باعوراء (١) كان عنده اسم الله الأعظم فدعا به على موسى.
(فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) : أتبعته : لحقته ، وتبعته : سرت خلفه (٢) ، أي : لحقه الشّيطان فأغواه (٣).
١٧٦ (أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ) سكن إليها ورضى بما عليها ، وأصله اللزوم على الدوام ، والمخلّد من لا يكاد يشيب أو يتغير.
(أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ) : كل شيء [يلهث] (٤) فإنما يلهث من تعب أو عطش ، والكلب يلهث في كل حال ، فالكافر يتبع هواه أبدا (٥).
__________________
(١) كذا ورد في رواية الطبري عن ابن عباس رضياللهعنهما.
وذكره السهيلي في التعريف والإعلام : ٦١ ، والكرماني في غرائب التفسير : ١ / ٤٢٧.
وقيل : هو بلعم بن أبر ، وقيل : بلعم بن باعر ، وقيل : هو من بني إسرائيل ، وقيل : من الكنعانيين ، وقيل : من العمالقة.
ينظر الاختلاف في اسمه ونسبه في المحبّر لابن حبيب : ٣٨٩ ، وتاريخ الطبري : ١ / ٤٣٧ ، ومروج الذهب للمسعودي : ١ / ٥٢.
وفي التعريف والإعلام للسهيلي : «وأصله من بني إسرائيل ولكنه كان مع الجبارين وكان قد أوتي الاسم الأعظم ، فسألوه أن يدعو على موسى وجيشه فأبى ، فأرى في المنام ألّا يفعل فلم يزالوا به حتى فتنوه ، فقلب لسانه فأراد أن يدعو على موسى فدعا على قومه ، وخلع الإيمان من قلبه ونسي الاسم الأعظم ...».
(٢) تفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ١٧٤ ، وتفسير الماوردي : ٢ / ٧١ ، وزاد المسير : ٣ / ٢٨٩.
(٣) نص هذا القول في تفسير الماوردي : ٢ / ٧١.
وقال الطبري في تفسيره : ١٣ / ٢٦١ : «وقوله : (فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ) يقول فصيّره لنفسه تابعا ينتهي إلى أمره في معصية الله ، ويخالف أمر ربه في معصية الشيطان وطاعة الرحمن».
(٤) ما بين معقوفين عن نسخة «ج».
(٥) تفسير الطبري : ١٣ / ٢٧٣ ، وزاد المسير : ٣ / ٢٩٠.
وقال الزجاج في معاني القرآن : ٢ / ٣٩١ : «ضرب الله عزوجل بالتارك لآياته والعادل عنها أخس مثل في أخسّ أحواله ، فقال عزوجل : (فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ) إذا كان الكلب ـ لهثان ، وذلك أن الكلب إذا كان يلهث فهو لا يقدر لنفسه على ضرّ ولا نفع ، لأن التمثيل به على أنه يلهث على كل حال حملت عليه أو تركته ، فالمعنى : فمثله كمثل الكلب لاهثا. ثم قال : (ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا) وقال : (ساءَ مَثَلاً الْقَوْمُ) ... المعنى : ساء مثلا مثل القوم».