(فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ) : أي : على غم (١) ، كقولك : نزلت به.
والغمّ الأول بما نيل منهم ، والثاني بما أرجف أنّ الرسول قتل (٢).
١٥٤ (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ) : المنافقون ، معتّب (٣) بن قشير وأصحابه ، حضروا للغنيمة فظنوا ظنا جاهليا أنّ الله لا يبتلي المؤمنين للتمحيص والشّهادة (٤).
[٢١ / أ] (إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ) : نصب (كُلَّهُ) على / التأكيد للأمر ، أو على البدل من (الْأَمْرِ) (٥) ، أي : إنّ كلّ الأمر لله. ورفع
__________________
(١) تفسير الطبري : (٧ / ٣٠٤ ، ٣٠٥) ، وتفسير الماوردي : ١ / ٣٤٨.
قال الطبري رحمهالله : «وإنما جاز ذلك ، لأن معنى قول القائل : «أثابك الله غما على غم» ، جزاك الله غما بعد غم تقدمه ، فكان كذلك معنى : (فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍ) ، لأن معناه : فجزاكم الله غما بعقب غم تقدمه ، وهو نظير قول القائل : «نزلت ببني فلان ، ونزلت على بني فلان» ، و «ضربته بالسيف وعلى السيف».
(٢) أخرج الطبري هذا القول في تفسيره : ٧ / ٣٠٦ عن قتادة ، والربيع بن أنس.
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره : ٢ / ٦١٢ (سورة آل عمران) عن قتادة ، وحسّن المحقق إسناده ونقله النحاس في معاني القرآن : ١ / ٤٩٦ عن مجاهد.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٣٥١ وعزا إخراجه إلى ابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف رضياللهعنه.
(٣) معتّب : بضم الميم وفتح العين المهملة وتشديد التاء المكسورة.
وهو معتب بن قشير بن مليل ، من بني عمرو بن عوف.
قال الحافظ في الإصابة : ٦ / ١٧٥ : «وقيل : إنه كان منافقا ، وإنه الذي قال يوم أحد : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا. وقيل : إنه تاب».
ترجمته في الإكمال : ٧ / ٢٨٠ ، والاستيعاب : ٣ / ١٤٢٩ ، وأسد الغابة : ٥ / ٢٢٥.
(٤) أخرج الطبري في تفسيره : ٧ / ٣٢٣ عن الزبير قال : «والله إني لأسمع قول معتب بن قشير ، أخي بني عمرو بن عوف ، والنعاس يغشاني ، ما أسمعه إلا كالحلم حين قال : لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا هاهنا».
وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره : (٢ / ٦١٨ ـ ٦٢٠) عن ابن عباس ، والزبير.
وأورده السيوطي في الدر المنثور : ٢ / ٣٥٣ وزاد نسبته إلى ابن إسحاق ، وابن راهويه ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، والبيهقي عن الزبير رضياللهعنه.
(٥) ذكره الأخفش في معاني القرآن : ١ / ٤٢٥ ، والطبري في تفسيره : ٧ / ٣٢٣ ، ونقله مكي في مشكل إعراب القرآن : ١ / ١٧٧ عن الأخفش.
وانظر تفسير القرطبي : ٤ / ٢٤٢ ، والدر المصون : ٣ / ٤٤٩.