أهلها ، لام العاقبة (١) ، وقيل (٢) : اللام في معنى النفي ، أي : لئلا يقولوا دارست.
١٠٨ (زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ) : أي : العمل المأمور به (٣) ، وقيل : التزيين بميل الطباع إلى ابتغاء المحاسن واجتناب الفواحش.
١٠٩ (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها) : فتح (أَنَّها) (٤) على حذف اللام أي : وما
__________________
(١) ذكره الزجاج في معاني القرآن : ٢ / ٢٨٠ ، وقال : «وهذه اللّام يسميها أهل اللّغة لام الصيرورة ، وهذا كقوله تعالى : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) فهم لم يلتقطوه يطلبون بأخذه أن يعاديهم ولكن كانت عاقبة أمره أن صار لهم عدوا وحزنا. وكما تقول : كتب فلان هذا الكتاب لحتفه ، فهو لم يقصد بالكتاب أن يهلك نفسه ، ولكن العاقبة كانت الهلاك».
وانظر هذا القول في معاني القرآن للنحاس : ٢ / ٤٦٩ ، والتبيان للعكبري : ١ / ٥٢٨ ، والبحر المحيط : ٤ / ١٩٨ ، والدر المصون : ٥ / ٩٣.
(٢) قال الماوردي في تفسيره : ١ / ٥٥١ : «وفي الكلام حذف ، وتقديره : ولئلا يقولوا درست ، فحذف ذلك إيجازا كقوله تعالى : (يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا) : أي : لئلا تضلوا».
(٣) ذكر الزجاج نحو هذا القول في معاني القرآن : ٢ / ٢٨١ ، وردّه.
وأورده النحاس في معاني القرآن : ٢ / ٤٧٢ دون عزو ، وعزاه الماوردي في تفسيره : ١ / ٥٥٢ ، وأبو حيان في البحر المحيط : ٢ / ٢٠٠ إلى الحسن.
قال أبو حيان : «وما فسر به الحسن قد أوضحه بعض المعتزلة ، فقال : المراد بتزيين العمل تزيين المأمور به لا المنهي عنه ، ويحمل على الخصوص ، وإن كان عاما ، لئلا يؤدي إلى تناقض النصوص ، لأنه نص على تزيين الله للإيمان وتكريهه للكفر في قوله : (حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ) فلو دخل تزيين الكفر في هذه الآية في المراد لوجب التناقض بين الآيتين ، ولذلك أضاف التزيين إلى الشيطان بقوله : (فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) فلا يكون الله مزينا ما زينه الشيطان ، فنقول الله يزين ما يأمر به ، والشيطان يزين ما ينهى عنه حتى يكون ذلك عملا بجميع النصوص» انتهى.
قال أبو حيان ـ وأجيب أن لا تناقض لاختلاف التزيين ، تزيين الله بالخلق للشهوات وتزيين الشيطان بالدعاء إلى المعاصي. فالآية على عمومها في كل أمة وفي عملهم».
(٤) على قراءة نافع ، وحمزة ، والكسائي ، وعاصم في رواية حفص كما في السبعة لابن مجاهد ٢٦٥ ، ورجح مكي هذه القراءة في الكشف : ١ / ٤٤٥.