٢٥ (لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) : أي : خاصة بهم ، ولو كان المعنى عموم الفتنة لكان : «لا تصيب» (١).
٢٦ (تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ) : أي : المؤمنون في أول الإسلام ، أو قريش (٢) ، وكانوا قليلا [أيام] (٣) جرهم (٤) وخزاعة.
٢٧ (لا تَخُونُوا اللهَ) : لا تخونوا مال الله (٥).
__________________
لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر إلا بإذنه ، لأن الله إذا حال بين عبد وقلبه ، لم يفهم العبد بقلبه الذي قد حيل بينه وبين ما منع إدراكه به على ما بينت.
غير أنه ينبغي أن يقال : إن الله عم بقوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) ، الخبر عن أنه يحول بين العبد وقلبه ، ولم يخصص من المعاني التي ذكرنا شيئا دون شيء ، والكلام محتمل كل هذه المعاني ، فالخبر على العموم حتى يخصه ما يجب التسليم له».
(١) قال ابن عطية في المحرر الوجيز : ٦ / ٢٦٢ : «هذه الآية تحتمل تأويلات : أسبقها إلى النفس أن يريد الله أن يحذر جميع المؤمنين من فتنة إن أصابت لم تخص الظلمة فقط ، بل تصيب الكل من ظالم وبريء ... فيجيء قوله : (لا تُصِيبَنَ) على هذا التأويل صفة للفتنة ، فكان الواجب ـ إذا قدرنا ذلك ـ أن يكون اللفظ «لا تصيب» ، وتلطف لدخول النون الثقيلة في الخبر عن الفتنة».
(٢) ورد هذان القولان عند تفسير قوله تعالى : (إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ) في الآية نفسها ويدل عليه قول المؤلف بعد ذلك : وكانوا قليلا أيام جرهم.
أما القول الأول فقد ذكره الطبري في تفسيره : ١٣ / ٤٧٦ ، والماوردي في تفسيره : ٢ / ٩٥ ، والبغوي في تفسيره : ٢ / ٢٤٢. وعزاه ابن الجوزي في زاد المسير : ٣ / ٣٤٣ إلى ابن عباس رضياللهعنهما.
وأما القول الثاني فقد أخرج نحوه الطبري في تفسيره : ١٣ / ٤٧٨ عن قتادة.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٤ / ٤٧ ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر وأبي الشيخ عن قتادة أيضا.
(٣) في الأصل : «أياما» والمثبت في النص عن «ك» و «ج».
(٤) جرهم : بضم الجيم وسكون الراء وضم الهاء : بطن من القحطانية ، رحلوا إلى مكة وأقاموا بها ، وتزوج منهم إسماعيل عليهالسلام.
ينظر المعارف لابن قتيبة : ٢٧ ، واللسان : ١٣ / ٩٧ (جرهم).
(٥) فسّره أصحاب هذا القول بـ «الغنائم».
ذكره الفخر الرازي في تفسيره : ١٥ / ١٥٦ ، وقال : «ويحتمل أن يريد بالأمانة كل ما تعبد به ، وعلى هذا التقدير : فيدخل فيه الغنيمة وغيرها ...».