) : بلغ حبّه شغاف قلبها (٣) ، كما يقال : رأسه ، ودمغه (٤).
و «الشّغاف» : غلاف القلب جلدة بيضاء (٥).
وقيل : الشّغاف : داء تحت الشّراسيف (٦) أصابها من حبّه ما يصيب من الشغاف.
__________________
(١) هو سليمان بن يسار الهلالي ، المدني ، أحد الفقهاء السبعة.
قال عنه الحافظ ابن حجر في التقريب : ٢٥٥ : «ثقة» ، فاضل ، من كبار الثالثة ، مات بعد المائة».
ترجمته في : طبقات ابن سعد : ٥ / ١٧٤ ، وطبقات الفقهاء للشيرازي : ٦٠ ، وتذكرة الحفاظ : ١ / ٩١ ، وسير أعلام النبلاء : ٤ / ٤٤٤.
(٢) أخرج أبو نعيم نحو هذه الرواية في حلية الأولياء : (٢ / ١٩٠ ، ١٩١) عن مصعب بن عثمان.
وأوردها الحافظ الذهبي في سير أعلام النبلاء : ٤ / ٤٤٦ ، وعقّب عليها بقوله : فإنّ هذا يقتضي أن تكون درجة الولاية أرفع من درجة النبوة وهو محال ؛ ولو قدّرنا يوسف غير نبي فدرجته الولاية ، فيكون محفوظا كهو ؛ ولو غلقت على سليمان الأبواب ، وروجع في المقال والخطاب ، والكلام والجواب مع طول الصحبة لخيف عليه الفتنة وعظيم المحنة ، والله أعلم.
(٣) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ١ / ٣٠٨ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٢١٥.
(٤) قال ابن قتيبة في تفسير غريب القرآن : ٢١٥ : «يقال : قد شغفت فلانا ، إذا أصبت شغافه.
كما يقال : كبدته ، إذا أصبت كبده. وبطنته : إذا أصبت بطنه».
وينظر تفسير الطبري : ١٦ / ٦٣ ، والصحاح ٤ / ١٣٨٢ ، واللسان : ٩ / ١٧٩ (شغف).
(٥) تهذيب اللّغة : ١٦ / ١٧٥ ، واللسان : ٩ / ١٧٩ (شغف).
(٦) الشراسيف : جمع شرسوف بوزن عصفور ، وهو غضروف معلق بكل ضلع مثل غضروف الكتف.
اللسان : ٩ / ١٧٥ (شرسف).
وفي تهذيب اللّغة : ١٦ / ١٧٧ عن الأصمعي : «أن الشغاف داء في القلب ، إذا اتصل بالطحال قتل صاحبه».
وانظر معاني القرآن للزجاج : ٣ / ١٠٥ ، والصحاح : ٤ / ١٣٨٢ (شغف).