عن قلّة. فولّوا ولم يبق مع النبي صلىاللهعليهوسلم إلا نفر دون المائة فيهم العباس وأبو سفيان بن الحارث (١) ، وكان ابن عم رسول الله وأخاه من الرضاعة (٢) ، وكان من أشدّ النّاس عداوة لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يهجوه ويجلب عليه ، ثم أسلم قبل حنين بسنة ، فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «لا أرينّ / وجهه» (٣) ثم رضي عنه يوم [٣٩ / ب] حنين.
٢٨ (بَعْدَ عامِهِمْ هذا) : أي : العام الذي حج أبو بكر وتلا عليّ رضياللهعنهما سورة براءة ، وهو لتسع من الهجرة ، وبعده حجة الوداع.
(وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً) : فقرأ بانقطاع المتاجر (٤).
(فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شاءَ) : شرط الغنى بالمشيئة ، لتنقطع الآمال إلى الله.
٢٩ (قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ) : وأهل الكتاب يؤمنون بهما ، لكن إيمانهم على غير علم واستبصار (٥) ، وبخلاف ما هو
__________________
(١) ثبت ذلك في صحيح البخاري : (٥ / ٩٨ ، ٩٩) ، كتاب المغازي ، باب قول الله تعالى : (وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) ، وصحيح مسلم : ٣ / ١٣٩٨ ، كتاب الجهاد والسير ، باب «في غزوة حنين». عن العباس رضياللهعنه.
وينظر تفسير الطبري : (١٤ / ١٨٢ ـ ١٨٥) ، وتفسير ابن كثير : ٤ / ٦٨ ، والدر المنثور : ٤ / ١٦١.
(٢) أرضعتهما حليمة السعدية ، وتوفي أبو سفيان في خلافة عمر بن الخطاب رضياللهعنه.
ترجمته في الاستيعاب : ٤ / ١٦٧٣ ، وأسد الغابة : ٦ / ١٤٤ ، والإصابة : ٧ / ١٧٩.
(٣) لم أقف على هذا الأثر.
(٤) معاني الفراء : ١ / ٤٣١ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٨٤ ، وتفسير الطبري : ١٤ / ١٩٢.
والمراد بانقطاع المتاجر هو خوف المسلمين من انقطاع قوافل التجارة التي كان المشركون يأتون بها إلى مكة ، فإذا منعوا من دخول مكة انقطعت تلك التجارة.
(٥) معاني القرآن للزجاج : ٢ / ٤٤١ ، ومعاني النحاس : ٣ / ١٩٧.
وقال ابن عطية في المحرر الوجيز : ٦ / ٤٥٥ : «ونفى عنهم الإيمان بالله واليوم الآخر من حيث تركوا شرع الإسلام الذي يجب عليهم الدخول فيه ، فصار جميع مالهم في الله عزوجل وفي البعث من تخيلات واعتقادات لا معنى لها ، إذ تلقوها من غير طريقها ، وأيضا