والفضل فيها ظلما وعدوانا وبغيا وأشرا وبطرا (١) ، وبالله إنه ما عاش قوم قط في غضارة (٢) من كرامة (٣) نعم الله في معاش (٤) دنيا ، ولا دائم تقوى في طاعة الله والشكر لنعمه ، فأزال (٥) ذلك عنهم ، إلا من بعد تغيير من أنفسهم ، وتحويل عن طاعة الله (٦) ، والحادث من ذنوبهم (٧) ، وقلة محافظة (٨) ، وترك مراقبة الله ـ جل وعز ـ وتهاون بشكر نعمة (٩) الله ؛ لأن (١٠) الله ـ عزوجل ـ يقول في محكم كتابه : (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ) (١١).
ولو أن أهل المعاصي وكسبة الذنوب إذا هم حذروا زوال نعم (١٢) الله وحلول نقمته وتحويل عافيته (١٣) ، أيقنوا أن ذلك من الله ـ جل ذكره ـ بما كسبت أيديهم ، فأقلعوا (١٤) وتابوا وفزعوا إلى الله ـ جل ذكره ـ بصدق من (١٥) نياتهم ، وإقرار
__________________
(١) الأشر : المرح ـ وهو شدة الفرح والنشاط حتى يجاوز قدره ـ أو البطر ، أو أشد البطر. والبطر : النشاط ، أوالتبختر ، أو قلة احتمال النعمة ، أو كفر النعمة وعدم شكرها ، أو الدهش والحيرة ، أو الطغيان عند النعمة وطول الغنى ، أو كراهة الشيء من غير أن يستحق الكراهية. راجع : النهاية ، ج ١ ، ص ٥١ و ١٣٥ ؛ لسان العرب ، ج ٤ ، ص ٢٠ و ٦٨ ؛ المصباح المنير ، ص ١٥ و ٥١ (أشر) و (بطر).
(٢) الغضارة : النعمة ، والسعة في العيش ، والخصب ، وهو كثرة العشب ورغد العيش. راجع : لسان العرب ، ج ٥ ، ص ٢٣ ؛ القاموس المحيط ، ج ١ ، ص ٦٢٩ (غضر).
(٣) في حاشية «جت» : «كرام». والكرامة : اسم من الإكرام والتكريم ، وهما أن يوصل إلى الإنسان إكرام ، أي نفع لايلحقه فيه غضاضة ، أو أن يجعل ما يوصل إليه شيئا كريما ، أي شريفا. راجع : الصحاح ، ج ٥ ، ص ٢٠٢١ ؛ المفردات للراغب ، ص ٧٠٧ (كرم).
(٤) في «م» وحاشية «د» : «معائش».
(٥) في «جت» : «فما زال».
(٦) في المرآة : «قوله عليهالسلام : وتحويل عن طاعة الله ، أي تحويل أنفسهم عنها. والأظهر : وتحول».
(٧) في «ن» : «دونهم».
(٨) في الوافي : «محافظته».
(٩) في «بح ، جت» وحاشية «د» والبحار : «نعم».
(١٠) في «جت» : «إن».
(١١) الرعد (١٣) : ١١.
(١٢) في «د ، بن ، جد» وحاشية «جت» وشرح المازندراني والوافي : «نعمة».
(١٣) العافية : دفاع الله تعالى عن العبد. الصحاح ، ج ٦ ، ص ٢٤٣٢ (عفا).
(١٤) وفي «بح» : «فاقدموا».
(١٥) في شرح المازندراني : ـ «من».