فقال (١) أبو عبد الله عليهالسلام : «لا تقل هكذا : فما أغرق نزعا (٢) ، ولكن قل : فقد (٣) أغرق نزعا ولا تطيش (٤) سهامي». (٥)
__________________
الهاشميات ، ص ٢٣).
شرح الغريب : «أخلص الله لي هواي» أي : جعل الله تعالى صبي لكم أهل البيت خالصا. وأغرق في النزع ، أي بالغ في مد القوس وجذب وترمى إلى أقصاه ، ثم استعير لمن بالغ في كل شيء (النهاية ، ج ٣ ، ص ٣٦١ «غرق»). وطاش السهم يطيش طيشا : إذا عدل عن الرمية ولم يصب الهدف (المصباح المنير ، ص ٣٨٣ «طيش»).
والمراد أن تأييده تعالى جعله لا يخطىء هدف المودة ، بل يصيب كل ما أراد من مدحهم عليهمالسلام والثناء عليهم ، وإن لم يبالغ في نزع قوس المحبة.
روي أن الكميت أنشد هذه القصيدة الامام الباقر عليهالسلام أيضا ، ودعا له فقال : «اللهم اغفر للكميت». (الأغاني ، ج ١٧ ، ص ٢٤). وفي رواية : «لاتزال مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك وقلت فينا». (إعلام الورى ، ج ١ ، ص ٥٠٩. وفي رجال الكشي ، ص ٢٠٨ ، ح ٣٦٦ نحوه).
وقال أبو رياش القيسي شارح الهاشميات : بلغنا أن الكميت أنشد محمد بن علي بن الحسين عليهالسلام هذا الشعر ، فلما انتهى إلى قوله : «فما اغرق نزعا ولا تطيش سهامي» قال له محمد بن علي عليهالسلام : «من لم يغرق النزع لم يبلغ غايته بسهمه ، ولكن لو قلت : فقد أغرق نزعا ولا تطيش سهامي». (شرح الهاشميات ، ص ٣٧ ـ ٣٨).
وفي رواية ابن شهر آشوب : أن الكميت قال موافقا الامام الباقر عليهالسلام على تصحيحه : يا مولاي أنت أشعر مني في هذا المعنى. (المناقب ، ج ٤ ، ص ٢٠٧).
ويبدو أن الإمام الصادق عليهالسلام قد نهاه عن أن يقول : «فما اغرق نزعا» لما يستبطن هذا القول من معنى التقصير في مدحهم وعدم الاعتناء في مودتهم ، ولذلك غير عليهالسلام العبارة بقوله : «فقد اغرق نزعا ولا تطيش سهامي» وهي أبلغ وأكمل في مقام إظهار المحبة ؛ وذلك لأن الشاعر إذا بالغ في الثناء على ممدوحه خرج عن الحق ، وقد يلجأ إلى الكذب في ما يثبته للمدوح ، كما أن الرامي إذا أغرق نزعا أخطأ الهدف ، لكن المادح لأهل البيت عليهمالسلام لا يطيش سهم مودته عن إصابة الغرض وإن بالغ في مد قوسها إلى حد الكمال ، لأنه يصيب هدف الحق والصدق ، ويكون مطابقا لواقع الحال.
ويحتمل أن يكون غرضه عليهالسلام من التصحيح هو مدح الكميت والثناء عليه ، فكأنه قال : إنك لم تقصر في مدحنا وإظهار مودتنا ، بل تبذل منتهى جهدك وغاية وسعك. وللمزيد راجع : شرح المازندراني ، ج ١٢ ، ص ٢٧٤ ؛ الوافي ، ج ٢٦ ، ص ٥٥٩ ؛ مرآة العقول ، ج ٢٦ ، ص ١٣٧.
(١) في «جت» : + «له».
(٢) في «بن» ورجال الكشي : ـ «فما أغرق نزعا».
(٣) في «م» : «وقد».
(٤) في «ع ، ل ، م ، جد» وحاشية «بن» : «فلا تطيش». وفي «بن» : «فما تطيش».